متابعات منى مجدى(ضوء):أنهت مجموعة من مشايخ قبائل وادعة في ظهران الجنوب، أمس، خلافاً قبلياً بين قبيلتي آل خرصان وآل السحامي ووفقا لصحيفة الشرق تعود تفاصيل القضية إلى أكثر من شهرين، حيث نشب خلاف بين شباب من كلا القبيلتين انتهى بإصابة أحد شباب قبيلة آل السحامي في رأسه، ليدخل إلى المستشفى. بعدها، تدخلت قبيلة آل المحضي من وادعة في القضية للصلح، وبعد مداولات وتقريب لوجهات النظر قبلت قبيلة آل خرصان الصلح، على أن يحكموا هم في القضية حسب العادات والتقاليد المتعارفة بين قبائل المنطقة، وبالفعل حُدد وقت الصلح، صباح أمس، في قرية الجربة بمحافظة ظهران الجنوب، واجتمع صباح اليوم أكثر من 300 شخص من قبائل وادعة، يتقدمهم الشيخ سعد بن عريعر، شيخ شمل قبائل وادعة وآل حيان، ومجموعة من مشايخ وأعيان القبائل هناك. وبعد اكتمال الحضور، توجهت الجموع قاصدة قبيلة آل السحامي في قرية الجربة التي يسكنها الشاب المجني عليه، وعندما تقابلت الصفوف، تقدم الشيخ ابن عريعر، وأثنى على آل السحامي لقبولهم الصلح، مؤكداً أن ذلك يزيدهم رفعة ومكانة، ثم بين أن بيد قبيلة آل خرصان 50 ألفاً، وقعوداً، وهو ما يعرف عند أهالي المنطقة بـ«المثار»، مضيفاً أن آل خرصان، ومن حضر معهم من القبائل، محكمون آل السحامي بما يرضيهم، بعدها طلبت قبيلة آل السحامي قبل حكمهم يميناً، وبعدها حكمت قبيلة آل السحامي على قبيلة آل خرصان بدفع مبلغ مليوني ريال، وهنا تدخل الحضور لطلب العفو، وبعد مداولات استمرت أكثر من ساعتين اجتمعت قبيلة آل السحامي لتعلن العفو عن قبيلة آل خرصان لوجه الله، ودون أي مقابل مادي، ورفعت الرايات البيضاء لآل السحامي، حسب عادات القبائل هناك، وأُسدل الستار على القضية، وتصافح الجميع في مشهد أخوي من الألفة والمحبة التي تبادلتها القبيلتان. صفة والعفو يعنى: المحو، والإزالة. يُقال: عفت الدِّيار: إذا درست، وذهبت آثارها، وفي العرف: ترك المكافأة عند المقدرة قولًا وفعلًا، وقيل: هو السكون عند الأحوال المحركة للانتقام، فعلى هذا: العفو في حق الله تعالى عبارة عن إزالة آثار الذنوب بالكلية فيمحوها من ديوانِ الكرامِ الكاتبين، ولا يُطالبُهُ بـها يومَ القيامة، ويُنسيها من قلوبِـهم لئلا يخجلوا عند تذكيرها، ويُثبتُ مكانَ كلِ سيئةٍ حسنةً، والعفو أبلغ من المغفرة؛ لأنَّ الغفرانَ يُشعرُ بالسِترِ، والعفوُ يُشعرُ بالمحوِ، والمحوُ أبلغُ من السِترِ، والعفو من أخلاق الأنبياءِ، والعلماءِ، والأصفياءِ، وقد جاءَ في العفوِ آياتٌ بينات محكمات منها: قال الله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور:22] وقال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [الفرقان:63] وقال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] ومما يُحكَى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه: أنه دعا غلامًا له؛ فلم يجبه، ودعاه ثانيًا، فلم يجبه، وهكذا ثالثًا، فقام إليه، فرآه مضطجعًا، فقال: يا غلام! أما سمعت الصوت؟ فقال: بلى سمعت! قال: فما منعك من الإجابة؟ فقال ثقتي بحلمك، واتكالي على عفوك، فقال عليُّ رضي الله عنه: أنت حر لوجه الله تعالى. والعفوُ صفةٌ من صفاتِ اللهِ تعالى، فهو الذي يعفو عن عباده ويغفر لهم الخطايا والذنوب ولذلك فهي صفة يحبها الله عز وجل. والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالعفو وطبق هذه العبادة في أهم موقف عندما فتح مكة المكرمة، ومكَّنه الله تعالى من الكفار وعفا عنهم وكان من نتيجة هذا العفو أن دخلوا في دين الله أفواجاً.لقد كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وبخاصة في ليالي رمضان وليلة القدر: (اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عني) رواه البخاري. والله تعالى لا يُحبُ شيئاً إلا وفيه الخيرُ لنا، فهو عفوّ يُحبُ العفوَ, ولذلك فهذه الصفةُ لابدَّ أنْ تأتيَ بالخيرِ على من يتحلى بها. والله تعالى أعطى عبادَه الأملَ بالعفو عن الذنوب: يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25].
مشاركة :