في بداية عملي كمطور للإنترنت، كنا نقوم بعمليات التطوير والاختبار في «وضع المتخفي». قد يشير الأشخاص خارج الصناعة إلى هذا بعبارة «نافذة مستترة»، لكن عبارة «وضع المتخفي» مفهومة عالمياً لأن لا أحد عادة يفتح نافذة مستترة ما لم يكن على وشك تحميل شيء غير لائق. وعندما قرأت سرد «أليستير بار»، رئيس فريق التكنولوجيا في «بلومبيرج»، عن محاولته حذف بيانات المستخدم الخاصة به، بموجب قانون خصوصية المستهلك الجديد في كاليفورنيا. كانت العملية مرهقة للغاية –فهي تستغرق أكثر من ساعتين وتستلزم تحميل صور شخصية وصورة الهوية –وانتهت بالحصول على عكس التأثير المقصود. وبدلاً من منح المستهلك خصوصية، تلفت عملية تقديم طلب لحذف البيانات انتباهاً لا داعي له لمن يسعون إلى إخفاء هويتهم. هنا تكمن أهمية الخيارات الافتراضية. إذا كانت كل نافذة بحث تفتح تلقائياً في وضعية النافذة المستترة، فلن يعتبر هذا تصفحاً متخفياً، وإنما تصفع عادي للإنترنت. ولكن إذا كان الخارجون عن القانون هم فقط الذين يستغرقون وقتا لحماية خصوصيتهم، تصبح الخصوصية منتجاً غير قانوني فعلياً. وبالفعل يُنظر إلى العديد من منتجات الخصوصية بهذه الطريقة. على سبيل المثال، «تور» هو متصفح ويب يحجب نشاط المستخدم على الإنترنت عن طريق توجيه بيانات الشبكة عبر متاهة من المراحل. وهو مفيد إذا كنت مخبراً وتحاول التواصل مع صحفيين لإبلاغهم بمعلومات، ولكنه يمكن استخدامه أيضاً للقيام بأنشطة غير مشروعة. في 2014، وجدت شبكة إنفاذ الجرائم المالية أن أغلبية تقارير الأنشطة المشبوهة التي قدمتها البنوك تتضمن عناوين «آي.بي» (المعرف الرقمي لأي جهاز) مرتبطة بشبكة «تور». واليوم، تمنع العديد من المؤسسات المالية بشكل استباقي كل ما يصل من خلال «تور». وفي بعض الحالات، تقوم البنوك تلقائياً بتجميد الحساب المصرفي لمستخدم «تور». وكثيراً ما يتم حظر الشبكات الخاصة الافتراضية التي تخفي نشاط المستخدم عن مزود خدمة الإنترنت. والأشخاص الذين يحاولون حماية خصوصيتهم يبدون بطبيعتهم مشبوهين. ولكن ماذا إذا نظرنا إلى حماية الخصوصية كنوع من التحصين؟ إن التحصين مهم للغاية لدرجة أنه ليس اختيارياً. ووجود إعدادات خصوصية أكثر صرامة سيخلق إنترنت أكثر أماناً ليس فقط لأولئك الذين يتبنونها، ولكن أيضاً لهؤلاء الذين لا يلتزمون بها لأي سبب. على الإنترنت، يقوم وسطاء بجمع بيانات عن أكبر عدد ممكن من المستخدمين لإنشاء ملفات تعريف تفصيلية تستند إلى المجموعات السكانية ومجموعات القرابة. وكلما زاد عدد الأشخاص الذين حجبوا بياناتهم عن الوسطاء، كلما قل عدد الشركات التي تستنتج وجود أي مستخدم. وعندما يتعلق الأمر بحماية خصوصية المستهلك، فإن تعيين الخصوصية كخيار افتراضي يحمي أفراد المجتمع الأكثر ضعفاً. يذكر أن قانون الخصوصية دخل حيز التنفيذ في 1 يناير، لكنه لن يتم تنفيذه حتى 1 يوليو. ولا تزال متطلبات الامتثال غير واضحة.
مشاركة :