بول إوارت، عضو بارز في قسم الفيزياء في جامعة أكسفورد، لم تكن لديه الرغبة في ترك وظيفته عندما وصل إلى سن التقاعد الإلزامي المعمول به في الجامعة، وهو 67 عاما (رفع إلى 68 عاما منذ ذلك الحين). قدم بول طلبا للحصول على تمديد لمدة عامين، وحصل عليه. في نهاية الفترة تقدم بطلب تمديد آخر ورفض. لذلك رفع دعوى ضد الجامعة بسبب التمييز على أساس السن وكسب القضية. التمييز على أساس السن غير قانوني في الاتحاد الأوروبي. عكس أشكال التمييز الأخرى، مثل العرق أو الجنس، يسمح بالتمييز على أساس السن إذا كان يمكن "تبريره موضوعيا ومنطقيا من خلال هدف مشروع". بررت جامعة أوكسفورد قرارها بأن سن التقاعد الإلزامي، وأن حذرها بشأن تمديده له ما يبرره من جوانب عديدة، بما في ذلك "الإنصاف بين الأجيال"، أو فتح الفرص أمام الأكاديميين الشباب، وتشجيع التنوع - الأساتذة القدامى في الغالب هم من الذكور البيض، على نقيض أولئك الأكاديميين الذين يريدون شغل مكانهم. ردت محكمة التوظيف البريطانية هذه الحجج في نهاية 2019. هناك طرق لاستحداث الشواغر الوظيفية غير التقاعد الإلزامي. كانت الزيادة في الشواغر الوظيفية الناتجة عن إجبار الأكاديميين الأكبر سنا على ترك الوظيفة "تافهة مقارنة بالأثر التمييزي". ولا يمكن أن يكون هناك أي شيء أكثر تمييزا من "أن يتم طردك لمجرد أن لديك (...) صفة معينة". هذا الاستنتاج ليس حاسما لأن أكسفورد كسبت قضية مماثلة في 2018 ضد أستاذ للغة الإنجليزية أجبرته الجامعة على ترك وظيفته. لكن على الأقل، أكسفورد صريحة في وجود سن تقاعد إلزامي وفي محاولة تبريره. عديد من المنظمات لديها طرق أخرى لإقناع الموظفين الأكبر سنا بترك الوظيفة. استمعت المحكمة في قضية إوارت إلى شهادة تفيد أن الجامعات الأمريكية ليس لديها سن للتقاعد، لكنها تعطي الأساتذة الأكبر سنا "حوافز مالية" لترك الوظيفة. "قيل إن هذه عملية مكلفة"، حسبما عقبت المحكمة. كثير من الشركات البريطانية تفعل الشيء نفسه، على الرغم من أن الحوافز المالية غالبا ما تكون أقل جاذبية. إدارات الموارد البشرية في كثير من الشركات البريطانية فحصت طرقا قانونية للإشارة إلى أن الموظفين الأكبر سنا لم يعودوا مطلوبين. مع ذلك، كثير من الموظفين الذين ترغب شركاتهم في رحيلهم يفضلون البقاء. الآن هم يعيشون لفترة أطول ـ في الوقت الذي تحاول فيه الشركات تسهيل تركهم لوظائفهم، يشعرون أنه لا يزال أمامهم 20 عاما أو أكثر. في الغالب معظمهم في حالة صحية ممتازة بسبب الساعات التي يقضونها في الأندية الرياضية أو برك السباحة، إضافة إلى الأكل الصحي. الوظائف المكتبية أسهل على الجسم من الوظائف التي تتطلب مجهودا بدنيا. لكن معظم الناس يحتاجون في نهاية المطاف إلى النظارات الطبية مع تقدمهم في السن. في الوقت نفسه انقطاع الطمث يصيب بعض النساء بشدة وغالبا ما يعاني الرجال خللا في غدة البروستاتا. لكن بخلاف ذلك، لا يشعر كثير ممن بلغوا سن 65 عاما اليوم بأي اختلاف عما كانوا يشعرون به في عمر 45 عاما. العمل يوفر فوائد ويتيح التواصل الاجتماعي. لماذا يريدون ترك الوظيفة؟ معظم الشركات لديها استراتيجيات قليلة تتجاوز الأمل في أن يترك موظفوها الأكبر سنا الوظيفة. ستيوارت لويس، مؤسس "ريست لس" (استرح قليلا)، وهو موقع توظيف لمن تجاوزوا الـ50 من العمر، أوضح لي أنه بينما يبني أرباب العمل سياسات التنوع بشكل متزايد حول الجنس (الجندر) أو العرق، فإن القليل منهم لديه سياسات بشأن العمر. من غير المرجح أن يستمر هذا الجمود لفترة أطول. المجتمعات الثرية تشيخ. في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، معدل الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما إلى من هم بين 15 و64 عاما من المتوقع أن يرتفع من واحد من كل أربعة في 2018 إلى اثنين من كل خمسة بحلول 2050. على مدى العقد المنتهي في 2018، مشاركة الفئة العمرية 55 ـ 64 عاما في القوى العاملة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ارتفعت 8 نقاط مئوية لتصل إلى 64 في المائة. ومع ذلك، الناس يتقاعدون في وقت أبكر مما فعل الجيل السابق. في معظم الدول الأعضاء "لا يزال العمر الفعلي الذي يخرج فيه الناس من سوق العمل اليوم أقل مما كان عليه قبل 30 عاما، على الرغم من ارتفاع معدل العمر المتوقع"، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. مستقبلا سيكون لدى مجموعات العاملين كبار السن حوافز أكبر للتشبث بوظائفهم مقارنة بالذين يصلون إلى سن التقاعد التقليدي الآن. ففي حين أن كثيرا من أصحاب المعاشات التقاعدية اليوم يعيشون حياة متوترة ماليا، استفاد آخرون من خلال شرائهم عقارات عندما كانت بأسعار معقولة وكانت لديهم معاشات سخية. أولئك الذين أتوا بعدهم لم يمتلكوا أيا من تلك المزايا. لن يكون الأمر مجرد حافز يطلبونه من العمل في المستقبل. بل هم في حاجة إلى وظائفهم للبقاء على قيد الحياة. هناك عديد من الخيارات للتعامل مع الموظفين الأكبر سنا مع الاستمرار في تقديم الحوافز للموظفين الأصغر: التنقلات في مواقع داخل المؤسسة، المشاريع الاستشارية، العمل بدوام جزئي. إذا كنت قائد شركة أو مديرا تنفيذيا للموارد البشرية ولم تفكر في ذلك، فمن الأفضل أن تبدأ التفكير الآن. أو استعد لقضاء مزيد من الوقت في المحكمة.
مشاركة :