طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر حول ليبيا في برلين بـ"الكف" عن إرسال مقاتلين سوريين موالين لتركيا إلى طرابلس دعما للحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة. وأعلن ماكرون، الأحد، خلال المؤتمر "يجب أن أقول لكم إن ما يقلقني بشدة هو وصول مقاتلين سوريين وأجانب إلى مدينة طرابلس، يجب أن يتوقف ذلك". وتٌتهم تركيا بإرسال مئات المقاتلين السوريين الموالين لها إلى ليبيا لدعم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج. وأضاف الرئيس الفرنسي “من يعتقدون أنهم يحققون مكاسب من ذلك لا يدركون المجازفات التي يعرضون أنفسهم ونحن جميعاً لها". من جانبه، أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك يومبيو عن قلقه حيال وجود قوات أجنبية في ليبيا، وجاء ذلك في لقاء على هامش مؤتمر برلين جمعه بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو. ومن شأن الموقف الفرنسي والأميركي حيال التدخل التركي أن يضع حدا لمخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة والذي يشكل تهديدا لوضع الليبي ولأمن المنطقة برمتها. وقالت مورغان أورتاغوس المتحدثة باسم الخارجية الأميركية بعدما التقى بومبيو مع جاويش أوغلو في برلين على هامش مؤتمر بشأن ليبيا، إن "وزير الخارجية عبر عن قلقه من تورط عسكري أجنبي في الصراع". وكان مسؤولون بالخارجية الأميركية قد دعوا في السابق بشكل أكثر مباشرة لإنهاء وجود القوات الأجنبية في ليبيا. وانطلقت في برلين اليوم أعمال القمة الدولية حول ليبيا الهادفة إلى تعزيز وقف إطلاق النار والتمهيد لإطلاق عملية سلام فيه، وفق صور نقلت مباشرة من المؤتمر. وبدأت القمة التي تجري برعاية الأمم المتحدة ومشاركة زعماء 11 دولة معنية بالنزاع الليبي بينها روسيا وتركيا اضافة الى منظمات دولية عدة، ومن المقرر أن تنتهي في وقت متأخر مساء الأحد، مع اصدار إعلان مشترك يطلب وقفاً للتدخلات الخارجية واحتراماً لحظر تسليم الأسلحة إلى ليبيا. وتأتي القمة بعد سلسلة من الجولات الدبلوماسية التي تهدف إلى محاولة إعادة الفرقاء الليبيين إلى طاولة المفاوضات. ويتمثل الهدف الرئيسي لهذه القمة في وضع حد للتدخلات الأجنبية في هذه الدولة التي تغذي النزاع فيها عوامل عديدة من الشهية لمواردها النفطية إلى الخصومات السياسية الإقليمية وصراع النفوذ. وتخشى الأسرة الدولية تفاقم النزاع في ليبيا مع التدخل العسكري التركي الذي حذرت منه العديد من الأطراف الدولية الفاعلة على الساحة السياسية. وحذرت أوساط ليبية من خطورة الخروج من المؤتمر دون توصية واضحة بإجبار أنقرة على وقف تدخلها في النزاع، مشددة على أن أردوغان إذا خرج من المؤتمر بلا إدانة واضحة لتدخله سيعتبرها كارتا أخضر ليستمر في إرسال الجنود الأتراك والمرتزقة إلى ليبيا، فضلا عن المرور إلى التنقيب في الحدود البحرية الليبية متحديا الخرائط الدولية المعترف بها، تماما مثلما يفعل في سواحل قبرص. ووسط تزايد التقارير والمقاطع المصورة التي تظهر نقل تركيا لمقاتلين سوريين إلى ليبيا، من أجل دعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا وصول هؤلاء المقاتلين. وقال سلامة: "أستطيع أن أؤكد وصول مقاتلين من سوريا"، مقدرا عددهم بما يتراوح بين ألف وألفين. وتخشى أوروبا تدفق موجات جديدة من المهاجرين على سواحلها، وهي مخاوف تلعب عليها تركيا لتبرير تدخلها في ليبيا، وقالت الرئاسة التركية مساء السبت إن "العنف في طرابلس يمكن أن يؤدي إلى تدفق موجات جديدة من اللاجئين". ولم يتوانى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ابتزاز المجتمع الدولي ومقايضته بشكل لا يخلو من وقاحة بتخييره بين القبول بنفوذ بلاده في ليبيا والاعتراف بحكومة الوفاق التي استنجدت به ومهدت لاستعمار تركي جديد، أو انتظار موجة من العمليات الإرهابية، في إشارة واضحة إلى أن تركيا تمسك بالزر الذي يطلق أيدي الإرهابيين لتهديد أمن أوروبا عبر التدفق في هجرة غير منظمة، أو استهداف مصالحها في ليبيا بالتفجيرات والاغتيالات. وكان أردوغان قد حذر في مقال نشر في مجلة “بوليتيكو” السبت من أن “المنظمات الإرهابية” ستجد موطئ قدم لها في أوروبا إذا سقطت حكومة الوفاق. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية مساء السبت طالبا عدم الكشف عن هويته إن "الأمر يتعلق بنزاع إقليمي يتسع ويصبح أكثر شبها بسوريا". وأضاف "هذا هو سبب تعبئة الأسرة الدولية". وأشار هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا التي تستضيف المؤتمر، لصحيفة بيلد الأحد إن "المؤتمر يمكن أن يكون خطوة أولى من أجل السلام في ليبيا". وسيحضر طرفا النزاع الرئيسيان في ليبيا فايز السراج رئيس حكومة الوفاق وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، إلى برلين لكنهما لن يجلسا على طاولة واحدة. ميدانيا، تأمل الأمم المتحدة من المؤتمر "تعزيز وقف إطلاق النار" الذي حصلت عليه أنقرة وموسكو ودخل حيز التنفيذ في 12 يناير. وفي مقابلة تنشر الأحد مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية، طلب خصمه نشر "قوّة عسكرية دوليّة" في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، في حال استأنف حفتر الأعمال القتاليّة. وقال "إذا لم يُنه خليفة حفتر هجومه، سيتعيَّن على المجتمع الدولي التدخّل عبر قوّة عسكرية لحماية السكّان المدنيّين الليبيّين".
مشاركة :