في ظل غضب دولي بسبب معاناة الآلاف من المهاجرين واللاجئين في مياه جنوب شرقي آسيا، واكتشاف السلطات الماليزية مقابر جماعية مطلع هذا الأسبوع، أعلن أمس نائب وزير الداخلية الماليزي وان جونايدي توانكو جعفر أن «السلطات تحقق في احتمالية تورط اثنين من رجال الشرطة في قضية اكتشاف عشرات المقابر الجماعية لمهاجرين». وأكد جعفر أن «رجلي الشرطة من بين الاثني عشر شخصا الذين تم القبض عليهم بين فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين للاشتباه في تورطهم في تهريب بضائع وبشر عبر الحدود التايلاندية - الماليزية». وأعلنت كوالالمبور أن المقابر التي عثر عليها في مخيمات للاجئين في منطقة نائية في ماليزيا على الحدود مع تايلاند تضم 139 جثة، على ما يبدو، لُفَّت كل منها بكفن أبيض حسب التقاليد الإسلامية. واكتشفت السلطات حتى الآن وجود 28 مخيما أخليت مؤخرا، على ما يبدو، والجثث الـ139 التي تم العثور عليها. وقال جعفر: «بالنظر إلى حجم المقابر وبعد تنظيف الموقع.. اتضحت الصورة أمامنا أكثر: في كل قبر جثة واحدة». ومطلع مايو (أيار) الماضي، عثرت تايلاند في جنوب البلاد على 5 مخيمات و35 جثة. وهذا الاكتشاف هو الذي دفع بانكوك إلى التحرك ضد تهريب المهاجرين، مما أدى إلى تفكك عصابات التهريب، بينما ترك المهربون آلاف المهاجرين في عرض البحر. وتجذب ماليزيا ذات الغالبية المسلمة والمزدهرة نسبيا المهاجرين من الروهينغيا الأقلية المسلمة الهاربة من الاضطهاد في بورما، إلى القادمين من بنغلاديش الفارين من الفقر. ونفت كوالالمبور أولا وجود مثل هذه المخيمات على أرضها، لكن بعد اكتشاف هذه المواقع التي تتسع لمئات الأشخاص، اتهمت منظمات ماليزيا بغض النظر عن الاتجار المربح في البشر. وقال المسؤول نفسه لوكالة الصحافة الفرنسية: «حسب تحقيقاتنا تم دفن الضحايا بطريقة سليمة والجثث ملفوفة بكفن أبيض كما يفعل المسلمون». وتقول منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان منذ فترة طويلة إن هذه المنطقة معبر مفضل للمهربين. وأكد قرويون لوكالة الصحافة الفرنسية أن «تهريب اللاجئين منتشر منذ فترة طويلة». وطالبت الولايات المتحدة أول من أمس ماليزيا بإحالة المسؤولين عن المقابر الجماعية والمخيمات المهجورة في شمال البلاد إلى القضاء. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعرف أن السلطات الماليزية تحقق في هذه الاكتشافات ونشجعها على العمل بشفافية ومصداقية وسرعة». وأوضح المسؤول الماليزي أنه لم يتم اكتشاف هذه المخيمات من قبل؛ لأنه كان يعتقد أنه لا يمكن دخول هذه المنطقة، مشيرا إلى أنه بعد اكتشاف المخيمات التايلاندية بدأت الشرطة تنقب في هذا القطاع الوعر الذي تغطيه أدغال كثيفة. وقال إن «دورياتنا لا تتسلق قمم الجبال عادة؛ لأن الناس لا يعيشون هناك». وفي الأسابيع الأخيرة وصل أكثر من 3500 مهاجر جائعين إلى تايلاند وماليزيا وإندونيسيا. ويبدو أن هناك آخرين عالقون في سفن بحمولات مفرطة في عرض البحر. والغالبية الكبرى من المهاجرين البنغلاديشيين مسلمون، مثل الروهينغيا. وتعتبر بورما أقلية الروهينغيا التي تضم 1.3 مليون شخص مهاجرين من بنغلاديش، وهم مهمشون ويتعرضون للتمييز. وأدت أعمال العنف والمواجهات بين البوذيين والمسلمين إلى سقوط نحو مائتي قتيل ونزوح أكثر من 140 ألفا آخرين في 2012. ومنذ بداية الأزمة، التزمت المعارضة البورمية التي حازت جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي الصمت. لكن الدالاي لاما الزعيم الروحي للبوذيين في التيبت دعاها إلى قطع هذا الصمت. وقال لصحيفة «ذي أستراليان» الأسترالية: «آمل أن تتمكن أونغ سان سو تشي بصفتها حائزة نوبل من أن تفعل شيئا ما»، موضحا أنه طلب منها مرتين التدخل منذ 2012. وأضاف الزعيم: «قالت لي إنها تواجه صعوبات، وإن الأمور ليست بسيطة بل معقدة»، موضحا: «رغم كل ذلك أعتقد أنها تستطيع أن تفعل شيئا». وقال محللون إن «هذا الصمت يفسر باقتراب الانتخابات التشريعية في نهاية 2015 والرغبة في كسب رأي عام بورمي يشهد صعود تيار قوي قومي بوذي ومعاد للمسلمين». أما بنغلاديش فتنوي نقل آلاف الروهينغيا الذين يعيشون منذ سنوات في مخيمات بالقرب من الحدود مع بورما إلى جزيرة هاتيا في خليج البنغال. ومن المقرر عقد مؤتمر إقليمي بشأن قضية المهاجرين اليوم في بانكوك.
مشاركة :