يقول خبراء الأرصاد الجوية إن الموجة الحارة التي تجتاح مناطق كثيرة في شبه الجزيرة الهندية وبعض مناطق الشرق الأوسط تعود إلى هواء ساخن قادم من إيران وأفغانستان. وشهرا مايو (أيار) ويونيو (حزيران) هما أحر شهرين في الهند؛ حيث ترتفع فيهما درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية. لكن خبراء الأرصاد يقولون إن عدد الأيام التي اقتربت فيها درجات الحرارة من 45 درجة مئوية زاد في السنوات الخمس عشرة الماضية. وقتلت موجة من الطقس الحار أكثر من 1500 شخص هذا الأسبوع مع ارتفاع درجات الحرارة فوق مستوى 47 درجة مئوية. وألغت السلطات عطلات الأطباء ونصحت السكان بعدم الخروج في منتصف النهار لتجنب أسوأ أوقات الحر، لكن بالنسبة لكثيرين في الهند البقاء في المنزل ليس خيارًا مطروحًا. وقال مسؤولون إن عدد القتلى في أكثر ولايتين هنديتين تضررًا وهما أندرا براديش وتيلانجانا زاد عن مثليه في موجة حارة أقصر أمدًا أصابت البلاد في العام الماضي. وأغلب الضحايا من كبار السن أو عمال أصيبوا بضربة شمس أو بالجفاف. وقال تولسي راني، المفوض الخاص لإدارة الكوارث، أمس: «الموجة الحارة مستمرة في أندرا براديش. الحرارة العظمى اليوم أيضًا في كثير من الأماكن سجلت ما بين 46 و47 درجة مئوية. وأدى ارتفاع درجات الحرارة كذلك إلى انقطاعات في التيار الكهربائي. ويشكو بعض المرضى من أن السلطات لم تبذل ما يكفي من الجهد لاستعادة التيار الكهربائي. وقال شخص في مستشفى في شرق جودافاري لوكالة «رويترز»: «التيار الكهربائي مقطوع منذ العاشرة صباحًا ولا توجد مساعدة من جانب الإدارة أو أي شخص». ومن المتوقع أن تنحسر الموجة في وقت لاحق هذا الأسبوع ليبدأ موسم الأمطار الموسمية. ويموت مئات الأشخاص، خصوصًا بين المعدمين صيف كل سنة بسبب موجة الحر في الهند، لكن يبدو أن 2015 سيكون عامًا شديد الوطأة. ففي أندرا براديش التي تعتبر إلى حد ما الولاية الأكثر تضررًا، توفي 1020 شخصًا منذ 18 مايو، أي أكثر من ضعف عدد ضحايا موجة الحر الذين أحصوا على امتداد العام الماضي. وفي تلانغانا المجاورة، حيث بلغت الحرارة 48 درجة مئوية خلال عطلة الأسبوع، مات 340 شخصًا في الأيام الأخيرة، في مقابل 31 العام الماضي. وقال أرجونا سرينيدي، المسؤول عن برنامج التغير المناخي في «مركز العلوم والبيئة» للبحوث، إن «موجة الحرارة في 2015 كانت أقصر حتى الآن، لكن حصيلة الضحايا أكبر». وأضاف: «قد يكون ذلك ناجمًا عن التغير المفاجئ لدرجات الحرارة بعد شهري فبراير (شباط) ومارس اللذين تميزا بالرطوبة وأتاحا درجات حرارة منعشة». وفي نيودلهي حيث بلغت الحرارة 45 درجة مئوية، تواجه المستشفيات صعوبات في التعامل مع موجات المصابين. وأوضح أجاي ليكي، رئيس «مركز دلهي الطبي»، أن «المستشفيات تغص بضحايا موجات الحر». وأضاف أن «المصابين يشكون من أوجاع في الرأس والدوار. وتظهر عليهم أيضًا علامات الهذيان»، ملمحًا بذلك إلى أعراض الجفاف الحاد. وأمام «معهد العلوم الطبية للهند»، أحد أكبر المستشفيات الرسمية في دلهي، وفي صفوف الانتظار الطويلة، تحمل النساء قوارير المياه وعصير المانغو. وتحاول أخريات تهدئة أطفالهن الذين يبكون، ويغطين رؤوسهم بمناديل لحمايتهم من الشمس الحارقة. وقالت سيما شارما، ربة المنزل (34 عامًا) التي جاءت مع ابنها (4 سنوات): «الليلة الماضية، بقينا خمس ساعات تقريبًا من دون التيار الكهربائي». وأضافت: «تستطيع أن تتخيل كيف أمضينا تلك الساعات. لم يتمكن من النوم، وكان يبكي باستمرار. وهو محموم الآن». وطلبت سلطات المدينة مكيفات هواء لمراكز استقبال المشردين، وهي غالبًا ما تكون أكوخًا من الصفيح بلا نوافذ. ولم يجهز القسم الأكبر منها إلا بمراوح صغيرة، وبالتالي تبلغ درجات الحرارة في الداخل ذروتها. وقال عامل في قطاع البناء لصحيفة «هندوستان تايمز» اليومية: «عندما ترتفع درجات الحرارة، يصبح من الصعب النوم في كوخ من الصفيح».
مشاركة :