كان المسرح المكشوف في متحف اللوفر على موعد مع برنامج «حكايات من التاريخ الإماراتي»، حيث تنتقل القصص من جيل إلى جيل من خلال السرد، انطلاقاً من معرض عشرة آلاف من الرفاهية الذي يقام في اللوفر أبوظبي وتعرض فيه لؤلؤة أبوظبي وهي أقدم وأهم لؤلؤة في العالم، حيث تمت استعارتها من متحف زايد الوطني، مع العلم أن اكتشافها تم قبل ما يقرب من عامين على أيدي علماء آثار في موقع من العصر الحجري الحديث، قبالة ساحل أبوظبي، ويعود تاريخها إلى حقبة قديمة تتراوح بين 5800 و5600 سنة قبل الميلاد. وبحضور طلاب من مدرسة خليفة بن زايد، وطالبات من مدرسة فاطمة بنت مبارك، بدأ الوالد ناصر بن حسن حميد الكاس آل علي، يروي لهم فصولاً من حكايات الأجداد على المسرح، ضمن فقرات البرنامج الثقافي الذي نظمه متحف اللوفر، بهدف إقامة روابط بين الأجيال، تنتقل من خلالها الحكايات التي عاشها الأجداد أو سمعوا بها، وهي تحمل دروساً من القيم والعِبر التي اكتسبوها، وجاءت حكاية اللؤلؤ في مستهل حديثه التراثي، كما استحضر ذكريات الغوص وصيد السمك ورحلات التجارة في البر والبحر بين بلدان الخليج العربي من أبوظبي ودبي إلى رأس الخيمة والبحرين والكويت والعراق، كما كان يتم نقل التمور إلى الهند وباكستان وزنجبار. النشأة والدراسة ومن خلال استعراض مراحل من حياة الراوي ناصر آل علي ونشأته في إمارة رأس الخيمة، أشار إلى مرحلة الطفولة، قائلاً: كنا نلعب ونلهو بالقرب من الشاطئ وننتظر عودة الآباء من البحر وحياتنا هادئة وممتعة، ولم تكن هناك مدارس كالتي نعرفها اليوم، وكان المطوع، وهو إمام المسجد وعالم ديني، الوسيلة الوحيدة لمن أراد التعليم، وقد حرص والدي، رحمه الله، على تعليمي القرآن الكريم فكنت في صغري أحضر دروس القرآن، وبعدها كنت أذهب لمساعدة والدي في صيد السمك. وتابع الوالد ناصر حكاياته مشيراً إلى أنه اغتنم فرصة وجوده للعمل في دولة الكويت، ليواصل دراسته المسائية في مدرسة «المرقاب» الكويتية ولم ينقطع عنها إلا عندما عاد إلى رأس الخيمة، موضحاً أنه استكمل دراسته بعد ذلك عام 1974 في مدرسة المعيريض المسائية لفترة من الزمن، ثم ترك الدراسة لانشغاله بالعمل ومسؤولياته تجاه الأسرة. الغوص والصيد وضمن الحكايات التي قدمها ناصر آل علي تحدث عن مهنة آبائه وأجداده التي تعلمها، وهي الغوص بحثاً عن اللؤلؤ وصيد السمك باستخدام القراقير، (عبارة عن أقفاص معدنية)، والشباك، وفي مرحلة تالية سافر للعمل في ميناء الكويت بقسم المراكب ثم انتقل إلى كراج التربية والتعليم كمساعد ميكانيكي، وبعد ذلك عاد إلى رأس الخيمة للعمل في صيد الأسماك. ونوه آل علي إلى أهمية التراث وضرورة صونه للأجيال وإلمام الشباب به، مشيراً إلى أنه وبعد عودته من الكويت قام بمساعدة الأقرباء والأهالي بتشكيل فرقة عيالة، وفي عام 1984 أسس جمعية أحمد بن ماجد للفنون الشعبية والتجديف، لتعريف شباب وأبناء الدولة بتراث الآباء والأجداد، وكيف يتم جمع التراث من البر والبحر والجبال، وتوصيل كل ما يتعلق بالأمور الشعبية إلى جميع فئات المجتمع كالعيالة والنهمات البحرية، مؤكداً أهمية المشاركة في العديد من المعارض والفعاليات التراثية داخل الدولة وخارجها، ثم قام بعرض عدد من أحجار اللؤلؤ المختلفة الأحجام والألوان، وفقاً لنوعية الماء الذي تعيش فيه. جسر تواصل وبدورها، قالت مارال بيدويان، مدير قسم البرامج والموارد التعليمية في اللوفر أبوظبي: هذه مبادرة مجتمعية يقدمها قسم التعليم في المتحف، ونركز على الحوار وتبادل القصص وحكايات الناس. وأضافت أننا، عبر قصص الأجداد، نريد أن يستمع الشباب للقصص التراثية ليكون هناك جسر تواصل بين اللوفر والجيل الجديد من خلال الحكايات، واليوم تحدث الوالد ناصر للطلبة عارضاً لؤلؤة أبوظبي، وهي أهم لؤلؤة في المتحف، رواياً قصته للجيل الجديد ليستمد منها العِبر والعظة. حوار بين جيلين قالت آمنة الحمادي ضابط التواصل المجتمعي في اللوفر، إن الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو خلق حوار بين جيل الماضي والحاضر من خلال استضافة شخصيات لها مكانتها المجتمعية في الدولة وخبرتها في الثروة المعرفية التي يمكن أن يضيفوها للأجيال مثل الغوص واستخراج اللؤللؤ والصيد، والرحلات عبر الصحراء والبيئة الطبيعية، ليرويها كبار السن من المواطنين بعفوية وبساطة.
مشاركة :