القاهرة: «الخليج»، مدحت صفوت من الطبيعي جداً ألا يمر حدث ثقافي له مكانته وتأثيره دون حضور إمارتي أو مشاركة فعالة وجادة من الإمارات العربية المتحدة ومؤسساتها الثقافية، خاصة في ظلّ التطوير الملحوظ والقفزات النوعية في إصداراتها على مستوى الكم والنوع، فضلاً عن المواصفات الفنية العالية من جهة الإخراج والتصميم. في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي أزاحت العاصمة المصرية الستار عن نسخته ال 51، تحت شعار «مصر إفريقيا.. ثقافة التنوع»، حضرت الإمارات، بمشاركة 38 دولة عربية وأجنبية، ووسط أجنحة عرض وبيع بلغت 808 أجنحة بزيادة 86 جناحاً على العام الماضي. حضرت الإمارات بمشاركة مؤسسات ثقافية عدّة، بينها: «أبوظبي للثقافة والسياحة»، ودائرة الشارقة الثقافية، ومنشورات القاسمي ومنحة الترجمة، و»كلمات» لكتب الأطفال وغيرها. انطلاقاً من كون المشاركة في المعرض المتميز وصاحب الشهرة الثقافية العربية والعالمية مهماً للثقافة الإماراتية والمصرية على السواء، لتكون الإمارات حاضرة بقوة في المعارض الدولية، ما يسهم في نشر ثقافة الكتاب، والتطوير الثقافي، وتوسيع انتشار الكتب، باعتبارها العمود الفقري لثقافة الإنسان وعلمه. وكان رئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي، ووزيرة الثقافة المصرية د. إيناس عبد الدايم، افتتحا فعاليات الدورة ال51 ل «القاهرة للكتاب» الأربعاء الماضي، التي تستمر حتى 4 فبراير المقبل، وتحل السنغال ضيف شرف الدورة، وجرى اختيار العالم المصري الدكتور جمال حمدان شخصية المعرض هذا العام. يعد وجود أجنحة ثقافية في المعرض أمراً حتمياً، إذ تشهد إقبالاً كبيراً من رواده، كما تتسارع كل جهة في الإمارات للحصول على جناح مستقل يبرز إصداراتها التي نشرت حديثاً، فضلاً عن الدوريات الثقافية التي تحظى بشعبية وانتشار كبيرين في الأوساط الثقافية المصرية. تحتوي الأجنحة الإماراتية عدة إصدارات حديثة، من كتب ودوريات، منها: مجلات «الرافد» و«الشارقة الثقافية» و«الإمارات الثقافية» و«تراث»، فضلاً عن إصدارات اتحاد كتاب العرب: «شؤون أدبية»، و«دراسات»، و«بيت السرد»، و«قاف». وقد حرصت الوفود العربية المشاركة، والهيئات الثقافية في مصر، بعد الافتتاح الرسمي ومنها، وزارة الدفاع المصرية التي تشارك بجناح بالمعرض، على تفقد أجنحة الإمارات المختلفة، والتعرف على التجارب الإبداعية المشاركة هذا العام. وكانت وزارة الثقافة المصرية، أعلنت عن عدد الناشرين والجهات الرسمية المصرية والأجنبية في الدورة الراهنة من «القاهرة للكتاب» حيث بلغت 900 دار نشر بزيادة 153 دار عن العام الماضي، فيما بلغت عدد التوكيلات 99 توكيلاً، وعدد المشاركين في الفعاليات 3502 مشارك، والدول المشاركة 38 دولة بزيادة ثلاث دول عن دورة اليوبيل الذهبي في العام الماضي. شخصية المعرض أما شخصية المعرض جمال حمدان، فولد في 4 فبراير 1928م في محافظة القليوبية لأسرة تنتهي إلى قبيلة (بني حمدان) العربية، حصل على الابتدائية عام 1939، وحفظ القرآن الكريم على يد والده، والتحق بالمدرسة التوفيقية الثانوية، وحصل على شهادة الثقافة عام 1943، ثم التوجيهية الثانوية عام 1944، انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا / كلية آداب القاهرة، ثم رُقّي أستاذاً مساعداً، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى. تخرج حمدان في كليته عام 1948، وعين معيداً بها، ثم أوفدته الجامعة إلى بريطانيا سنة 1949، وألف نحو 29 كتاباً و79 بحثاً ومقالة في مقدمتها كتاب «شخصية مصر»، ونشر سنة 1967، وفي 1967 أصدر كتابه «اليهود أنثروبولوجياً»، وأثبت فيه أن اليهود المعاصرين، ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين. نعود إلى أجنحة الإمارات، حيث تتنوع عناوينها بين الأدب والثقافة والفكر وتحقيق التراث.ومن هذه الإصدارات، ثمة «المسرح والصحراء»، وأعدّه عصام أبو القاسم، وصدر ضمن سلسلة «دراسات مسرحية» عن دائرة الشارقة، متضمناً جملة من القراءات والرؤى حول مفهوم المسرح الصحراوي، وجماليات عروضه في نحو 100 صفحة من القطع المتوسط. على رفّ آخر يمكن للزائر أن يطالع رواية «قوة اللون في الكون»، للدكتورة فادية عباس، وقصة «بطل من نوع آخر» لفاطمة شرف الدين، وقصة «سر الابتسامة اللامعة»، لشما مصبح الظاهري، وقصة «كأنّ وأخواتها»، المأخوذة عن أدب الأطفال الصيني، ورواية «هنا تركت قلبي» لنورة الشهيل. في مجال الإبداع القصصي، تبرز «القفص» لفدى جريس، عن دائرة الشارقة، وتسلط الضوء على الواقع الفلسطيني، عبر لغة تمزج بين دقة الوصف، وجموح الشعر. وشهدت أروقة المعرض حضوراً من بعض الشخصيات الثقافية الإماراتية، كالفنانة عائشة الشامسي، والروائي على أبو الريش، الذي شهد توقيع روايته «جلفاري على ضفاف النيل»، في جناح دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، وناقش الرواية الكاتب المصري ناصر عراق. عبقرية المكان تعتبر دراسة جمال حمدان «شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان»، إحدى أهم الدراسات الجغرافية عن مصر، ومزج بين الجغرافية والتاريخ والسياسة وعلوم الطبيعة والعلوم الإنسانية، وحصل حمدان على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية، وجائزة الدولة التقديرية / العلوم الاجتماعية ، وجائزة التقدم العلمي / الكويت 1992، وحصل على وسام العلوم / الطبقة الأولى عن «شخصية مصر» عام 1988، ورحل عام 1993.
مشاركة :