كشفت مصادر مطلعة في قطاع النفط الثلاثاء أن شركة بريتش بتروليوم (بي.بي) انسحبت من حقل كركوك النفطي العملاق في العراق. وقالت ثلاثة مصادر لوكالة رويترز إن الشركة النفطية البريطانية اتخذت الخطوة بعد انتهاء عقدها للتنقيب البالغ حجمه 100 مليون دولار دونما اتفاق على توسعة الحقل، في ضربة جديدة لآمال بغداد في زيادة إنتاجه. ويأتي تحرك بي.بي مع قيام شركات الطاقة الغربية بإعادة تقييم عملياتها في العراق وسط قلاقل سياسية في ظل احتجاجات مناهضة للحكومة محتدمة منذ أشهر وتصاعد في التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. ويتزامن قرار الشركة البريطانية مع احتجاجات غير مسبوقة تفجرت مطلع أكتوبر الماضي، تخللتها أعمال عنف وقذفت باقتصاد البلد العضو في منظمة أوبك إلى المجهول. وقالت المصادر المطلعة إن بي.بي أخطرت السلطات العراقية الشهر الماضي بأنها ستسحب موظفيها من الحقل الواقع في شمال البلاد بعد أن حل في نهاية العام الماضي أجل عقد الخدمات الممنوح لها في 2013. وأكد مصدر كبير بشركة نفط الشمال العراقية، التي تشرف على عمليات كركوك، لرويترز، التي لم تكشف عن هويته، انسحاب بي.بي. وقال المسؤول إنه “جرى تسليم نتائج دراستها الميدانية لتطوير حقل كركوك النفطي لشركة نفط الشمال وللأسف كانت دون التوقعات… على الأقل بالنسبة لنا”. وأضاف “من الواضح تماما أن نتائج الدراسة ليست مشجعة بالنسبة لشركة بي.بي حتى تمدد عملياتها”. ولم ترد الحكومة العراقية على طلب للتعقيب. وأكدت بي.بي أنها أنهت العمل والدراسات الميدانية وقالت إنها سلمت توصياتها بشأن تطوير الحقل إلى شركة نفط الشمال. ولم تعلق الشركة التي مقرها لندن على عمليات نقل الموظفين. وقالت “في 2013، وقعت بي.بي خطاب نويا مع شركة نفط الشمال التابعة لوزارة النفط العراقية لدعم دراسات النشاط الميداني في كركوك. وكما كان مخططا، انتهت بي.بي في ديسمبر 2019 من العمل والدراسات الميدانية والتوصيات”. وبحسب مهندس كبير آخر في شركة نفط الشمال، ترك موظفو بي.بي أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاصة بهم لدى شركة نفط الشمال بعد إنهاء المسح والدراسة الفنية للحقل. وكان العراق يأمل أن تساعده بي.بي على زيادة إنتاج الحقل لثلاثة أضعافه كي يبلغ مليون برميل يوميا، أي أكثر من خُمس إنتاجه الحالي، وواحد بالمئة من الإنتاج العالمي. لكن عقد بي.بي جرى تعليقه في عام 2014 عندما انهار الجيش العراقي في مواجهة التقدم الكاسح لتنظيم داعش المتطرف بشمال وغرب العراق، مما سمح لحكومة إقليم كردستان بالسيطرة على منطقة كركوك. واستعادت بغداد السيطرة الكاملة على كركوك من حكومة إقليم كردستان في 2017 بعد استفتاء على استقلال الإقليم لم يُكلل بالنجاح، ومن ثم استأنفت بي.بي دراساتها على الحقل. وكان العراق قد قام بتأميم صناعة النفط في يونيو 1972 وأدار جميع المنشآت النفطية بالاعتماد على الخبرات والكوادر العراقية حتى الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. وشهدت صناعة النفط حالة من الفوضى منذ ذلك الحين بسبب الاستغناء عن الكوادر العراقية وتوقيع عقود تعطي الشركات الأجنبية حقوقا واسعة على حساب مصالح البلاد. ويقول محللون إن اللجوء إلى شركة بي.بي لتقوم بتطوير جميع حقول محافظة كركوك كان يهدف أساسا إلى وضع حد نهائي لإرث قرار تأميم النفط العراقي في عام 1972. وشملت أعمال بي.بي دراسة زلزالية ثلاثية الأبعاد لخزان الحقل وبحسب بي.بي، تشير التقديرات إلى أن حقل كركوك يحوي 9 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج. ويُنتج أغلب الخام العراقي من مناطق خاضعة لإدارة الحكومة المركزية في بغداد بجنوب البلاد، ويُصدّر من موانئ في الجنوب على الخليج. وتصدّر حكومة إقليم كردستان حوالي 300 ألف برميل يوميا من الخام من شمال العراق من خلال خط أنابيب عبر تركيا. والعراق، ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في أوبك بمتوسط 4.5 مليون برميل يوميا، ويصدّر يوميا 3.4 مليون برميل، ويعتمد على إيرادات بيع الخام لتغطية نحو 90 بالمئة من نفقات الدولة.
مشاركة :