أكد إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة التونسية المكلف، أمس، أنه سيعمل على تشكيل حكومة سياسية مصغرة، لا يزيد عدد وزرائها عن 25 وزيراً، وتكون مدعومة من «حزام سياسي منسجم يتماشى مع أهداف الثورة»؛ نافياً أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد قدم له مطالب استثنائية بخصوص التكليف.وبشأن التشكيلة الحكومية المنتظرة، قال الفخفاخ أمس، في أول مؤتمر صحافي يعقده للإعلان عن مسار تشكيل الحكومة، إنه «لا يمكن أن نختزل الحكومة المقبلة في بعض الأسماء، وسنبدأ الأسبوع المقبل مرحلة التفاوض حول برنامج الحكومة الذي يعتمد على برامج الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم، وهي بالأساس حركة (النهضة)، وحزب (التيار الديمقراطي) و(تحيا تونس)، و(حركة الشعب)»؛ موضحاً أن تصوره للحكومة المقبلة سيكون «مصغراً؛ بحيث ستكون مكونة من الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم، ومن خارجها، وأيضاً من الكفاءات التونسية؛ لكن من الضروري توفر القدرة على التغيير عند جميع من سيتحمل المسؤولية».ونفى الفخفاخ إقصاءه لأي طرف سياسي، معتبراً أنه «من الطبيعي أن يتشكل الائتلاف الحاكم على قاعدة سياسية. والتوافق السياسي لا يكون إلا بوجود حكومة تحكم، وتتحمل المسؤولية كاملة».وأضاف الفخفاخ موجهاً كلامه للأحزاب التي ستدعمه، قائلاً: «لست بحاجة إلى حزام سياسي للمرور لنيل ثقة البرلمان فقط؛ بل لتنفيذ برنامج حكومي، والعمل على برنامج يجمع أكثر ما يمكن من برامج الأحزاب المنضمة إلى الائتلاف الحاكم»؛ مشدداً على أن الانتقال الاقتصادي والاجتماعي سيكون من أولويات حكومته، وأن حكومته ستتميز بالوضوح والصدق لتجاوز أزمة الثقة.كما شدد الفخفاخ على أن مهمة الحكومة المقبلة «تتمثل في تهيئة المناخ لانطلاقة اقتصادية جدية. وعلى جميع الأطراف بناء الثقة من أجل عودة الاستثمار والتنمية وخلق الثروة».وبخصوص المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة المقبلة، أوضح الفخفاخ أنه سيستبعد حزبي «قلب تونس»، الذي يتزعمه نبيل القروي، و«الدستوري الحر»، الذي تتزعمه المحامية عبير موسي، من مشاوراته، مؤكداً أنه لن يتعاون إلا مع الأطراف السياسية التي ساندت قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي نظمت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتلك التي ساندت برنامج «الإصلاح والتغيير» الذي صوت لفائدته أكثر من 72 في المائة من الناخبين.ورغم تصريحات راشد الغنوشي، رئيس البرلمان وحزب «النهضة»، التي دعا فيها إلى «مصالحة وطنية تشمل الدستوريين واليساريين والإسلاميين»، فإن الفخفاخ اعترض على ما سماه «التوافق المغشوش» الذي ساد خلال الأعوام الماضية، والذي تسبب – بنظره - في تشويه المشهد السياسي، الذي «يفترض أن تكون فيه أحزاب في الحكم، وأخرى في المعارضة».وأوضح الفخفاخ أنه ليس من أنصار «إقصاء أي حزب»، وأن الأحزاب التي لن تكون معنية بتشكيل الحكومة الجديدة «سوف تبقى في المعارضة، وتتابع عملها السياسي بصفة قانونية»، معتبراً أن الإقصاء يعني المنع والحظر الذي مورس قبل يناير (كانون الثاني) 2011، عندما كانت بعض الأحزاب ممنوعة من ممارسة حقها في النشاط السياسي داخل المعارضة، ومن المشاركة في الحكم.من جهة أخرى، أكد الفخفاخ أنه لم يطلع على فحوى التصريحات التي صدرت عن رئيس حركة «النهضة»، بعد جلسة العمل التي عقدها معه أول من أمس، بحضور وفد من مساعديه، والتي دعت إلى إشراك كل الأطراف في المفاوضات «بما في ذلك حزب (قلب تونس)».وكان الغنوشي قد صرح بأن «الإقصاء من المشاورات لن يشمل سوى الطرف الذي أقصى نفسه»، في إشارة إلى حزب «الدستوري الحر»؛ لأن رئيسته رفضت سابقاً مقابلة رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة المكلف السابق الحبيب الجملي، واتهمتهم جميعاً بـ«التحالف مع (الإخوان) ومع التطرف».في المقابل، أورد خليل الزاوية، رئيس حزب «التكتل» الذي ينتمي إليه الفخفاخ، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه يرجح أن يشارك «قلب تونس» وأحزاب أخرى في الحكومة الجديدة، عبر شخصيات لا تتحمل مسؤوليات حزبية، وتكون لديها خبرة وكفاءة.في السياق ذاته، توقع رئيس حزب «التيار الديمقراطي»، محمد عبو، وزهير المغزاوي رئيس حزب «الشعب»، وعبد اللطيف المكي، الوزير السابق والقيادي في حركة «النهضة»، أن تصادق الأغلبية المطلقة من النواب على تشكيلة الحكومة، التي سوف يشكلها إلياس الفخفاخ.لكن قياديين ووزراء سابقين من حركة «النهضة»، بينهم أبو يعرب المرزوقي، انتقدوا إقصاء حزب «قلب تونس»، واعتبروا أن ذلك قد يكون مقدمة لإقصاء حركتهم لاحقاً، بعد أن «يشتد عود حكومة الفخفاخ»، حسب تعبيرهم.
مشاركة :