تجددت الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية بعد هدوء نسبي في الحراك الشعبي الذي انطلق منذ الأول من أكتوبر حيث شهدت بيروت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، أوقعت مئات من الجرحى. وجرح نحو 400 شخص في لبنان اثر مواجهات مساء السبت بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية، وفق حصيلة جديدة. وأفادت حصيلة استنادا إلى أرقام للصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني أن 377 شخصا تمت معالجتهم في المكان أو نقلوا إلى المستشفيات في أعقاب صدامات في محيط البرلمان وساحة الشهداء. وانطلقت بعد الظهر مسيرات من نقاط عدة في بيروت تحت عنوان "لن ندفع الثمن"، احتجاجاً على التأخير في تشكيل حكومة تضع حداً للانهيار الاقتصادي. وقبل وصولها إلى وسط بيروت، حيث أقفلت قوات الأمن مدخلاً مؤدياً إلى مقر البرلمان بالعوائق الحديد، بادرت مجموعة محتجين إلى مهاجمة درع بشري من قوات مكافحة الشغب. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري قد قال في تعليق له على المواجهات التي وقعت في وسط بيروت إن مشهد المواجهات هو مشهد مشبوه ومرفوض. وأضاف الحريري، في تغريدة له عبر حسابه على موقع "تويتر" بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي: "مشهد المواجهات والحرائق وأعمال التخريب في وسط بيروت مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض يهدد السلم الأهلي وينذر بأوخم العواقب. لن تكون بيروت ساحة للمرتزقة والسياسات المتعمدة لضرب سلمية التحركات الشعبية". وتابع الحريري قائلا: "لن يحترق حلم رفيق الحريري بعاصمة موحدة لكل اللبنانيين بنيران الخارجين على القانون وسلمية التحركات. ولن نسمح لأي كان إعادة بيروت مساحة للدمار والخراب وخطوط التماس، والقوى العسكرية والأمنية مدعوة إلى حماية العاصمة ودورها وكبح جماح العابثين والمندسين". وسقط عشرات الجرحى مساء السبت في وسط بيروت في الاحتجاجات التي اندلعت بين عدد من المحتجين والقوى الأمنية عندما منعت هذه الأخيرة الدخول إلى ساحة النجمة حيت مقر مجلس النواب . وهدأت المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية، بعد اعتقال الأخيرة العديد من المحتجين الذين شاركوا في عمليات الشغب. وأطلق المحتجون هتافات بحق وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن قائلين "شبيحة شبيحة ريا الحسن شبيحة". وقد تابع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون تدهور الوضع الأمني في الوسط التجاري بالعاصمة بيروت، وطلب من وزيري الدفاع والداخلية والقيادات الأمنية متابعة الوضع والحفاظ على أمن المتظاهرين السلميين. من جانبها، قالت قوات الأمن الداخلي في تغريدة على موقع تويتر: "ندعو المتظاهرين السلميين إلى الابتعاد عن موقع أعمال الشغب من أجل سلامتهم". ويشهد وسط بيروت عمليات كر وفر بين القوى الأمنية والمحتجين التي اندلعت عصر السبت بين القوى الأمنية وعدد من المحتجين في محيط المجلس النيابي في وسط بيروت. وأطلق المتظاهرون المفرقعات النارية والحجارة باتجاه عناصر مكافحة الشغب الذين يردون بإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة، وخراطيم المياه. وسجلت عشرات الإصابات خلال المواجهات بين الطرفين، وعملت فرق الصليب الأحمر على نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة. ووصلت تعزيزات أمنية إلى وسط بيروت، لمكافحة أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة. كما وصلت قوة كبيرة من الجيش. وعمد المتظاهرون إلى تحطيم زجاج عدد من السيارات التابعة للقوى الأمنية، كما عمدوا إلى تحطيم إشارات سير وبعض المحال الموجودة في المكان. وكانت مسيرات قد انطلقت عصر اليوم من مناطق عدة في بيروت للتوجه إلى ساحة النجمة للتعبير عن احتجاجهم على مماطلة القوى السياسية وعدم الأخذ بمطالب الشعب الذي يطالب بتشكيل حكومة من خارج القوى السياسية. وهتف المحتجون "ثورة " ثورة". وحملوا لافتات منددة بالسلطة السياسية. يذكر أن المظاهرات الاحتجاجية في لبنان كانت قد بدأت في 17 أكتوبر الماضي في وسط بيروت عقب قرار اتخذته الحكومة بفرض ضريبة على تطبيق "واتس آب" وسرعان ما انتقلت المظاهرات لتعم كافة المناطق اللبنانية. ويطالب المحتجون بتشكيل حكومة تكنوقراط إنقاذية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وخفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً ومعالجة الأوضاع الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين. ويؤكدون على استمرار تحركهم حتى تحقيق المطالب. وبعد 13 يوماً من الاحتجاجات الشعبية، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري استقالة حكومته في 29 أكتوبر الماضي "تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير". وتم تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة في19 ديسمبر الماضي. ويقوم الرئيس المكلف بالاستشارات اللازمة لتشكيل حكومته. وترددت معلومات غير رسمية عن قرب تشكيل حكومة جديدة برئاسة حسان دياب. ويصر الرئيس المكلف على حكومة من 18 وزيراً من الاختصاصيين.
مشاركة :