يمكن أن يكون الفوز بمكان في كلية إدارة الأعمال صراعا لأي طالب ماجستير طموح في إدارة الأعمال. لكن أماني أبو القمبز، فلسطينية تعيش في غزة، كان عليها أن تتغلب على عقبات أخرى قبل أن تصل إلى تلك المرحلة - مثل إيجاد مخرج من وطنها، الذي لا يوجد فيه مطار. اختارت أبو القمبز برنامجا بدوام كامل مدته عام واحد في كلية إدارة الأعمال في جامعة إدنبره، بدءا من عام 2017، لأنها اعتقدت أن مجموعة المقررات المختارة ستساعد على إعدادها لمستقبل في العمل الإنساني - بل أيضا بسبب جودة الحياة التي وعدت بها العاصمة الاسكتلندية. "إنها مدينة هادئة وجميلة للغاية، ومكان يمكنك التجول فيه بسهولة. اعتدت على المشي كل يوم، وحتى تسلق تل آرثرز سييت". تضيف في إشارة إلى التل الذي يطل على المدينة "نفتقد هذه المساحات الخضراء في غزة". ساعد أيضا أن يكون للمجلس الثقافي البريطاني، المنظمة الثقافية والتعليمية، مكتب في غزة. أبو القمبز، وهي متزوجة ولديها ابنة صغيرة، تعد نفسها محظوظة بين المواطنين الفلسطينيين. نشأت في امتياز نسبي في الأراضي الفلسطينية، حيث أتيحت لها فرصة الدراسة للحصول على شهادة في الهندسة الكهربائية من الجامعة الإسلامية في غزة. حتى قبل تخرجها في البرنامج الدراسي في عام 2012، كانت أبو القمبز تفكر فيما ستدرسه لاحقا لتحسين آفاق حياتها المهنية. كانت مصممة على أن مستقبلها يكمن في العمل الإنساني، وأرادت بشدة أن تحصل على منصب في الإدارة العليا لوكالة تابعة للأمم المتحدة، حيث يمكن أن تبدأ في غزة لكن قد تتاح لها في وقت لاحق فرصة العمل في دول أخرى. سرعان ما أدركت أن شهادة الماجستير في إدارة الأعمال كانت أفضل فرصة لها للحصول على واحد من هذه المناصب المرغوبة جدا. تتذكر وهي تتحدث من منزلها "لقد تقدمت بطلب لشغل عدد من المناصب، لكن لم يتم ترشيحي أبدا. انضممت إلى برنامج متطوعي الأمم المتحدة لمجرد التعرف على متطلبات الوظيفة بدوام كامل على مستوى عال". أبو القمبز كادت أن تفوت تاريخ بدء ماجستير إدارة الأعمال في أيلول (سبتمبر) في إدنبره بسبب تأخيرها في عبور إسرائيل للوصول إلى مطار في الأردن. تقول: "كان فريق إدنبره للقبول داعما"، مضيفة أنها لم تحصل على تصريح لعبور إسرائيل إلى الأردن إلا في اليوم الذي من المقرر أن تكون فيه في إدنبره. "لقد كان أمرا مذهلا، إنها معجزة". وجدت تجربة التعلم مختلفة جدا. تقول: "أسلوب التدريس في فلسطين لدرجة البكالوريوس تقليدي جدا وقديم: يتم عن طريق الورق أو العروض التقديمية. على النقيض من ذلك، الأسلوب في إدنبره حديث ومنفتح ومتنوع. كانت لدينا مجموعة متنوعة من المتحدثين الخارجيين والزيارات وأنشطة التواصل والعمل الجماعي والواجبات والامتحانات". كان ماجستير إدارة الأعمال مهما في تحقيق حلمها: أطروحة نهاية البرنامج الدراسي حول العنف القائم على أساس الجنس (الجندر) كانت مهمة بشكل خاص في الحصول على وظيفة. بعد أن رفضت في كل وظيفة تابعة للأمم المتحدة تقدمت إليها قبل الانتقال إلى إدنبره، وجدت أبو القمبز أن بحث ماجستير إدارة الأعمال يدخل في صميم عمل مشروع ممول من كندا في غزة لمساعدة أولئك الذين عانوا العنف القائم على أساس الجنس، مثل العنف الأسري. كان هذا أول طلب وظيفي لها باعتبارها خريجة ماجستير في إدارة الأعمال وتم قبولها في وظيفة في مشروع مرتبط بصندوق الأمم المتحدة للسكان. يوجد لدى الأمم المتحدة مبنيان رئيسيان في قطاع غزة، وأبو القمبز تعمل الآن مع النساء والفتيات في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، لمساعدة الناجين من العنف القائم على أساس الجندر من خلال تقديم الدعم القانوني والنفسي والمالي والطبي. تقول: "دورنا باعتبارنا مساعدي المشروع هو القيام بزيارات ميدانية للمتابعة مع الشركاء، وإعداد خطط العمل والتقارير وأفضل الممارسات، وعرض قصص النجاح". وتضيف أن العمل مع وكالات الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية هو امتياز، لكنه يأتي مع بعض التعقيدات. "الصراع والانقسام السياسي في فلسطين يؤثران في عملنا"، مشيرة إلى أن البيروقراطية الحكومية غالبا ما تتسبب في حدوث اضطراب. وتضيف: "نحن نعمل في مجتمع محافظ نحتاج فيه إلى تغيير كثير من التعصب والمعتقدات". درجة الماجستير في إدارة الأعمال ساعدت أبو القمبز أخيرا في تحقيق طموحها في العمل الإنساني، لكن وراء الكفاح للوصول إلى إدنبره كانت هناك تضحيات مؤلمة - كان عليها أن تترك عائلتها. تقول: "كنت سعيدة وحزينة في الوقت نفسه، لأنني تلقيت مكالمة في الصباح بأن علي المغادرة الآن، وهذا يعني أنه لم يكن بإمكاني أن أودع زوجي وابنتي وداعا لائقا". كانت تعرف أنها ستنتقل مؤقتا إلى إدنبره من دون زوجها لأنه قد تولى أخيرا دورا كبيرا في صناعة الهواتف المحمولة في غزة ويخشى أن يضر انتقاله بفرصته في حياة مهنية كان متحمسا لها. لكن بعد ذلك، تم رفض حصول ابنتها، التي كانت تبلغ من العمر عامين في ذلك الوقت، على تأشيرة للسفر إلى المملكة المتحدة لأن المنحة التي تلقتها أبو القمبز لم تغط تكاليف رعاية الأطفال في إدنبره. تقول إنها ممتنة لمنحتها الدراسية من مؤسسة هاني القدومي للمنح الدراسية، وهي منظمة أردنية غير ربحية تهدف إلى المساعدة علاى إنعاش الأراضي الفلسطينية من خلال توفير فرص تعليم دولية للمواطنين. لكن كانت الحياة في إدنبره مكلفة، وأحيانا كانت أبو القمبز تضطر إلى أن تطلب من زوجها تحويل مبالغ مالية لتغطية تكاليف المعيشة. التأخر في الوصول إلى إدنبره يعني أيضا أنها قضت الأسابيع القليلة الأولى في جهد إضافي للحاق بالركب. وحتى بعد ذلك كانت لديها أيام حافلة، إذ كانت تقضي في الفصل الدراسي فترات تمتد من التاسعة صباحا إلى الخامسة مساء، ثم التحصيل لمدة تصل إلى أربع ساعات في غرفة استأجرتها في المدينة. بالنظر إلى الوراء، تعتقد أن التجربة كانت تستحق العناء. تقول "أنا سعيدة للغاية"، مضيفة أنه من الجيد أن تعود إلى أسرتها في الدولة التي يحبونها.
مشاركة :