حضرت أكثر من 50 لوحة للفنانة التشكيلية السعودية الراحلة زكية الدبيخي في صالة العرض بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وغابت هي روحا وجسدا، ولكن هذه اللوحات استطاعت وبقوة أن تستعيد للحضور روح زكية، وكأنها أمامهم تخاطبهم وتشرح لهم عن فلسفة ضوء ألوانها التي تتسلل لهم من كل زاوية ونافذة في المعرض، فرأوها في حارة حي العدامة وأحياء المنامة وملابس التراث للطيبين، وأشياء كثيرة كانت كفيلة لتحقيق حلمها بإقامة معرض لها قبل وفاته. إحياء التراث بالفرشاة المعرض الذي احتضنته الجمعية الخميس الماضي، وافتتحه المهندس عبدالله العرفج، بحضور نخبوي مميز وأهالي الفنانة، استعاد تراثا قديما لمنطقة الخليج العربي، كون الفناة ولدت في أحياء مدينة الدمام في الزمن الجميل، والذي رأى التآخي بين الجيران، وخليط الثقافات التي جمعته شوارعها الحالمة بالمستقبل، وكان لوجه المرأة حضوره أيضا عبر البوروتريه والدور الذي تقوم به، وإظهار الجمال الأنثوي لها، كل ذلك جعل الحضور يردد بين أروقة المعرض "ما الذي تفعله بنا ألوان وفرشاة زكية". عودة بعد انقطاع الفنانة الدبيخي التي كانت منذ الصغر شغوفة بالرسم، ولمست التشجيع من والدها، ورغم العوائق التي أحاطتها إلا أنها استطاعت أن تنمي موهبتها من خلال دروس الرسم بإشراف فنانات سعوديات وضعوا بصمتهن على الفن السعودي، وتوقفت برهنة من الزمن عن الرسم لانشغالها بتكوين عائلتها، وتكريس وقتها لعملها كمعلمة لغة إنجليزية، ولكن لم يفارقها حسها الفني الذي روضته ليخدم طالباتها في فهم المادة، وبعد سنوات انقطاع لم تستطع إسكات حنينها لفرشاتها وألوانها، وعادت زكية ترسم كل يوم، حتى أنها كانت ترسم في أوقات انتظارها لمواعيدها في المستشفى، مصممة على استغلال كل دقيقة لموهبتها، حالمة بمعرضها قريبا. وداع الفرشاة في نوفمبر 2018 ودعت الدبيخي الحياة، تاركة لجمهورها أعمالا، وحبا للألوان والحياة والقطط، واليوم يرى عشاق اللون مشاعرها وأحاسيسها في كل لوحة تنبض عن المرأة السعودية، وعن التراث الأصيل الذي كانت شغوفة بإثرائه، وعن الطبيعة والحياة معا.
مشاركة :