على رغم استبعاده من حضور مؤتمر برلين حول ليبيا الذي عُقد في العاصمة الألمانية، الأحد، يشكّل المغرب طرفا فاعلا لتسوية النزاع في البلد، ويحظى جهده الدبلوماسي في هذا الملف بإشادة المجتمع الدولي. وأكد العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي، عقب بيان للخارجية المغربية استغرب إقصاء الرباط من مؤتمر برلين، السبت، على “الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية لحل الأزمة الليبية وعلى ما تبذله من جهود مشهود بها، منذ عدة سنوات، لحل الأزمة في هذا البلد المغاربي”، حسب بيان للديوان الملكي. وقد أسفرت هذه الجهود، على الخصوص، عن اتفاق الصخيرات، الذي أقرّه مجلس الأمن ويحظى بدعم دولي. ويأتي التأكيد الفرنسي المغربي على دور الرباط في حل الأزمة الليبية، بمثابة رد على تغييب المغرب عن مؤتمر برلين، فيما يلفت المراقبون أنه لا يمكن تجاوز ثقل الدبلوماسية المغربية، ورؤيتها لإخماد النزاع الدائر في ليبيا منذ سنوات. وأشار محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية المؤسساتية، لـ”العرب”، أن “الاتصال الذي جرى بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمّ سياسيا ودبلوماسيا للتأكيد على أهمية المقاربة المغربية التي تهمّ القضية الأكثر إلحاحا في منطقة شمال أفريقيا في هذه الفترة”، مشيرا إلى أن “المغرب كان واضحا منذ البداية في رفضه للمقاربات الإقصائية والتدخلات الخارجية في الملف الليبي”. ويعتقد خبراء في العلاقات الدولية، أن الموقف المغربي ثابت بالنسبة إلى الأمن والاستقرار بالمنطقة، مضيفين أن تواصل القيادة الفرنسية والمغربية على أعلى مستوى في ما يتعلق بالملف الليبي ضرورة إستراتيجية لتوضيح المخاطر الأمنية التي قد تنجم على أي محاولة لعسكرة الحل أو تهميش الإطار السياسي التي اتفق عليها الفرقاء الليبيين في الصخيرات قبل خمس سنوات. وفي هذا الصدد، انتقد المغرب إقصاءه من مؤتمر برلين. وجاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في موقعه على الإنترنت أن المملكة المغربية “لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع”. وأكد البيان أن “المغرب كان دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية”. وبيّن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أن، “المغرب انخرط في الملف الليبي منذ البداية بحكم انتمائه المغاربي، وأن ما يحدث في ليبيا له تأثير مباشر على أمن واستقرار المنطقة”. وشدد بوريطة على أن “عدم دعوة المغرب كمحاولة لتحييد اتفاق الصخيرات هو مغامرة غير محسوبة، كون الاتفاق حاليا مرجعية وحيدة لمقاربة الأزمة الليبية وهو الأساس الوحيد المتفق عليه بين الفرقاء الليبيين فالمؤسسات الحالية والحكومة وبرلمان طبرق هي نتيجة اتفاق الصخيرات، والكل يعتبره إطارا لمرحلة انتقالية، وبالإمكان تكييفه مع المستجدات والمتغيّرات الواقعة على أرض الواقع”. وأبدى المراقبون استغرابهم من إقصاء دول مغاربية المعنية الأولى بالملف الليبي، ومن ضمنها المغرب وتونس. وفي تقدير محمد بودن، “لا توجد معايير موضوعية لعدم دعوة المغرب والأمر يدعو إلى الشكوك طالما أن هناك دولا بعيدة عن شمال أفريقيا تمت دعوتها، في حين وقع استبعاد المملكة المغربية وهي دولة مهتمة بالملف الليبي ولها وزن إقليمي واضطلعت بدور محوري في بناء الإطار السياسي الذي مثّله اتفاق الصخيرات”.
مشاركة :