معضلة الإرهاب في الساحل الأفريقي: فرنسا تستعد لعملية عسكرية جديدة

  • 1/22/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي على هامش زيارتها إلى باماكو أنّ مثلث الحدود بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر سيشهد قريبا عمليات عسكرية جديدة ضدّ الجهاديين في هذه المنطقة التي تعتزم فيها فرنسا وحلفاؤها تركيز جهودهم لمكافحة التمرّد الجهادي. وقالت بارلي للصحافيين بعد أن استقبلها الرئيس المالي إبراهيم أبوبكر كيتا مع نظرائها السويدي والإستوني والبرتغالي “ستحدث عمليات جديدة في الأسابيع المقبلة في هذا المثلث الحدودي الشديد الخصوصية”. ولم تقدّم الوزيرة الفرنسية المزيد من التفاصيل عن العمليات العسكرية المرتقبة. ووصلت بارلي إلى مالي آتية من تشاد وسط مخاوف كبيرة من تنامي الخطر الجهادي في المنطقة لاسيما بعد الهجمات الدموية التي شهدتها في الأسابيع الأخيرة. وتزامنت زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية إلى تشاد مع تفجير انتحاري يحمل بصمات جماعة بوكو حرام الجهادية وأسفر عن مقتل تسعة مدنيين في منطقة بحيرة تشاد. وزارت بارلي منطقة الساحل برفقة نظرائها الإستوني والسويدي والبرتغالي وقد نشرت على حسابها في موقع تويتر صورة لهذا “التنسيق الجديد” في مقرّ الأمم المتحدة في باماكو. وتتولى السويد حاليا قيادة بعثة الأمم المتحدة في مالي. وكانت فرنسا اتّفقت مع دول الساحل الخمس (تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا) خلال قمة استضافها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا على تعزيز التعاون العسكري لمكافحة التمرّد الجهادي الذي يهدّد المنطقة. وتمّ الاتفاق خلال القمة على تشكيل قوة جديدة تحت اسم “تاكوبا”، تضمّ قوات خاصة من نحو عشر دول أوروبية لتعقّب الجهاديين عند الحدود بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. ولم تُكشف في حينه أي تفاصيل حول الدول التي ستشارك في هذه القوة، لكنّ الرؤساء قالوا إن “تاكوبا” ستركّز جهودها على تعقّب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى. وتعهّدت إستونيا التي تشارك أصلاً في قوة برخان الفرنسية بسريّة من 50 رجلا بالمشاركة في قوة تاكوبا بسرية أخرى من 40 عسكريا. وفي باماكو أعربت الوزيرة الفرنسية عن ثقتها في مشاركة دول أوروبية في قوة “تاكوبا”، كما أكّدت على ثبات المشاركة العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل. وقالت بارلي “الرسالة واضحة تماماً: نريد مواصلة الكفاح ضدّ الإرهاب لأنّ ما يحدث في الساحل، وانعدام الأمن السائد في الساحل اليوم، هو أيضاً انعدام للأمن بالنسبة لنا جميعاً نحن الأوروبيين”. وتأتي التحركات الفرنسية بعد أن استشعرت باريس على ما يبدو خطر انسحاب الولايات المتحدة من الساحل الأفريقي وأفريقيا عموما ما يجعل باريس تتحمل لوحدها تبعات مغامرتها في أفريقيا بحثا عن الثروات. وتنشر فرنسا منذ سنة 2014 قوات لها في الساحل الأفريقي في إطار عملية برخان التي أطلقتها باريس لمواجهة موجة التمرد التي تشهدها المنطقة. وتعتزم فلورانس بارلي زيارة واشنطن لحث الولايات المتحدة على العدول عن القرار الذي من المرتقب أن تتخذه بالانسحاب من أفريقيا والبقاء لمكافحة مظاهر التمرد والجهاديين. وأضافت بارلي في تصريحات للنواب الأسبوع الماضي “نعتمد حقا على دعم الولايات المتحدة المهم لنجاح هذا الجهد المشترك”، في إشارة إلى العمليات الفرنسية والأفريقية في المنطقة. وباتت فرنسا تتكبد خسائر فادحة في الساحل الأفريقي حيث قُتل في نوفمبر 13 جنديا في اصطدام بين مروحيتين فرنسيتين في مالي. وإلى جانب التهديدات الإرهابية باتت فرنسا تخشى أكثر من أي وقت مضى تنامي الأصوات المعارضة لتواجدها عسكريا في هذه المنطقة حيث يُنظر إليها على أنها “قوة استعمارية”. ولهذا السبب لم يتوان ماكرون ولو للحظة واحدة على دعوة زعماء دول الساحل الأفريقي لتوضيح مواقفهم حيال وجود بلاده العسكري هناك وذلك على هامش مؤتمر حلف الناتو الذي انعقد في ديسمبر الماضي في لندن. وقال ماكرون آنذاك من بريطانيا إنه تم تأكيد “شرعية” نشر القوات الفرنسية والأممية على مدى ست سنوات، وأنها لا تزال تمثل “جزءا من أمننا”. وجاءت دعوة ماكرون بعد أن تعالت أصوات مناوئة للوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا عموما في الوقت الذي تسعى فيه العديد من القوى العالمية الأخرى إلى تثبيت موطئ قدم لها في القارة السمراء الغنية بثرواتها. وفي رد له في ديسمبر على الأصوات المعارضة لبلاده هناك قال ماكرون “لا يمكن أن أُبقي على قواتنا على الأرض في الساحل بينما هناك التباس من قبل السلطات بشأن التحركات المناوئة لنا والتصريحات التي تصدر أحيانا عن سياسيين ووزراء”.

مشاركة :