حذر الاتحاد الأوروبي تركيا الأحد من أي عمليات غير مشروعة للتنقيب عن المحروقات في شرق المتوسط خصوصا في المياه القبرصية، وذلك على هامش المؤتمر الدولي في برلين لإحلال السلام في ليبيا. وأعلن المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان “على كافة أعضاء المجتمع الدولي الامتناع عن أي عمل قد يمس بالاستقرار والأمن الإقليميين”. وأضاف “نية تركيا إطلاق أنشطة جديدة للتنقيب عن المحروقات في كل المنطقة تذهب للأسف في الاتجاه المعاكس”. وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيفرض عقوبات محددة على “الأشخاص أو الكيانات المسؤولة عن أنشطة التنقيب عن المحروقات غير المرخصة في شرق المتوسط، أو الضالعين في مثل هذه الأنشطة”. ويتم وضع قائمة بالأسماء قد تطرح على طاولة البحث خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الاثنين في بروكسل. وستكون العقوبات على شكل منع من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي وتجميد الأرصدة. كما سيحظر إقراض أموال للأشخاص والكيانات المدرجة على اللائحة. وتزيد هذه التهديدات الأوروبية من تعقيد مهمة أنقرة التي كثفت عمليات تنقيبها قبالة الجزيرة القبرصية. أردوغان رفض إنذارات بروكسل مذكرا بأن بلاده تستقبل أربعة ملايين لاجئ، وأنها قادرة على فتح أبواب أوروبا أمامهم وكانت الولايات المتحدة وفرنسا قد أعلنتا نيتهما الانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي يهدف إلى تحقيق تعاون أكبر بين أعضائه، لكن يضع كذلك من بين أهدافه منع الخروقات التي تقوم بها تركيا في شرق المتوسط. ولكن يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التهديدات الدولية بمساومة وابتزاز الدول التي تحذره بملفات تكتسي أهمية بالغة على غرار ملف اللاجئين وكذلك بعض الإرهابيين المسجونين لدى أنقرة والذين قاتلوا إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. ورفض الرئيس التركي الذي شارك في مؤتمر برلين “إنذارات” الاتحاد الأوروبي. وذكر أن تركيا تستقبل أربعة ملايين لاجئ معظمهم من السوريين وأنها قادرة على فتح أبواب أوروبا أمامهم. وفي رد آخر على تهديدات الأوروبيين طالب المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، الأحد، بروكسل بوضع حد لسياستها البعيدة عن الواقع والمنحازة والكيل بمكيالين. وأشار أقصوي في تحد لبروكسل إلى أن سفينة التنقيب التركية “ياووز” انتلقت الجمعة إلى جنوب جزيرة قبرص، استعدادا لتنفيذ ثالث أنشطة تنقيبها عن النفط والغاز، في إطار الرخصة التي منحتها حكومة جمهورية شمال قبرص التركية، لمؤسسة البترول التركية عام 2011. وأضاف أن القبارصة الأتراك بصفتهم المالك المشترك لجزيرة قبرص يتمتعون بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها القبارصة الروم في مناطق الترخيص. ويلوح أردوغان عادة بملفات أخرى على غرار المزيد من التدخل في النزاع الليبي والسوري، حيث تقوم أنقرة بإرسال مرتزقة سوريين وغيرهم إلى القتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في مواجهة الجيش الوطني الذي يخوض معركة منذ الرابع من أبريل الماضي لاستعادة العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات. وتثير حقول المحروقات في شرق المتوسط اهتمام تركيا ودول أخرى مطلة على هذا البحر كاليونان ومصر وقبرص وإسرائيل. وتنوي تركيا، المهددة بعقوبات أوروبية بسبب أنشطة التنقيب التي تجريها قبالة قبرص، الاستناد إلى اتفاق مثير للجدل مبرم مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج حول ترسيم الحدود البحرية لتأكيد حقها في التنقيب عن المحروقات. ودفع الاتفاق باليونان إلى ترسيخ علاقاتها مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر الذي استقبلته أثينا الجمعة. واتهمت تركيا اليونان بتخريب جهود إرساء السلام في ليبيا. وفي محاولة منهم لردع أطماع تركيا في شرق المتوسط اجتمع وزراء البترول والطاقة في كلّ من مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وفلسطين، ووكيلة وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية، وممثل وزيرة الطاقة في الأردن، بصفتهم رؤساء وفود الأعضاء المؤسسين لمنتدى غاز شرق المتوسط الأسبوع الماضي في القاهرة. وتم خلال هذا الاجتماع التباحث حول سبل الارتقاء بالمنتدى وتحويله إلى منظمة حكومية دولية مقرها الرئيسي في العاصمة المصرية. وتم كذلك الحديث عن قبول مبدئي بفرنسا كعضو والولايات المتحدة كمراقب دائم في المنتدى. وينظر الأوروبيون بقلق شديد إلى تزايد نفوذ أنقرة وموسكو على نحو متزايد، لاسيما في سوريا وليبيا. وتهديد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على أنقرة ليس وليد اللحظة؛ إذ توعدت بروكسل في وقت سابق بكبح جماح أنقرة من خلال فرض عقوبات عليها، لكن الأخيرة لعبت ورقة ابتزاز الغرب بورقة اللاجئين والدواعش المسجونين لديها. والعقوبات التي ينوي الاتحاد الأوروبي فرضها على أنقرة ليست بمعزل كذلك عن جهود دولية أخرى تُبذل من أجل ردع أطماع تركيا في شرق المتوسط، حيث رفع الكونغرس الأميركي في وقت سابق حظر الأسلحة الذي كانت الولايات المتحدة قد فرضته على قبرص في خطوة أثارت حفيظة أنقرة التي أزعجت بلطجتها في شرق المتوسط قبرص.
مشاركة :