إيران من صراع بين الأجنحة إلى صراع في الجناح الواحد

  • 1/22/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

حلقة سياسية مهمة سلطت فيها قناة العربية أضواءً قوية كاشفة عن صراع بدأ يحتدم داخل جناح الحرس الثوري بين المتنفذين الكبار فيه من عسكريين برزوا بعد مقتل سليماني الذي شكَّل وجوده سداً مانعاً بينهم وبين الوصول إلى صناعة القرار، ومن ثم إلى تبوأ مكانة تمنحهم سلطات قوية في صراع الأجنحة الدائر في النظام الإيراني منذ سنوات. مقتل سليماني شكّل ضربة خلخلت تراتبية القوى ومكانة الأفراد من عسكريين ومعممين كانوا جميعهم يقفون في الصفوف الخلفية أو بالأدق وراء سليماني الذي كانت سلطته وسطوته تنافس سطوة وسلطة المرشد الأعلى. وهذا الغياب المفاجئ وغير المتوقع في إيران وعند الطبقة السياسية والعسكرية دفع بهم وبسرعة مرتبكة إلى لململة عدتهم وعتادهم لملء فراغ سليماني، وهو فراغ أوسع في مساحاته السلطوية من حدود قيادة فيلق تابع للحرس الثوري «فيلق القدس». فقائد الفيلق تجاوزت سلطاته الفيلق لتشمل إيران ومناطق نفوذها خارج إيران، ما يستدعي معه حراكاً بين الطامحين والطامعين إلى وراثة سلطته والدخول علناً في صراع شبه معلن بينهم. وإذا كنا قد كتبنا وتناولنا قبل أيام قليلة صراع روحاني مع جناح الصقور في الحرس الثوري، فإن قناة العربية وعبر ضيوفها من محللين ومراقبين مهتمين بالشأن الإيراني عرضوا لصراعٍ بدأ داخل الحرس الثوري نفسه بين الطامعين والطامحين في سلطة سليماني وفي احتلال مكانته في النظام الإيراني الذي يواجه أزماتٍ محتدمة لا تحتمل هكذا صراعاً على السلطة هو في النهاية سيضاعف من الأزمات ومن وقعها ومن أثرها على إيران وعلى حلفائها، وبالأخص على وكلائها من قادة المليشيات في العراق وسوريا ولبنان. وما قال الدكتور مصطفى العاني مدير مركز الخليج للأبحاث ربما يُلقي الضوء على دور «فيلق القدس» فبحسب الدكتور العاني فإن سليماني «فيلق القدس» أصبح «وحدةً مستقلة» من أهم مهامها بناء الامبراطورية الإيرانية خارج إيران، في حين أن الحرس الثوري من أهم مهامه «حراسة الثورة في الداخل». وهذا يعني إن فيلق القدس في ظل سليماني كان قوةً لا تخضع لسلطة أو مظلة بعينها سواء كانت هذه المظلة الجيش أو الحرس الثوري، وبغياب سليماني فإن قيادة الحرس الثوري تتطلع بل بدأت العمل حثيثاً لاستعادة فيلق القدس تحت سلطتها والعمل تحت مظلتها ويتلقى الأوامر حاله حال فرق وفيالق الحرس الثوري الأخرى من قائد الحرس الثوري او من قيادة الحرس الثوري التي حجمّها قاسم سليماني بماله من مكانة واسعة في النظام. ومن المعروف إن القائد البديل الذي حلَّ محل سليماني في قيادة فيلق القدس ليس له المكانة التي كانت لسليماني سواء في النظام أو في الحرس الثوري أو في الخارج، حيث يمارس الجزء الرئيس من قيادته. ووسط احتدام الأزمات وتصاعد احتجاجات الشارع الإيراني وسخط المواطنين من تردي مستوى معيشتهم واختناقات واقعهم الاجتماعي من القبضة البوليسية للنظام وتفاقم انعكاسات العقوبات والتلويح الأوروبي بعقوبات على النظام تبدو عملية ضبط إعادة ترتيب البيت الرسمي الإيراني مرتبكة ومضطربة ومفتوح صراع القوى بينها على كافة الاحتمالات بما يؤشر لارتفاع وتيرة الصراع بين الأجنحة وكسب المساحات قبل أن يصدر المرشد الأعلى إشاراته بالانحياز إلى هذا الجناح أو ذاك من أجنحة الصراع المعلن والمخفي. فالمسكوت عنه في صراع الحرس الثوري أكبر من المعلن عنه حتى لا ينفرط عقد أقوى قوةٍ ضاربة في إيران مما يسهل تصعيد حركة الشارع التي باتت تقلق المرشد بشكل كبير وعصبي إلى درجة خرج معها المرشد ليؤم المصلين يوم الجمعة الماضي، وهو ما لم يفعله لسبع سنواتٍ خلت أو ثمان. واللافت إن عودة المرشد وظهوره ونقل خطبته وإمامته بشكل مبالغ عبر الفضائيات الإيرانية والحليفة لها كالجزيرة لم تترك الأثر لا السياسي ولا الإعلامي ولا الجماهيري الذي توخاه المرشد الأعلى نفسه.

مشاركة :