نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله إن على إيران والسعودية العمل معا لتجاوز المشكلات. وأضاف واعظي “ينبغي ألا تصبح العلاقات بين إيران وجارتها السعودية مثل العلاقة بين طهران والولايات المتحدة، ينبغي أن تعمل طهران والرياض معا لحل مشاكلهما”. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها طهران التقرب من الرياض دون جدوى، حيث تتمسك السعودية بضرورة أن تكف إيران عن تمويل أذرع لها في المنطقة تعمل على زعزعة استقرارها. وتتنزل الدعوة في سياق يتسم بعزلة فرضتها إيران على نفسها من خلال العمل على تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي، وكذلك محاولة جر الشرق الأوسط إلى صراع أكثر دموية في ظل النزاع الذي يشهده اليمن وأيضا الاحتجاجات التي اجتاحت كلا من العراق ولبنان. وباتت المستجدات في هذين البلدين تنذر ببداية تقلص النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما يضاف إلى سلسلة من المشاغل التي ترهق طهران إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها. وفي رد له على الدعوة الإيرانية قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، الأربعاء، إن ’’دولا عديدة عرضت وساطتها في محادثات مع إيران’’. وأضاف الجبير أن ’’المملكة منفتحة على المحادثات مع إيران، لكن إذا أقرت إيران بأنه لا يمكنها دعم أجندتها الإقليمية من خلال العنف’’. وتطرق الجبير، في معرض رده على الدعوات الإيرانية المتكررة، إلى التذكير بأن المنطقة بأسرها تجنبت ’’أي تصعيد’’ بسبب إيران. وجاءت الدعوة الإيرانية هذه المرة بعد ساعات من شن الجبير هجوما لاذعا على إيران محملا إياها مشاهد الفوضى التي تغرق فيها المنطقة يوميا. وخلال كلمة له أمام لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية إن "إيران الدولة الأكبر الراعية للإرهاب في العالم". ولم يفوت الجبير الفرصة للخوض في المعضلات التي تواجه دول المنطقة، موضحا أن الشيعة في العراق ولبنان وإيران يتظاهرون للاحتجاج على سياسات السلطات في طهران. والدعوة الإيرانية إلى التطبيع مع المملكة تأتي في وقت تواجه فيه إيران أزمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليها جراء تخفيض التزاماتها حيال الاتفاق النووي الممضى في العام 2015. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران في مايو 2018، وبالرغم من التطمينات الأوروبية بحماية الاتفاق إلا أن إيران تمادت في محاولاتها استئناف تخصيب اليورانيوم ما يثير توجسا دوليا ويجعلها عرضة لعقوبات أميركية. وتكرس العديد من الدول والقوى العالمية ضغوطا على طهران لثنيها عن اتخاذ خطوات جديدة في سياق تخفيض التزاماتها حيال الاتفاق النووي. وكانت آخر هذه الضغوط إعلان كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا بدأها بتفعيل آلية فض النزاعات المتعلقة بالاتفاق النووي. وتتيح هذه الآلية اللجوء إلى فرض عقوبات أممية على إيران لمخالفتها بنود الاتفاق النووي. وجاءت الخطوة الأوروبية بعد أن وجهت إيران انتقادات لاذعة لهذه الدول متهمة إياها بالرضوخ لإرادة ترامب. وإلى جانب الاتفاق النووي تعيش إيران على وقع عزلة إقليمية بعد أن استشعرت العديد من دول المنطقة والقوى العالمية الخطر الذي تمثله طهران وأذرعها على الأمن والسلم في الشرق الأوسط. وتنتشر في كل من العراق والسعودية والإمارات وغيرها قوات أميركية وأجنبية بهدف الإسهام في حفظ الأمن والرد على أي استفزازات إيرانية محتملة. وجاء هذا الإجراء بعد أن أقدمت طهران على احتجاز ناقلات نفط العام الماضي في مضيق هرمز ما أثار موجة استنكار واسعة النطاق. ولم تتوقف الاستفزازات الإيرانية عند هذا الحد حيث استهدفت ميليشيات الحوثي في اليمن بصواريخ منشأتي النفط السعوديتين أرامكو. وبالرغم من إنكار إيران وقوفها وراء الهجوم الصاروخي إلا أن كلا من السعودية وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا أدانت إيران. وتخوض السعودية منذ سنوات حربا في اليمن من أجل استعادة الشرعية بعد انقلاب الحوثيين المدعومين من طهران على الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي. وازدادت حدة التوتر في الشرق الأوسط هذا الشهر مع قتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بهجوم صاروخي في بغداد. وبالرغم من إطلاق دعوات دولية إلى ضبط النفس ومنع أي تصعيد فإن إيران أبت إلا أن ترد بهجوم صاروخي استهدف قواعد تستضيف قوات أميركية دون أن توقع أضرارا بشرية في صفوف هؤلاء.
مشاركة :