في بث حي على التلفزيون الحكومي الإيراني في 16 من كانون الثاني (يناير)، صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن بلاده تخصب حاليا مزيدا من اليورانيوم بكمية تفوق ما كانت تخصبه قبل التوصل إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2015. وإذا كان ادعاؤه صحيحا فإن ذلك يمثل زيادة غير عادية في إنتاج إيران الشهري لليورانيوم المخصب منذ التدقيق الحسابي الأخير الذي أجرته بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في زيارتها الأخيرة لإيران في 3 تشرين الثاني (نوفمبر)، وكانت تلك المستويات العالية من الإنتاج - بحسب ما يرصده تقرير إلينا ديلوجر زميلة أبحاث في "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن - الدافع الرئيس للتوسط في الاتفاق النووي في المقام الأول، لأن المدة اللازمة لتخطي إيران العتبة النووية - أي المدة التي ستحتاج إليها لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح نووي - أصبح قصيرا بشكل مخيف نتيجة لذلك. ومن خلال إلقاء نظرة فاحصة على المعطيات ما قبل التوصل إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" فذلك يمكن أن يوفر خطا مرجعيا لتأكيدات روحاني؛ ففي الفترة من أيار (مايو) 2012 إلى أيار (مايو) 2014 كانت إيران تنتج يورانيوما مخصبا بمعدل 232 كيلو جراما شهريا "وتنطبق هذه الكمية على المواد المخصبة إلى أقل من 5 في المائة؛ للحصول على شرح لنسب التخصيب وعلاقتها بالتسلح النووي المحتمل، "انظر قائمة المصطلحات النووية الأساسية لمعهد واشنطن"، ومن أجل دعمها هذا الجهد استخدمت إيران نحو تسعة آلاف جهاز طرد مركزي من نوع آي آر-1 "أو الجيل الأول" في المنشأة الرئيسة "ناتانز"، وعندما بدأ الإنتاج في الانخفاض في نهاية عام 2015 تحسبا لتطبيق "خطة العمل الشاملة المشتركة" انخفض المعدل إلى أدنى مستوى شهري له، نحو 156 كيلو جراما، تم التوصل إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" في تموز (يوليو) 2015، لكن لم يتم تنفيذها حتى كانون الثاني (يناير) 2016. وفي أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يستند إلى الفترة الزمنية من 19 آب (أغسطس) إلى 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 زاد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنحو 52 كيلو جراما شهريا، ذلك إذا تم الجمع بين اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 في المائة و 4.5 في المائة، ولجعل مخزون إيران يصل إلى مستويات ما قبل "خطة العمل الشاملة المشتركة" بحلول زمن الادعاء الأخير لروحاني "حول تخصيب مزيد من اليورانيوم"، كان على الجمهورية الإيرانية أن تزيد ذلك المعدل من التخصيب الشهري بثلاثة أضعاف على الأقل منذ تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 156 كيلو جراما، إن لم يكن أكثر من ذلك، على سبيل المثال، إلى 232 كيلو جراما، ويتوقف ذلك على تعريف المرء مصطلح قبل "خطة العمل الشاملة المشتركة". وقد لا تكون تعليقات روحاني مبالغا فيها؛ فبالنظر إلى ما هو معروف عن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، فإن الوصول إلى مستويات ما قبل "خطة العمل الشاملة المشتركة" كان دائما إنجازا معقولا بمجرد اتخاذ إيران قرار البدء في انتهاك القيود المختلفة لـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، وعلى وجه التحديد، كان بإمكان الجمهورية الإيرانية أن تحقق هذه المستويات من خلال زيادة استخدامها أجهزة الطرد المركزي من نوع "آي آر-1"، و / أو عن طريق تشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي تملكها، التي من المفترض أن يكون لها إنتاج أعلى بكثير من تلك التي هي من نوع "آي آر-1"، وكانت إيران أعلنت أنها ستبدأ في استخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قبل عدة أشهر، بينما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الإيرانيين يشغلون هذه الأجهزة ويقومون بتجميع اليورانيوم، ونظرا إلى أن الآلات المتقدمة لم تعمل على جمع اليورانيوم قبل "خطة العمل الشاملة المشتركة"، فمن غير الواضح مدى نجاحها، لكن إذا ما عملت كما هو متوقع فإن ذلك يمكن أن يفسر الجزء الأكبر من الزيادة التي ادعاها روحاني. في 5 كانون الثاني (يناير) الجاري، ألمح المسؤولون الإيرانيون إلى زيادة استخدامهم أجهزة الطرد المركزي من نوع "آي آر-1" كجزء من "الخطوة الخامسة" خارج التزاماتهم وفقا لـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، وعند الأخذ في الحسبان عدد الآلات من نوع "آي آر-1" التي استبدلتها إيران منذ بداية "خطة العمل الشاملة المشتركة" بسبب الاستهلاك والتلف العادي، فقد يكون لديها ما يصل إلى 4600 جهاز إضافي متاح للاستخدام، وبترافقها مع الـ5،060 جهازا التي هي قيد الاستخدام فعلا، فمن شأن ذلك أن يتيح لإيران زيادة العدد من جديد إلى ما يصل إلى 9،156 جهاز طرد مركزي من نوع "آي آر-1" التي كانت تستخدمها قبل التوصل إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وإذا تمت إضافة أجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى هذا المزيج، فقد تتفوق إيران بسهولة على إنتاجها من اليورانيوم المخصب في فترة ما قبل "خطة العمل الشاملة المشتركة". إن التفاصيل الدقيقة وراء ادعاء روحاني ستصبح واضحة عندما يصدر التقرير المقبل للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حول إيران في أوائل شباط (فبراير)، وسيكون ذلك هو التقرير الأول الذي يصدر في عهد رافاييل جروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد، والأول الذي يكشف مدى كفاءة أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في تخصيب اليورانيوم. أما الخطوة المقلقة التالية التي يمكن لإيران اتخاذها فهي زيادة التخصيب من 4.5 في المائة إلى 19.75 في المائة، وهي زيادة قريبة جدا من الناحية التقنية من اليورانيوم المعد لصنع الأسلحة، وإذا كانت طهران قادرة على زيادة مخزونها بالسرعة التي يدعيها روحاني، وإذا ما عززت التخصيب إلى 19.75 في المائة فمن شأن ذلك أن يثير المخاوف نفسها التي كانت قائمة قبل التوصل إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" فيما يتعلق بالمدة اللازمة لتخطي العتبة النووية.
مشاركة :