القهوة وضعف الانتصاب.. هل ثمة علاقة؟

  • 5/29/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

طرح الباحثون الطبيون من جامعة تكساس نتائج لافتة للنظر في علاقة شرب القهوة بتحسين قدرات الانتصاب لدى الرجال، وهي نتائج تُضاف إلى مجموعات من الفوائد الصحية التي تم التعرف عليها خلال العقدين الماضيين حول التأثيرات الصحية الإيجابية لشرب القهوة. ووجد الباحثون من مركز جامعة هيوستن للعلوم الصحية أن عموم الرجال الذين يتناولون كميات أكبر من مادة الكافيين، الموجودة في القهوة والشاي والمشروبات الغازية، هم أقل عُرضة لخطورة الإصابة بضعف الانتصاب، ويُستثنى منهم منْ لديهم الإصابة بمرض السكري. وكانت دراسات طبية كثيرة قد تناولت تأثيرات شرب القهوة على جوانب صحية مختلفة، مثل تقليل احتمالات الإصابة بمرض السكري وتحسين صحة الشرايين القلبية وغيرها، وهو ما تبنته لجنة خبراء إرشادات التغذية للأميركيين في إصدارتها الأخيرة، التي أشارت إلى أن تناول ما بين ثلاث إلى خمسة أكواب من القهوة في اليوم يُقلل خطورة الإصابة بأمراض القلب وبمرض السكري. وعلق الدكتور ديفيد لوبيز، الباحث الرئيس في الدراسة، بالقول: «لقد لاحظنا انخفاضًا في معدلات الإصابة بضعف الانتصاب لدى الرجال السمينين وذوي الوزن الزائد والمصابين بارتفاع ضغط الدم. ولكننا لم نلحظ تلك الفائدة لدى الرجال المصابين بمرض السكري، وهذا الأمر لم يُفاجئنا لأن مرض السكري بذاته هو من أقوى عوامل الإصابة بضعف الانتصاب». ومن المعلوم أن ضعف الانتصاب إحدى المشكلات الصحية الشائعة نسبيًا لدى الرجال، والإحصائيات الحديثة في الولايات المتحدة تشير إلى أن نحو 20 في المائة من عموم الرجال ممن هم فوق سن العشرين مُصابون بضعف الانتصاب، وترتفع تلك النسبة حال وجود أمراض مزمنة أخرى مثل مرض السكري أو أمراض شرايين القلب أو اضطرابات الغدة الدرقية أو تناول أدوية أو مشروبات تُؤثر سلبيًا على قدرات الانتصاب لدى الرجال. وهذه الدراسة هي من نوع دراسات الملاحظة، أي تضع أمامها أمرًا معينًا وتتناول بالبحث حقيقة تأثيراته عبر ملاحظة العلاقة فيما بين هذا الشيء وشيء آخر، أي ملاحظة العلاقة فيما بين شرب القهوة وحصول حالة ضعف الانتصاب. ودراسات الملاحظة لا تُصمم بالأصل لإثبات علاقة من نوع إثبات تأثيرات السبب في حصول النتيجة، ولكنها من أنواع الدراسات المبدئية التي تُستخدم لمعرفة مدى وجود علاقة إيجابية أو سلبية بالعموم فيما بين أمرين، ولذا فإن هذه الدراسة أثبتت أنه بداية ثمة علاقة إيجابية محتملة بين تناول عدد من أكواب القهوة يوميًا على تقليل احتمالات حصول ضعف الانتصاب مقارنة بعدم شرب القهوة أو تدني كمية القهوة المتناولة يوميًا. وهذا الإثبات المبدئي هو بداية منطقية للبحث في إثبات علاقة من نوع السبب والنتيجة المؤكدة بينهما. وعموم الدراسات الطبية التي تبحث في جوانب متعلقة بالمواد الغذائية، المأكول منها أو المشروب، لا تتبنى بالدرجة الأولى التوصل إلى علاقة من نوع السبب والنتيجة، إذا كانت نتائج دراسات الملاحظة إيجابية، بخلاف ما لو كانت النتائج سلبية وتثبت تسبب تناول هذا الشيء في حصول انتكاسات صحية أو التسبب بالإصابة بأي نوع من الأمراض أو الاضطرابات الصحية. ولذا علق الدكتور ناتان بارشاما، مدير طب التناسل الذكوري بمستشفى ماونت سيناي في مدينة نيويورك، بالقول: «هذه النتائج تدعم توجهات إرشادات لجنة خبراء إرشادات التغذية للأميركيين في ما يتعلق بشرب القهوة على الإصابات بمرض السكري وأمراض القلب، وهما الحالتان اللتان تعتبران من عوامل الخطورة المهمة بالنسبة لحصول ضعف الانتصاب». والباحثون في دراستهم الحديثة المنشورة أخيرًا في مجلة «بي إل أو إس واحد» PLOS One، تتبعوا فيها علاقة تناول القهوة، وتحديدًا كمية الكافيين، باحتمالات الإصابة بضعف الانتصاب، وبالمقارنة مع منْ يتناولون أقل من 7 ملغم ممن الكافيين يوميًا، لاحظوا أن تناول ما بين 85 و170 ملغم من الكافيين (أي ما يُعادل تناول ما بين كوبين وثلاثة أكواب من القهوة) مرتبط بانخفاض احتمالات الإصابة بضعف الانتصاب بنسبة 42 في المائة، وتناول ما بين 171 و303 ملغم مرتبط بتقليل تلك الاحتمالات بنسبة 39 في المائة. وقدم الباحثون تفسيرًا محتملاً لآلية عمل الكافيين عبر تأثيراته على التسبب باسترخاء في عضلات الأوعية الدموية، وبالتالي السماح بمزيد من تدفق الدم إلى العضو الذكري واحتباسه فيه، ما يُؤدي إلى حصول الانتصاب. وهو شبيه، وإن كان بدرجة أضعف نسبيًا، بتأثير عقارات فياغرا وأخواتها لمعالجة ضعف الانتصاب. والقهوة واقعًا لا تحتوي فقط على الكافيين، بل تحتوي كذلك على مجموعات من المواد الطبيعية المضادة للأكسدة والتي تعمل على تقليل احتمالات حصول ترسبات الكولسترول في جدران الشرايين، وبالتالي تسمح بالحفاظ على سلامة تدفق الدم إلى العضو الذكري ونجاح عملية الانتصاب. والدراسة من جانب آخر تعيد التذكير بأن من أهم أسباب مشكلة ضعف الانتصاب هو اضطرابات سلامة الأوعية الدموية. وأحد مقاصد الدراسة إثبات أن شرب القهوة بكميات معتدلة ليس أمرًا ضارًا بالصحة. وفي نفس الوقت لم تبحث في شأن شرب القهوة كدواء لمعالجة ضعف الانتصاب أو كدواء للوقاية منه، لأن تبني شربها لهذه الغاية كعلاج يتطلب أدلة علمية أقوى من نتائج دراسة ملاحظة.

مشاركة :