لا أجد غضاضة أو نقيصة، فى عدم امتلاك وزيرة الصحة الحالية دكتورة هالة زايد، درجات علمية (دكتوراه أو ماجستير) فى مجالها الطبى، مكتفية كما ما هو مسجل بالسيرة الذاتية لها بالحصول على بكالوريوس الطب ودبلوم نساء وتوليد، بينما ركزت فى الحصول على دكتوراه فى إدارة الأعمال، ودبلوم الإدارة.ولا أجد مبرراً، لقياس مدى نجاح الوزيرة، فى منصبها مرتبطا بالدرجات العلمية فى تخصصها أو غيرها، بل المهم هو مدى نحاجا الوزارة فى إدارة المنظومة الطبية، بما يحقق قدرا من تحقيق طفرة فى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، بطريقة تراعى أبسط حقوق الإنسان.لكن ما تسير فيه الوزارة حاليا، ولمسته بنفسى فى تجربة شخصية، وليس حالة الهجوم على أداء الوزارة فى هذه الفترة، يؤكد أن هناك خللا كبيرا فى إدارة وزارة الصحة، وخاصة إن كان ذلك مرتبطا بالقرارات التنفيذية والرقابية من الوزارة، وليس نقص إمكانيات، أو حتى صعوبة الحالة الصحية.الواقعة التى أحكى عنها بسيطة جدا، عشتها على مدار ما يقرب من أربع ساعات منتصف الأسبوع الماضى، لمشكلة طبية طارئة، احتجت أن أخذ حقنة وريدية قام أحد الأطباء، بوصفها بعد تشخيص عقب الفحوصات الطبية اللازمة.قام مركز الطبيب المتخصص بإعطائى الجرعة الأولى، وكنت أعرف أن الطريق لحصولى على الحقن الأخرى سيتم بسهولة عبر إحدى الصيدليات، المعتاد أن تقدم هذه الخدمة سواء بأجر أو بلا مقابل أحيانا، لمجرد أنك أحد المتعاملين مع الصيدلية، لكن فوجئت عندما توجهت إلى إحدى الصيدليات، التابعة لسلسلة صيدليات كبيرة فى وسط القاهرة، ليخبرنى الصيدلى أنه صدر قرار ملزم الصيدليات بمنع إعطاء الحقن فى الصيدلية، ذهبت لأخرى كبيرة فى المنطقة، لتأتى الإجابة نفسه.ولم أجد حلا سوى أن توجهت إلى أحد المستوصفات الطبية التابعة لجمعية خيرية تابعة للكنيسة الكاثوليكية فى المنطقة، لتأتى الإجابة نفسها، لا أحد يعطى الحقن فى «المستوصف» وأن قرارا من الوزارة بمنع إعطاء حقن وريدية.لم يصبنى اليأس، بعد ما يزيد على ساعتين، فى رحلتى الشاقة بـ»أخذ حقنة وريدية»، بحثت عن مستشفى أكبر، ووجدت مستشفى الساحة التابع لجمعية خيرية إسلامية، القريبة من ميدان البنوك، بعد نصيحة من أحد العاملين فى مراكز التحليل، والذى أكد لى أن المستشفى الخيرى الكبير لن يتوانى عن خدمة إعطائى الحقنة. توجهت للمستشفى الخيرى، التابع لرقابة وزارة الصحة، لكن الإجابة: المستشفى لا يعطى الحقن بناء على قرار الوزارة، إلا للمرضى الذين يعالجون فى المستشفى.وطلبت من العاملة فى المستشفى الخيرى النصيحة، إلى أين أتوجه لأخذ الحقنة، خاصة أن الأمر بعد مرور ما يزيد على ساعتين ونصف الساعة متنقلا بين ما بين صيدلية ومستوصف ومستشفى، بهدف الحصول على الحقنة، صار حلماً، بالنسبة لى.وجاءت إجابة العاملة فى المستوصف الخيرى، والتى كانت مقنعة لحد كبير، أن أتوجه لمستشفى أحد ماهر، وهو مستشفى حكومى كبير.. وتوجهت على الفور للمستشفى كحل أخير، يصعب أن يمتنع عن إعطائى الحقنة.لكن عندما توجهت للمستشفى، كانت الإجابة صادمة، المستشفى لا يعطى حقنا للمرضى خارجها. فسألت الطبيب أين أخذ الحقنة فى تلك المملكة العجيبة، هز رأسه بدون اهتمام وبعد تنقل بين طبيب وآخر دون تقديم إجابة، حتى أوعزت لى إحدى الممرضات، بطريقة سرية، رغبة منها فى أن تساعدنى، ذهبت ورائها على أمل الحصول على حل، وبالفعل وجهتنى إلى شراء روشتة، وقيام دكتور بوصف الحقنة ذاتها لى، على أن تتولى هى إعطائى الحقن، وبعد الإجراءات الروتينية المعقدة تمكنت أخيرا بعد ترقب و»مشاوير» تزيد على أربع ساعات من أخذ الحقنة.هذا ما دار فى مملكة وزارة الصحة، قد يكون قرار منع الصيادلة من إعطاء الحقن داخلها، ولكن من حق المريض أن يجد وسيلة سهلة للحصول على الدواء الذى وصفه له الطبيب، وهو يكشف عن خلل كبير فى إدارة الوزارة، ودليل عملى عن فشلها، خاصة أن الأمر - لا يتحدث عن إمكانيات أو أدوية بل حد لا تمثل سوى الحد الأدنى للمريض - أخذ جرعات الدواء بسهولة.
مشاركة :