الديمقراطية التونسية في مواجهة خطر فوضى الإضرابات

  • 5/28/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعيش تونس التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة بعد أن أمنت انتقالًا سياسيًا ديمقراطيًا منذ 2011 على وقع احتجاجات اجتماعية وإضرابات عمالية مطالبة بوظائف ومنح وتنمية تتصاعد وتيرتها من حين إلى آخر في مناطق متفرقة بالجنوب الفقير على وجه الخصوص حيث يمكن أن تقترب البطالة من 50%. ويقف الاقتصاد التونسي المتعثر على قدم واحدة وهو يستعد للانطلاق في حزمة إصلاحات هيكلية بضغط من المنظمات المالية العالمية، لكن حمى الإضرابات المتصاعدة والتوترات الاجتماعية ترسم مستقبلًا غامضًا للانتقال الاقتصادي في الديمقراطية الناشئة. وطالبت الحكومات المتعاقبة منذ 2011 بهدنات اجتماعية لكن التأخر في تطبيق غالبية الاتفاقات المبرمة مع النقابات وتأخر برامج التنمية في الجهات الفقيرة أبقى وتيرة الإضرابات والاعتصامات على حالها، لتتسع رقعتها الى أغلب القطاعات وبشكل يكاد يكون يوميًا، في النقل والتعليم والصحة والكهرباء والقضاء وغيرها. وأدت الاحتجاجات العمالية الى تعطل انتاج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي في ولاية قفصة وهو أبرز نشاط صناعي في المنطقة ومن بين مصادر الدخل الرئيسية للبلاد، وقد تراجع انتاجه الى مستويات قياسية في 2014 وصل إلى 8.3 مليون طن مقابل قرابة 8 ملايين طن عام 2010 كما اندلعت احتجاجات عنيفة في ولاية قبلي الواقعة على أطراف الصحراء للمطالبة بفرص عمل في شركات بترولية منتصبة في الجهة وتتمتع بعقود تنقيب، لا سيما مع الإعلان مؤخرًا عن اكتشافات لآبار نفطية جديدة. ويترافق ذلك مع اتهامات تسوقها أحزاب معارضة للدولة بالتستر على ثروات نفطية وعقود تحوم حولها شبهات فساد مع شركات نفطية عالمية. ويردد المحتجون في تلك المناطق إنهم لا يلحظون تغييرًا يذكر في البنية التحتية والتنمية والاستثمار وغلاء المعيشة، وهي المطالب الرئيسية التي أشعلت الثورة ضد حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011. وقال حسين العباسي أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في البلاد: «الحكومة لا تملك عصًا سحرية لتغيير الأوضاع في طرفة عين ولكن يحتاج الناس إلى أن يشعروا بوجود نوايا جدية لحل المشاكل وضبط أجندة لتقديم الحلول». وأضاف قائلًا: «منسوب الغضب يتفاقم وهناك مطالب مشروعة وإذا لم تجد هذه المطالب آذانًا صاغية فإن التجربة علمتنا أنها يمكن أن تتحول إلى انتفاضة». وخلق فرص عمل لنحو 600 ألف من الشباب العاطل من بينهم 200 الف من حاملي الشهادات العليا يشكل أكبر تحد تواجهه تونس لحماية ديمقراطيتها الوليدة والاستقرار السياسي من خطر القلاقل الاجتماعية. ويتوقع الخبراء في تونس الأسوأ، إذ تنخفض التوقعات إلى ما بين صفر وواحد بالمئة لعام 2015 إذا تم الأخذ بعين الاعتبار الهبوط القياسي في انتاج الفوسفات الذي يوفر 6 بالمئة من الناتج الخام وتراجع القطاع السياحي الحيوي بنسبة 7 بالمئة بعد الهجوم الارهابي على متحف باردو واستمرار الإضرابات العشوائية. وتتجه الحكومة الى اقتطاع أيام الإضرابات من الأجور للحد من الفضوى. وحذر رئيس الحكومة من أن الاستمرار في الإضرابات تمشٍ خاطئ وعواقبه وخيمة.

مشاركة :