إيمان عبد الله آل علي تركز الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات على ملفات مهمة؛ عبر التخطيط ودراسة المبادرات، التي تسهم في تحسين الواقع، والانطلاق بخطوات مدروسة للأمام، من ضمنها مرض السكري الذي بات يصيب الصغار قبل الكبار، فضلاً عن المضاعفات التي تصيب المرضى، والأرقام المرتبطة بمرض السكري في الدولة مخيفة، فهذه القضية الصحية التي تعد من أهم القضايا التي تواجه القطاع الصحي، وتستنزف المليارات سنوياً.حسب الأرقام، فإن نتائج المسح الصحي الشامل الذي أجرته وزارة الصحة ووقاية المجتمع، جاء فيه انخفاض أعداد مرضى السكري من 18.9% عام 2014 إلى 11.8% عام 2018.وحسب الأطباء، فإن 50% من مرضى السكري يتعرضون لمضاعفات، ولا يستطيعون التحكم في المرض، وهناك 50% من مرضى السكري لا يعلمون بإصابتهم بالمرض، وبحسب التقديرات هناك ما بين 2000 و2500 طفل مصابين بالسكري على مستوى الدولة، وتصل نسبة انتشار مرض داء السكري بين البالغين في الفئة العمرية الواقعة بين 20 - 79 عاماً إلى نحو 15%. وهناك 1.3 مليون بالغ تقريباً يعانون السكري في الإمارات، ومعدل انتشار المرض بالدولة أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 8 - 9%؛ لكنه يتساوى مع البلدان الشرق الأوسطية الأخرى؛ مثل: البحرين والسعودية وقطر والكويت.ملف السكري بحاجة إلى جهود مضاعفة؛ للسيطرة عليه، ودور الفرد يوازي دور الحكومة والجهات الصحية، خاصة أن المرض يشكل عبئاً كبيراً على الحكومة والمؤسسات الصحية والأفراد وشركات التأمين، والأهم توعية المجتمع عامة عن أهمية الأنشطة الرياضية، وخيارات نمط الحياة الصحي في إدارة مرض السكري والوقاية منه. في هذا التحقيق نعرض أسباب الإصابة بالسكري، والحلول، ودور الحكومة والأفراد والمنشآت الصحية:أكد الأطباء أن هناك 9 أسباب رئيسية للإصابة بالسكري؛ أولاً تبني أنماط الحياة المستقرة الخالية من النشاط، وعدم ممارسة الرياضة؛ وثانياً عدم الالتزام بالنظام الغذائي الصحي واستهلاك الوجبات السريعة وانتشار السمنة؛ وثالثاً النمو الاقتصادي السريع والمناخ الحار وبعض القيود الاجتماعية والثقافية حول ممارسة الرياضة؛ ورابعاً القابلية الوراثية؛ وخامساً عدم المراقبة في المنزل في الأغلب؛ لانشغال الأهل عن تنظيم الأكل الصحي اليومي للأطفال؛ وسادساً عدم المراقبة الصحية لمحتويات المقصف المدرسي، والعروض المتكررة على هذه الوجبات والأطعمة غير الصحية؛ وسابعاً تبني نمط الحياة الغربية، وبيئة العمل الحديثة قليلة الحركة؛ وثامناً عدم الاعتراف بمرض السمنة (المسبب الرئيسي لمرض السكر) كداء لابد من علاجه؛ للوقاية من تزايد حدوث داء السكري؛ وتاسعاً يعد سكر الحمل المؤقت عاملاً لحدوث السكر مستقبلاً. الحلول المقترحة وحول الحلول، أوضح الأطباء أن هناك 14 حلاً؛ أولاً ضرورة الحد من إعلانات الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة التي تستهدف الأطفال؛ لمعالجة السمنة؛ والحد من انتشار السكري بين طلبة المدارس؛ وثانياً سن تشريعات تجبر الشركات المصنعة على خفض نسبة السكريات في المشروبات الغازية والأطعمة التي تحتوي على نسب عالية؛ وثالثاً تطوير السياسات الصحية، بالاعتماد على البحث العلمي والعملي؛ ورابعاً البرامج الوقائية والعلاجية المختلفة، وتوحيد الجهود على مستوى الدولة؛ وخامساً إجراء بعض التغييرات في أساليب حياتنا، وتبني أنظمة غذائية صحية، وممارسة التمارين الرياضية، وحث أفراد الأسرة والمجتمع بالترغيب باتباع الأغذية الصحية المنخفضة السعرات الحرارية؛ وسادساً توجه العديد من الأفراد على نحو متزايد نحو تقديم النصح والدعم لبعضهم، ومشاركة تجاربهم الخاصة مع الآخرين إلى جانب الاجتماع معاً؛ لممارسة أنشطة اللياقة البدنية أو الرياضة في أوقات فراغهم؛ وسابعاً نشر برامج التوعية الصحية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ومحطات التلفزيون؛ وثامناً فرض الضرائب على منتجات التبغ والسكر والمشروبات المحلاة، إضافة إلى حظر الوجبات السريعة والحلويات في المدارس؛ وتاسعاً تكثيف توعية المجتمع بأعراض السكري عبر استهداف المدارس والأمهات؛ وعاشراً إجراء الفحوص الطبية الخاصة بالكشف عن السكري، للتعامل مع الحالات المرضية بصورة مبكرة؛ والحل الحادي عشر يتمثل في رفع المقدرات العلاجية للكوادر الطبية، وإيجاد المزيد من المبادرات، ودعم المبادرات التي تطلقها الهيئات الصحية، والتركيز على أدوات التوعية والعناية الذاتية للمرضى؛ والحل الثاني عشر يتمثل في المشاركة في دراسة عالمية عن مرض السكري، تشترك في تنفيذها دولة الإمارات، والاطلاع على آخر الدراسات والمستجدات العالمية في علاج المرض والوقاية منه، والحل الثاني عشر وضع سياسات وبرامج؛ لتعزيز الرضاعة الطبيعية واستهلاك الأغذية الصحية، وحظر الأطعمة غير صحية داخل المدارس والجامعات وأماكن العمل؛ والحل الثالث عشر يتمثل في إنشاء وإيجاد بيئات اجتماعية وعمرانية داعمة للنشاط البدني سواء داخل المباني السكنية أو حولها؛ والحل الرابع عشر هو إيجاد سجل للسكري، فكرته تتمثل بتسجيل كل مريض يشخص بأنه مصاب بالسكري في السجل، ويكون على مستوى الدولة. تحذيرات اليونيسيف في حين حذرت منظمة الصحة العالمية (اليونيسيف) عبر موقعها الإلكتروني من تزايد خطر تعرض البالغين المصابين بالسكري للنوبات القلبية والسكتات الدماغية بضعفين أو 3 أضعاف. مشيرة إلى ارتفاع معدل انتشار السكري على الصعيد العالمي لدى البالغين، الذين تزيد أعمارهم على 18 سنة من 4.7% في عام 1980 إلى 8.5% في 2014.وتشير إحصاءات ال«يونيسيف» إلى أن عدد المصابين بالسكري في العالم تجاوز 422 مليون نسمة في نهاية 2014، وأن هذا الرقم قد ارتفع كثيراً، خصوصاً مع تزايد معدلات السمنة، وتفشي العادات الغذائية السيئة، وضعف النشاط الحركي الذي أصبحت سمة العصر.وتبين دراسات منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من 80% من وفيات السكري تحدث في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، موضحة أنه في عام 2012 سجلت نحو مليون حالة وفاة على مستوى العالم؛ بسبب السكري مباشرة، بينما عزت 2.2 مليون حالة وفاة أخرى إلى ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم. ويشار إلى أن مرض السكري يحتل الترتيب التاسع في أسباب الوفاة بين النساء على الصعيد العالمي، ما يجعله يودي بحياة أكثر من 2.1 مليون حالة في العام.ويُعد اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والمحافظة على الوزن الطبيعي للجسم، وتجنّب تعاطي التبغ، من الأمور التي يمكن أن تمنع الإصابة بالسكري من النمط الثاني أو يسهم في تأخر ظهوره. تراجع بنسبة 7.1% وأكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن المسح الصحي الذي أجرته في عام 2018، كشف تراجعاً في أعداد المصابين بمرض السكري بالدولة في فئة البالغين 7.1%؛ حيث تراجع إلى نسبة 11.8%، مقارنة ب18.9% في المسح السابق الذي أجرته الوزارة عام 2010. وشددت على ضرورة الحد من إعلانات الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة التي تستهدف الأطفال؛ لمعالجة السمنة؛ والحد من انتشار السكري بين طلبة المدارس.وقالت: إن الخطة الوطنية للدولة تستهدف خفض نسبة السكري لدى المواطنين والمقيمين في الدولة؛ بسن تشريعات تجبر الشركات المصنعة على خفض نسبة السكريات في المشروبات الغازية والأطعمة التي تحتوي على نسب عالية؛ لتحسين الأنظمة الغذائية؛ وللتقليل من الإصابة بأمراض السمنة والسكري وتسوس الأسنان.وأكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن دولة الإمارات هي واحدة من بين أفضل الدول الخمس التي تتبع أعلى المعايير؛ للسيطرة على داء السكري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ بفضل البرامج والمبادرات التي تطلقها وتنفذها الجهات الصحية في الدولة، مشيرة إلى دورها في تطوير السياسات الصحية، بالاعتماد على البحث العلمي والعملي، وكذلك وضع المعايير وأطر العمل وتطويرها وتنظيمها؛ من أجل توفير نظام رعاية صحي أفضل، كما تهتم الوزارة بتوفير الرعاية الصحية العامة، ووسائل الوقاية من الأمراض والأوبئة وعلاجها.ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يتراجع مركز الإمارات عالمياً إلى مراكز متأخرة؛ من حيث الإصابة بالسكري، عقب تنفيذ عدد من التشريعات واعتمادها، خصوصاً أنها تشغل حالياً المركز ال14عالمياً، فيما نعمل بالتعاون مع الجهات ذات الصلة إلى الحد؛ من خلال البرامج الوقائية والعلاجية المختلفة. أعلى معدلات الإصابة أكدت الدكتورة فرحانة بن لوتاه استشارية الطب الباطني في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، أن أحدث تقارير «أطلس» الذي صدر عن الاتحاد الدولي للسكري، يقدم بيانات عن الانتشار المقارن للسكري حسب العمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفقاً للتقرير، تمتلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى معدلات الإصابة بالسكري بين البالغين في الأعوام 2019 و2030 و2045 (12.2٪ و13.3٪ و13.9٪ على التوالي). وفي الواقع، يعاني نحو 54.8 مليون شخص بالغ ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و 79 سنة، مرض السكري عبر جميع أنحاء المنطقة. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تمتلك دولة الإمارات أعلى معدل انتشار لمرض السكري بنسبة (16.3٪)، تليها المملكة العربية السعودية (15.8 ٪)، وقطر (15.6 ٪) والبحرين (15.6 ٪). وشهد معدل انتشار مرض السكري من النوع الثاني ارتفاعاً حاداً خلال الثلاثين إلى الأربعين عاماً الماضية؛ نتيجة تبني أنماط الحياة المستقرة الخالية من النشاط (عدم ممارسة الرياضة أو الأنشطة البدنية) فضلاً عن استهلاك الوجبات السريعة. إضافة إلى ذلك، ساهمت اتجاهات أخرى ملحوظة؛ مثل: النمو الاقتصادي السريع، والمناخ الحار، وبعض القيود الاجتماعية والثقافية حول ممارسة الرياضة في زيادة انتشار السمنة التي أدت بدورها إلى زيادة انتشار مرض السكري في الإمارات والدول المجاورة.وحول الحلول، قالت: يرتبط مرض السكري بالعديد من المضاعفات الخطرة التي تؤثر في العيون والقلب والكلى والأعصاب والقدمين، ومن المتوقع أن يشهد انتشار مرض السكري زيادة بنسبة 96٪ ليؤثر في نحو 108 ملايين شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2045. ونظراً لأن هذه الأرقام عالية جداً، كما أن الانتشار السريع للمرض يشكل التحدي الأكبر للصحة العالمية، بات من الضروري علينا في دولة الإمارات العربية المتحدة أن نوحد جهودنا؛ لإيجاد حلول حقيقية؛ تضمن الحد من انتشار المرض، وتعزيز جودة حياتنا وازدهارنا على المدى الطويل، وضمان العيش في مجتمعات صحية مستدامة. وفي الواقع، يمكن تحقيق ذلك من خلال إجراء بعض التغييرات في أساليب حياتنا، وتبني أنظمة غذائية صحية، وممارسة التمارين الرياضية التي تعد وسيلة ضرورية؛ للسيطرة على الانتشار المتنامي للمرض. التصدي لزيادة الانتشار وعن دور أفراد المجتمع، قالت د. فرحانة لوتاه: تساهم المنظمات والمراكز الصحية والمجتمعية في التصدي لزيادة انتشار مرض السكري؛ من خلال العديد من فعاليات ومبادرات التوعية التي تم إطلاقها في جميع أنحاء الإمارات؛ مثل: الفعاليات الرياضية وماراثونات المشي وغيرها من المبادرات؛ الرامية إلى تعزيز اللياقة البدنية للأفراد، وإلهام الناس وتشجيعهم على البدء بتبني أنماط حياة صحية، وترك العادات السيئة التي تؤثر في الصحة. ويمكن لأفراد المجتمع أيضاً لعب دور مهم، والمساهمة في تعزيز مفاهيم الصحة العامة، وزيادة الوعي حول مرض السكري وغيرها من الأمراض المرتبطة بأساليب الحياة؛ من خلال إحداث تغييرات إيجابية في حياتهم الخاصة، ونحن نشهد بالفعل حدوث ذلك. كما نشهد توجه العديد من الأفراد على نحو متزايد نحو تقديم النصح والدعم لبعضهم، ومشاركة تجاربهم الخاصة مع الآخرين إلى جانب الاجتماع معاً؛ لممارسة أنشطة اللياقة البدنية أو الرياضة في أوقات فراغهم. ويمكن أن تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً دوراً إيجابياً في قيادة هذا التغيير؛ حيث توفر هذه الوسائل منصات للتواصل مع الأشخاص الذين يشاركونك أفكاراً متشابهة، ويتمتعون بالحماس؛ لتنظيم أنشطة رياضية جماعية. نمط الحياة غير الصحي وأكدت وفاء عايش مدير إدارة التغذية العلاجية بهيئة الصحة بدبي، أن هناك العديد من العوامل والمشاكل الصحية التي قد تتسبب بارتفاع مستويات السكر في الدم، فهو مزيج من العوامل الوراثية والبيئية معاً، فضلًا عن العوامل ذات الصلة بنمط الحياة والتي في الأغلب تتسبب في الإصابة بالنوع الثاني؛ مثل: عدم الالتزام بالنظام الغذائي الصحي؛ والخمول؛ وعدم ممارسة الأنشطة البدنية.وقالت: أعداد المصابين بداء السكري من النوع الثاني في زيادة مستمرة، ويرجع سبب ذلك إلى نمط الحياة «الغربي» المرتبط بالخمول والكسل والسمنة، فضلًا عن شيخوخة السكان. 50 % يتعرضون لمضاعفات أكد الدكتور عبدالرزاق المدني عضو اللجنة العليا لمكافحة السكري بالدولة، استشاري أمراض السكري والغدد الصماء، رئيس اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، أن 50٪ من مرضى السكري يتعرضون للمضاعفات، ولا يستطيعون التحكم بالمرض، وتتمثل المضاعفات: بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، ومشاكل العين، وعدم الإحساس، إلى جانب قروح في القدمين وبتر الأقدام والفشل الكلوي، لافتاً إلى أنه لا توجد إحصاءات شاملة ودقيقة حول نسبة السكري بالدولة، ولكن توجد إحصاءات منفصلة في كل إمارة. وقال: نحن بحاجة إلى سجل للسكري؛ فكرته تتمثل بتسجيل كل مريض يشخص بأنه مصاب بالسكري في السجل، ويكون على مستوى الدولة، ويستطيع كل مركز صحي ومستشفى تسجيل المريض في السجل، ويدخل المعلومات، ويتم تجميع المعلومات في جهة واحدة كوزارة الصحة ووقاية المجتمع، وتكون لدينا قاعدة بيانات موحدة على مستوى الدولة؛ ومن خلال السجل تتم معرفة المضاعفات الناجمة عن المرض، والأدوية التي يتناولها، ونسبة تحكم المريض في المرض. وأضاف: السجل الوطني للسكري؛ يساعد في وضع الاستراتيجيات الخاصة للوقاية من المرض. وذكر أن الإحصاءات التقريبية الحالية توضح أن عدد المصابين بالسكري يبلغ 1.2 مليون شخص في الإمارات، من بينهم 200 ألف مواطن، وتزيد الإصابة في الفئة العمرية من 40 إلى 60 عاماً؛ لكن اللافت في الدراسات التي أعددناها هو ظهور السكري من النوع الثاني بين قطاع كبير من الشباب والصبية من سن ال15 إلى ال20 وسبب إصابتهم هو زيادة الوزن. لافتاً إلى أن كُلفة علاج المريض الواحد بالسكري تتوقف على حجم المضاعفات التي حدثت له، فالمريض المصاب بالسكري فقط دون مضاعفات تكون كُلفة علاجه سنوياً ألف دولار، أما الشخص الآخر صاحب المضاعفات الناتجة عن السكري؛ مثل: أمراض القلب والكلى فيكلف علاجه عشرة آلاف دولار سنوياً، أي عشرة أضعاف المريض العادي. 1.3 مليون شخص يعانون السكري وأكد الدكتور إدريس مبارك (اختصاصي غدد صمّاء) بمستشفى أستر بالمنخول، أن إجمالي عدد السكان في الإمارات يبلغ نحو 9.5 مليون نسمة، فيما تصل نسبة انتشار مرض داء السكري بين البالغين في الفئة العمرية الواقعة بين 20 - 79 عاماً إلى نحو 15 %. وهناك 1.3 مليون بالغ تقريباً يعانون السكري في الإمارات. إن معدل انتشار السكري بالدولة هو أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 8 - 9 %؛ لكنه يتساوى مع البلدان الشرق الأوسطية الأخرى؛ مثل: البحرين والسعودية وقطر والكويت.وقال: إن هناك أسباباً كثيرة لارتفاع نسبة انتشار السكري في الإمارات؛ حيث يلعب أسلوب الحياة دوراً محورياً في ذلك، فقلة النشاط الجسدي يعد عاملاً مهماً، فضلاً عن عادات الغذاء غير الصحية وتناول الأغذية العالية بالسعرات الحرارية. وأكد أنه لمعالجة هذا الوباء المتنامي، هناك حاجة لتطبيق برامج التوعية الصحية، وتغيير نمط الحياة عبر كافة الفئات العمرية، كما يجب أن يمارس الناس الأنشطة الجسدية بشكل منتظم على الأقل لمدة 30 دقيقة يومياً على مدار 5 أيام في الأسبوع. وينبغي على الأشخاص تبني عادات غذائية صحية، والابتعاد عن الأغذية العالية بالسعرات الحرارية. ازدياد عدد إصابات الأطفال أكدت الدكتورة إلهام الأميري (استشاري أمراض الغدد الصماء والسكري لدى الأطفال) في مستشفى القاسمي للنساء والأطفال، ونائب رئيس جمعية أصدقاء السكري في الشارقة أنه لا توجد إحصاءات دقيقة في الدولة عن أعداد المصابين بالسكري من الأطفال، وحسب الإحصاءات العالمية، فثمة ازدياد في إصابة الأطفال بالسكري، وقد تتوافق المحلية مع العالمية، في ظل ارتفاع مسببات المرض، والتي تتمثل بالسمنة، وعدم ممارسة الرياضة، والوجبات السريعة، والقابلية الوراثية. وقالت: مقابل كل شخص مصاب بالسكري فهناك شخص لا يعلم بإصابته، بالتالي لو تم فحص البالغين بشكل دوري، فإننا سنجد أن معدلات الإصابة ستكون أعلى، وبشكل عام السكري من النوع الثاني يكون الشخص هو مسؤول بجزء كبير عن إصابته بالمرض، عبر اتباع أنماط غير صحية، والاعتماد على الأكلات الدسمة، والتدخين، وترك الرياضة. مبادرات واستراتيجيات أطلقت الجهات والدوائر المسؤولة عن الرعاية الصحية في الدولة العديد من المبادرات والاستراتيجيات بما يتماشى مع توجيهات القيادة الرشيدة، وحرصها المستمر على تعزيز الوعي حول أهمية اتباع نظام غذائي متوازن والمحافظة على وزن طبيعي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام؛ للمساعدة في الوقاية من مرض السكري وإدارته، وإيقاف تفاقمه، والحد من المضاعفات المرتبطة به. وإضافة إلى حملات التوعية بالصحة العامة، تشمل بعض المبادرات الأخرى التي تستهدف الحد من انتشار مرض السكري، فرض الضرائب على منتجات التبغ والسكر والمشروبات المحلاة، إضافة إلى حظر الوجبات السريعة والحلويات في المدارس، والتي أعتقد أنها ستسهم بشكل كبير في انخفاض معدلات الإصابة بمرض السكري وغيرها من الأمراض مثل السمنة. مجموعة أمراض أكد د عادل أحمد النجار أخصائي السكر والغدد الصماء وأمراض السمنة في مستشفي الزهراء الشارقة، أن مرض السكري ليس مرضاً واحداً فقط يرتبط بزيادة وارتفاع نسبة السكر في الدم؛ لكنه أصبح مجموعة من الأمراض المتعددة الأيضية والقلبية المصاحبة لارتفاع نسبة السكر في الدم، ويعد مرض السمنة السبب الأول لانتشار أمراض الأيض والسكر عالمياً؛ حيث تمثل السمنة 85% من أسباب حدوث داء السكري، وتعد هي العامل الأكبر لحدوث داء السكري في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط؛ حيث يساهم ارتفاع درجات الحرارة إلى جانب قلة ممارسة الرياضة أو عدم الانتظام عليها وأيضاً انتشار الوجبات السريعة، وانتشار عادة التدخين الضارة عند الذكور والإناث، والضغوط العصبية والنفسية المصاحبة لتحديات العصر الحديث، واستعمال بعض الأدوية التي تثبط عمل البنكرياس، وأيضاً عامل الوراثة يشكل أحد أهم الأسباب أيضاً، وأخيراً يعد سكر الحمل المؤقت عاملاً لحدوث السكر مستقبلاً.وأكد أن الحلول الجذرية لتلك المعضلة؛ تتمثل في محاربة السمنة وزيادة الوزن، وعلاج مسبباتها، واتباع النظم الغذائية الصحية، والانتظام في ممارسة الرياضة، والحذر من العادات السيئة في الأكل وعدم التدخين، وحظر الأطعمة غير صحية داخل المدارس والجامعات وأماكن العمل، ولابد من حث أفراد الأسرة والمجتمع بالترغيب باتباع الأغذية الصحية المنخفضة السعرات الحرارية، والتوجيه والإرشاد الإعلامي عن طريق «السوشيال ميديا» ببرامج مشوقة ومسابقات وطرق جديدة مبتكرة؛ للتوعية ومكافحة مرض السكري والسمنة.وقال: إن زيادة أعداد الأطفال المصابين بالسكري سنوياً في الوقت الحالي يرجع إلى عدم المراقبة في المنزل ففي الأغلب ينشغل الأهل عن تنظيم الأكل الصحي اليومي، وعدم المراقبة الصحية لمحتويات المقصف المدرسي، والعروض المتكررة على هذه الوجبات والأطعمة غير الصحية.وأكد أن الخطر في الأمر أن عدد الأشخاص الذين تم تشخيصهم بداء السكري يقل كثيراً عن أفراد المجتمع المعرضين للإصابة بهذا الداء العالمي؛ حيث إن المعرضين للإصابة نسبتهم من 30 إلى40% من إجمالي المجتمعات العربية. إصابة المغتربين قال الدكتور ميتيش باتل، المدير الطبي في إيتنا إنترناشيونال: إن مستوى الإصابة بمرض السكري بين المغتربين المقيمين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يدعو للقلق، وهو إحدى نتائج تبني نمط الحياة الغربية، وبيئة العمل الحديثة قليلة الحركة، وبمجرد انتقال الوافدين يصبحون أكثر عرضة لتناول الوجبات السريعة غير الصحية وتبني نمط حياة أقل نشاطاً والذي قد يختلف عما تعودوا عليه في بلدانهم. وأضاف: إن عبء التعامل مع مرض السكري يزداد سوءاً في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا مما يزيد الضغط على مقدمي خدمات الرعاية الصحية، وبالتالي على قطاع التأمين الصحي بشكل عام، وهذا يعني ارتفاع أقساط التأمين الصحي، وهو ما لا يرغب فيه أحد.وأضاف: الوقاية هي الوسيلة الأساسية لمكافحة السكري، وهو ما يتطلب تغيير الصورة المعروفة عن وظيفة شركات التأمين من مجرد تقديم الدعم للحالات المزمنة والحرجة إلى تشجيع الأفراد على اتخاذ تدابير وقائية. أولوية في الأجندة الحكومية أكد استشاري أمراض القلب في مستشفى راشد الدكتور غازي ردايدة، أن الانتشار المتزايد لمرض السكري من النوع الثاني في منطقة الشرق الأوسط وضعه في قمة الأولويات لأجندات الرعاية الصحية لدى الحكومات في المنطقة؛ حيث يتم نشر حملات التوعية، وتطوير المراكز الصحية المتخصصة والاستثمارات الاقتصادية وغيرها من الإجراءات ليس فقط لمواجهة الأعداد المتزايدة للمرضى الذين يتم تشخيصهم؛ بل ولتعزيز الوعي، والوقاية من مضاعفات مرض السكري لدى الأفراد المصابين.وقال: تنقسم آثار ارتفاع نسبة السكر في الدم غير المنضبط لفترة طويلة إلى مضاعفات تؤثر في الأوعية الدموية الكبرى (النوبات القلبية والسكتات الدماغية وقصور في تدفق الدم إلى الأطراف السفلية) ومضاعفات تؤثر في الأوعية الدموية الدقيقة (اعتلال الكلية السكري، واعتلال الأعصاب السكري، واعتلال الشبكية السكري).
مشاركة :