بعدما ظلت الآلية البيولوجية المسببة للشيب غامضة لفترة طويلة، تمكن خبراء من تحديد السبب المسؤول عن ظهور خصلات بيضاء على الشعر. الدراسات بينت أنه يوجد اختلاف في التعامل مع تغير لون الشعر باختلاف مسبباته، فكيف ذلك؟ أخيراً نجح الخبراء في تحديد سبب الإصابة بالشيب. تروي القصص الشعبية أن شعر ماري أنطوانيت شاب تماما، قبل إعدامها بالمقصلة عام 1793 أثناء الثورة الفرنسية، في مثال صارخ على الشيب المرتبط بالتوتر. كما أن كارل ماركس تأثر بوفاة ابنه الصغير إيدغار لدرجة جعلت شعره يشيب فجأة. وظلت الآلية البيولوجية المسببة لهذا النوع من الشيب غامضة لفترة طويلة، لكن الباحثين قالوا إنهم اكتشفوا كيف يحدث ذلك إذ أن الأمر يتعلق بآلية "لا مفر من القتال"، التي يستخدمها الجسم في مواجهة الخطر. واستخدم الباحثون تجارب على الفئران لدراسة كيف يؤثر التوتر على الخلايا الجذعية في بصيلات الشعر المسؤولة عن صنع الخلايا الصبغية، وهي الخلايا التي تنتج الصبغة التي تعطي الشعر لونه سواء أسود أو بني أو أشقر أو أحمر أو ما بين هذه الألوان. ولدى الإنسان عادة نحو مئة ألف بصيلة شعر في فروة رأسه. أسباب الإصابة وكان الباحثون في بادئ الأمر يشتبهون في أن الهجمة المناعية الناجمة عن التوتر تستهدف الخلايا الصبغية الجذعية، لكن هذه الفرضية لم تتأكد. وبعد ذلك بحثوا فيما إذا كان هرمون كورتيزول الذي يفرزه الجسم أثناء التوتر هو السبب، لكن ذلك أيضا لم يوصل إلى شيء. لكنهم وجدوا أن الجهاز العصبي الودي (السمبثاوي) الذي يتحكم في رد الفعل عند مواجهة الخطر أو ما يطلق عليه آلية "لا مفر من القتال" يلعب دورا محوريا. ويتكون ذلك الجهاز من شبكة أعصاب تمتد في كل مكان بالجسم بما في ذلك الجلد، حيث تمتد مثل شرائط تربط كل بصيلة شعر وتكون قريبة جدا من الخلايا الصبغية الجذعية. وعندما تعرضت الفئران لألم قصير الأمد أو وُضعت في حالة توتر معملية، أفرزت هذه الأعصاب مادة كيماوية تأخذها الخلايا الجذعية في بصيلات الشعر التي تخزن الخلايا الصبغية. وعن هذا تبين تشيه شو الأستاذة المساعدة المتخصصة في الخلايا الجذعية، وعلم الأحياء التجديدي في جامعة هارفارد "ذلك يعني أن هذه الخلايا لا تترك شيئا. في غضون بضعة أيام يُستنفد مخزن الخلايا الجذعية التي تجدد الصبغة. وفور النفاد، لا يمكن تجديد الصبغة". ما الحل؟ وشيب الشعر واحد من الآثار العديدة التي يتركها التوتر على جسم الإنسان. وهذه النتائج يمكن أن توجه تطوير علاج للشيب المرتبط بالتوتر أو ربما لتغيرات أخرى يحدثها التوتر في الأنسجة، لكن شو تقول إن ذلك قد يستغرق سنوات. إلا أن ذلك ليس بالضرورة دائما، فإذا أصاب الشيب الشعر بسبب التقدم في العمر، فإنه يمكن صبغه أو التعايش معه. أما إذا كان سبب الشيب يعود إلى المرض أو تجربة مؤلمة في الحياة أو اتباع نظام غذائي غير صحي، فهناك أمل لاستعادة اللون السابق. وتكمن طريقة القيام بذلك في اتباع نظام غذائي نباتي بالأساس، والذي يمد الجسم بالفيتامينات والمعادن الضرورية والمهمة. كما أن الشوكولاته والنبيذ الأحمر والعنب يمكن أن تساعد في استعادة لون الشعر الأصلي. ر.م/ع.أ.ج ( رويترز، DW)
مشاركة :