يعتقد كثير من الأوساط السياسية أن الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي، خبأ ثروة طائلة في مكان ما من العالم. ويدعي بعض الأشخاص أنهم مكلفون من قبل الحكومة الليبية برصد وإعادة هذه الثروة إلى البلاد، نظير نسبة معينة مما يعثرون عليه. في أغسطس 2014، أسس إريك إسكندر جويد شركة لرصد واستعادة ما يدعيه من ثروة تبلغ قيمتها 150 مليار دولار أميركي، على شكل أموال نقدية وذهب وألماس، وغيرها من الأصول، خبأها الديكتاتور الليبي الرحل في مكان ما من العالم، قبل أن تطيح به ثورة وتقضي عليه عام 2011. ويدعي جويد أنه وقع عقداً مع الحكومة الليبية يتيح له الحصول على 10% من قيمة ما يعثر عليه من هذه الأموال، وهذا يعني أن أي جزء يعثر عليه منها، التي يقول إنها ربما تكون مخبأة في مصارف أو مستودعات حول العالم، تجعله مليارديراً في الحال. علاقة خاصة العلاقات بين ليبيا وجنوب إفريقيا ظلت حميمة، حتى في عهد الفصل العنصري، حيث ساعد نظام ليبيا على تمويل جماعات التحرير هناك، وتدريب المقاتلين من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. وبعد إطلاق سراح الزعيم، نيلسون مانديلا، من السجن ووصوله لسدة الرئاسة، زار طرابلس مرتين، وكان واحداً ضمن عدد قليل من القادة الأجانب الذين دعموا القذافي. مستشار ولد جويد لأبوين من جنسية تونسية وسويدية، ويبلغ 49 عاماً من العمر، ويتحدث خمس لغات، وعمل مستشاراً لشركة نفط، ومدير أراضٍ، وطياراً تجارياً. ويقول إن لديه شبكة واسعة من الاتصالات في جنوب إفريقيا، حيث ظل يمارس أعماله التجارية منذ أواخر تسعينات القرن الماضي، ويدعي أن ما يصل إلى 80% من أصول القذافي موجودة هناك. وظل الكثير من الناس يبحثون عن هذه الأموال، وحاولت الحكومة الليبية لسنوات إعادة الأصول إلى البلاد. ويدعي محققون أنهم عثروا على الكثير منها بالفعل في بنوك أميركية، وبريطانية، وألمانية، وتم تجميدها. ويدعي جويد من جانبه، أنه حصل، قبل بضع سنوات، على 12.5 مليار دولار نقداً، في منصات داخل حظيرة للطائرات في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا، ويعتقد أن ذلك مجرد عينة مما قد يمكنه الحصول عليه، وإعادته إلى بلد دمرته الحرب الأهلية، وعانى عقوداً من الفساد تحت حكم القذافي. وتظل ليبيا بحاجة ماسة إلى هذا النقد بعد أن أصبحت دولة فاشلة، تتناحر فيها الفصائل التي تسعى للسيطرة على العاصمة طرابلس، وشرق مدينة طبرق. ومهما تكن الجهة التي تؤول إليها مقاليد الحكم في البلاد، فإنها ستحتاج لمليارات الدولارات لإعادة البناء. وبعد ثلاثة أشهر من تأسيس شركته، التي أطلق عليها مجموعة واشنطن الإفريقية الاستشارية، سجل جويد اسمه في وزارة العدل الأميركية كوكيل لمكتب رئيس الوزراء الليبي، مدعياً أنه يعمل في الولايات المتحدة لمساعدة شعب ليبيا لاسترداد حقوقهم. وبموجب قانون 1938 الأميركي، ينبغي على الأشخاص الذين ينجزون مهام لدول أجنبية أن يفصحوا عن نياتهم للحكومة الأميركية. ولهذا فإن التسجيلات التي قام بها جويد، تعتبر إجراءات قياسية في هذا الخصوص، يتبعها العديد من جماعات الضغط والمحامين، والأطباء والمستشارين السياسيين، الذين يمثلون أكثر من 100 دولة لدى الحكومة الاتحادية الأميركية. ولإثبات حسن النية، أعد جويد عقداً من 18 صفحة بين شركته والهيئة الوطنية التي يدعي أنه تم إنشاؤها في ليبيا، لاستعادة الأموال التي أخذها القذافي بطريقة غير مشروعة، وفقاً لمرسوم حكومي ليبي رسمي. ومنح التسجيل في وزارة العدل جويد نوعاً من الصدقية والشرعية، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، حاولت على الأقل ثلاث مجموعات مختلفة من المحققين العثور على أموال القذافي، وكل واحدة من تلك المجموعات ادعت أنها ترتبط باتفاق ملزم مع الحكومة الليبية، بيد أن جويد هو الوحيد الذي أثبت للولايات المتحدة أنه رجل ليبيا المكلف بهذا الشأن. هذه الإثباتات التي قدمها جويد أقنعت رجل الضغط وجامع التبرعات السياسية في واشنطن، بن بارنز، بدعم جويد لدى الحكومة الأميركية ومحاولة التأثير في سياساتها بشأن موجودات القذافي. ويبدو أن جويد استطاع أن يقنع المسؤولين الأميركيين بأنه هو الجهة المخولة، حيث إن العقد، الذي يبدو أنه وقعه مع الحكومة الليبية، والمسجل لدى وزارة العدل، يشكل وثيقة مهمة لدى هذه الوزارة بصفته وكيلاً لحكومة أجنبية. ولكن ربما غاب عن هذه الجهات أن المسؤولين الليبيين، وكذلك الأمم المتحدة، اتهمت جويد بأنه قدم وثائق مزورة لثلاث حكومات مختلفة، في محاولة منه للحصول على المليارات المفقودة. وتدعي هذه الجهات أن وثائق وزارة العدل، ومناورة بارنز، تمثلان محاولة غير مشروعة من جويد للحصول على كنوز القذافي، وفقاً لهذه المصادر، أو هي، بعبارة أخرى، عملية احتيال. ولكي يبدو جويد صادقاً أمام الجهات الرسمية وغير الرسمية، وظف في مشروعه مسؤولين أميركيين سابقين، ورجال أعمال ليبيين، ومحققين ماليين يعملون لحساب الأمم المتحدة. مزاعم جويد هذه تبدو للبعض أيضاً حقيقية، فالعلاقات بين ليبيا وجنوب إفريقيا ظلت حميمة، حتى في عهد الفصل العنصري، حيث ساعد نظام ليبيا على تمويل جماعات التحرير في جنوب إفريقيا، وتدريب المقاتلين من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. وبعد إطلاق سراح الزعيم الجنوب إفريقي، نيلسون مانديلا، من السجن، ووصوله لسدة الرئاسة، زار طرابلس مرتين، وكان واحداً ضمن عدد قليل من القادة الأجانب الذين دعموا القذافي، في الوقت الذي كان ينظر معظم العالم إلى ليبيا كدولة منبوذة، بسبب تحريض زعيمها على الإرهاب. جنوب إفريقيا أيضاً متهمة بغسيل الأموال الليبية لسنوات، وفقاً لعدد من الخبراء المختصين بالتمويل غير المشروع. ومنذ أن سقط القذافي، جرى تداول قصص في الصحافة الجنوب إفريقية، حول مليارات الأموال التي تشتمل على موجودات نقدية وذهب وألماس، في حسابات مصرفية في جنوب إفريقيا، أو مخبأة في بعض المستودعات. وتفيد بعض المصادر بأن مجهولين من طاقم القوات الخاصة التابعة للقذافي، نقلوا أموال القذافي من طرابلس إلى جنوب إفريقيا، على مدار 62 رحلة بالطائرة، وأن وسائل الإعلام في جنوب إفريقيا أشارت إلى مساعد القذافي السابق وكاتم أسراره، بشير صالح، بوصفه المسؤول عن تلك الأنشطة. ويقال إن صالح فرّ إلى جنوب إفريقيا بعد مقتل القذافي. اتضح في ما بعد أن جويد حاول لسنوات، إقناع الكثير من الناس بأنه يقول الحقيقة، واستخدم وثائق ومراسيم تبدو لمن يطلع عليها أنها رسمية. في عام 2013، ظل جويد وجماعات أخرى من صيادي الأموال، يتدافعون تدافعاً محموماً للحصول على 10 مليارات دولار من أصول القذافي، وكانت المشكلة بالنسبة لجويد، أن خصومه يدعون أنهم ليسوا فقط ممثلين شرعيين للحكومة الليبية، بل معترف بهم في تقرير للأمم المتحدة، ولهذا السبب سعى لإضفاء الشرعية على نفسه.
مشاركة :