الجيل الخامس .. الذكاء الاصطناعي يكافح التجسس

  • 1/23/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التقى رؤساء 18 شركة اتصالات بريطانية صغيرة في أحد المصارف في لندن قبل شهرين لمناقشة الاستثمار والاستراتيجية وعمليات الدمج. بصفتهم من مخففي التوترات، سئلوا عما إذا كانوا يعتقدون أن بإمكان الصينيين التنصت عبر "أبواب خلفية" في معدات شركة هواوي. رفع الجميع أيديهم. ثم سأل أحد المصرفيين، لتحقيق التوازن، ما إذا كانوا يعتقدون أن بإمكان الولايات المتحدة الوصول إلى الاتصالات من خلال معدات شركة سيسكو الرئيسية. قال مصرفي حضر الاجتماع: "رفع الجميع أيديهم مرة أخرى دون تردد". في الوقت الذي بدأت فيه المملكة المتحدة ودول أخرى في بناء شبكة الجيل الخامس، وهي الجيل التالي من شبكات الهاتف الخليوي، تحرص صناعة الاتصالات على إظهار قدرتها على التعايش مع مثل هذه المخاطر. قال سكوتي بيتي، كبير الإداريين للتكنولوجيا في شركة فودافون في المملكة المتحدة: "نحن لا نثق بأي شخص سواء كان في الصين أو الولايات المتحدة ولا ينبغي أن تفعل أي شركة ذلك. مهمتنا هي حماية زبائننا". في الأيام المقبلة ستقرر حكومة بوريس جونسون ما إذا كانت ستسمح باستخدام معدات شركة هواوي في شبكة الجيل الخامس في المملكة المتحدة، وسط ضغوط شديدة من الولايات المتحدة لاستبعاد شركة صناعة معدات الاتصالات المهيمنة في الصين لأسباب أمنية. في حين أن بعض التنازلات متوقعة في مدن مثل مانشستر، لضمان عدم ارتفاع حصة الشبكة التي تزودها شركة هواوي عن مستوى معين، إلا أن هناك ثقة متزايدة بين شركات الاتصالات أن الحكومة لن يبلغ بها الأمر أن تفرض حظرا كاملا ومكلفا. في الواقع، أنفقت الشركات في المملكة المتحدة، مثل غيرها في أنحاء أوروبا كافة، مبالغ كبيرة بالأصل على ترقية آلاف هوائيات شركة هواوي إلى شبكة الجيل الخامس. حتى شركة O2، التي اختارت استخدام هوائيات "إريكسون" و"نوكيا" لشبكة الجيل الخامس، لا تزال لديها سلسلة من هوائيات شركة هواوي تمتد عبر قلب الحي المالي في لندن، بما في ذلك واحد يقع مباشرة مقابل مطعم سويتنجز، وهو مطعم يرتاده المصرفيون وقت تناول الغداء. لقد كانت جزءا من شبكة اختبار لم يتم إيقاف تشغيلها أبدا. بالنسبة للشركات، النقاش حول الأجزاء "غير الأساسية" من الشبكة – الهوائيات ومحطات القواعد المثبتة على الأبراج وأسطح العمارات في أنحاء البلاد كافة – والأجزاء "الأساسية" الأكثر حساسية – خوادم الكمبيوتر حيث يتم الاحتفاظ بمعلومات الزبائن – قد يتم إيقافها. خلال العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة، مع تطور شبكة الجيل الخامس، ستعمل شبكات الهاتف الخليوي على برامج متقدمة تمتد عبر الأجزاء "الأساسية" التقليدية والأنظمة التي تدير الهوائيات التي تربط كل شيء، بدءا من الهواتف الذكية إلى المصانع والسيارات ذاتية القيادة بالشبكة. سينتقل مزيد من الحوسبة من الأجزاء "الأساسية" إلى الأجزاء "الهامشية"، سواء كان ذلك على الهواتف الذكية، أو على الخوادم الموجودة داخل المصانع، أو على جوانب الطرق لمعالجة البيانات بسرعة والتواصل مع الشبكة. هذا هو جوهر الحجة التي تقدمها الولايات المتحدة – الطريقة الوحيدة لضمان السلامة هي حظر شركة هواوي، التي نفت مرارا وتكرارا ارتكاب أي مخالفات، من جميع أجزاء شبكة الجيل الخامس. جويليرمو بيدراجا، رئيس شبكة الجيل الخامس في شركة NTT DATA اليابانية في المملكة المتحدة، قال: "حجم الهجوم السطحي سيكون أكبر بكثير (...) في بعض الأحيان سيكون مخيفا". وقال عن النهج الأولي لأمن شبكة الجيل الخامس "من الواضح أنه ليس تحت السيطرة بعد". لكن من المحتمل أن يبدو الأمن في شبكة الجيل الخامس مختلفا تماما عن الطريقة التي تتم بها إدارة شبكات الاتصالات اليوم. جادلت شركةNTT بأن جميع المعدات ينبغي أن تحصل على شهادة اعتماد لتحسين الثقة. شركات أخرى، مثل O-RAN Alliance، أشارت إلى أن البرنامج الذي يشغل الشبكة ينبغي أن يكون مفتوح المصدر وشفافا، بحيث يمكن التحقق منه بشكل مستقل. في حين أن كود البرنامج اللازم لإدارة شبكات الجيل الخامس من المحتمل أن يزيد بشكل كبير، إلى الحد الذي سيكون فيه من المرهق على محللي الأمن في بريطانيا البحث عن ثغرات، إلا أن برامج الذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على مراقبة الشبكة بحثا عن سلوك غير طبيعي يشير إلى وجود انتهاك محتمل. "هناك تاريخ انتهاء صلاحية لهذه المحادثة (عن شركة هواوي والأمن)"، كما قال الرئيس التنفيذي لواحدة من أكبر مجموعات الاتصالات في أوروبا، مشيرا إلى المرحلة التي سيقوم فيها البرنامج بتشغيل شبكة الجيل الخامس بالكامل. هناك أيضا ثقة متزايدة بأن شبكة الجيل الخامس ستؤدي إلى دخول مزيد من الموردين، ما يساعد على التخفيف من المخاوف بشأن السيطرة على السوق فيما يتعلق بالصواري ومحطات القواعد التي تسيطر عليها حاليا شركات "هواوي" و"نوكيا" و"إريكسون". ومع أن استبدال المعدات التي صنعتها هذه الشركات الرائدة الثلاث مكلف ومرهق حاليا، إلا أن شبكة الجيل الخامس الكاملة في المستقبل ستسمح للشركات بترقية البرنامج في الصواري بسهولة، ما يفتح المجال أمام الموردين الأصغر للمنافسة. قدمت الولايات المتحدة ما يزيد على مليار دولار لتمويل أبحاث للمساعدة على بناء شركات أصغر للتنافس مع شركة هواوي، على أمل أن شركات مثل "بارالل ويرلس" Parallel Wireless و"أوتيوستار" Altiostar و"مافنير" Mavenir ستصبح لاعبين أكثر أهمية. ستيف بابا، الرئيس التنفيذي لشركة بارالل ويرلس، قال: "من أكبر المشكلات التي تواجه صناعة الاتصالات هي هيمنة الشركات العملاقة مثل هواوي، التي تعتمد تكنولوجيتها على الأجهزة بشكل كبير ولا تتوافق مع تكنولوجية البائعين الآخرين. هذه المنحة لدعم تطوير المنتج ستزيد القدرة التنافسية في السوق الأمريكية وتساعد على تسريع الابتكار". في الوقت الحالي، تعترف صناعة الاتصالات بضرورة إبقاء معدات شركة هواوي خارج جدران الحماية التي تحمي انتقال البيانات من وإلى قلب الشبكة. حتى في شبكة الجيل الخامس الكاملة من غير المرجح أن يسمح باستخدام شركة هواوي بالقرب من المجالات "عالية الخطورة"، مثل خوادم الحوسبة المعرضة للخطر. تعترف الصناعة أيضا بأنها تحتاج إلى العمل بجد لإعادة بناء العلاقات بعد الاتهامات التي تم توجيهها إلى "هواوي". دين بابلي، مؤسس الشركة الاستشارية "ديسربتيف أناليسس"، اعتبر أن "انعدام الثقة وصل الآن إلى مستويات قصوى". لن تنجح الصناعة في "حل المشكلة التي تواجهها" إلا من خلال إظهار أن الشبكات المستقبلية آمنة.

مشاركة :