استطاعت السياسية والباحثة التونسية الشابة حياة العمري أن تنحت لها مكانة مرموقة دوليا في عالم الاختراعات بعد أن منحتها أكبر الدوائر العلمية الغربية ثلاث جوائز عالمية في المسابقة الدولية للمخترعين التي انعقدت الأسبوع الماضي بمدينة كان الفرنسية، وذلك أمام 29 منافسا دوليا. ونجحت هذه المخترعة المختصة في الكيمياء التطبيقية بفضل نظريتها حول تطوير استخدام الحامض الفسفوري في مجالات عديدة باحتكار الميداليات الذهبية للفدرالية الأوروبية للمخترعين، والتانيت الذهبي للجمهورية الفرنسية، والجائزة الكبرى الفرنكوفونية. وتقول حياة العمري (33 عاما) ابنة منطقة الرقاب الواقعة بمحافظة سيدي بوزيد الجنوبية -التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية- إن رحلة تكريمها بالجوائز انطلقت قبل الثورة إلى أن توجت أكثر في 2013 حيث سطع اسمها في عالم الاختراعات والأبحاث. وتضيف للجزيرة نت أن أبرز لحظات حياتها التي لا تفارق ذاكرتها كانت يوم حصولها على شهادة الدكتوراه من فرنسا، حيث وقع تكريمها في اليوم ذاته من دون علمها المسبق بميدالية ذهبية من الأولمبياد العالمي للمخترعين والفدرالية الأوروبية للمخترعين بفضل أبحاثها. رعاية الإبداع وبشأن سر نجاحها في مسيرتها العلمية تقول حياة إن الفضل يعود إلى والديها اللذين رغم ضعف حالهما في مدينة الرقاب الريفية فإنهما كانا يعتبران العلم مقدسا وكانا يتقشفان في النفقات بهدف توفير لوازم دراستي وأبحاثي التي تستوجب مصاريف عالية. وقد تنقلت حياة العمري خلال مراحل دراساتها الابتدائية والثانوية بين مدارس مدينة الرقاب الريفية، ثم التحقت عقب حصولها على الثانوية العامة إلى المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجية في العاصمة تونس حيث حصلت على شهادة الهندسة بالكيمياء. وساهم حصولها على الدكتوراه في تطوير أبحاثها حول تثمين الحامض الفسفوري الذي يستخرج من الفوسفات، وذلك لاستغلاله في إنتاج مواد يمكن استخدامها في مجالات عديدة حتى لا يقتصر استغلاله على إنتاج أسمدة كيميائية بمجال الزراعة كما هو الحال في تونس. وتقول حياة إن المغرب -الذي ينتج الفوسفات والحامض الفسفوري- نجح بفضل الاعتماد على البحث العلمي في استغلال هذا الحامض بإنتاج مواد صيدلية ومواد تنظيف، فيما بقيت تونس متخلفة في هذا المجال. وتضيف بشيء من الاستياء أن المصيبة الكبرى في تونس وبقية العالم العربي تكمن في عدم وجود إرادة سياسية لتطوير أداء البحث العلمي، مبرزة أن أحد أهم محاور تطور الصناعة يرتكز على توسيع مجال استخدام إنتاج الفوسفات والحامض الفسفوري بشتى المجالات. وأرجعت أسباب تأخر البحث العلمي في العالم العربي إلى ضعف الموازنات المرصودة لهذا المجال وضعف المنح المخصصة للباحثين وقلة مراكز البحوث، لافتة إلى أنها اقتحمت عالم السياسة في تونس لإعلاء صوت الباحثين والدفاع عن قيمة البحث العلمي. نجاح في السياسة والباحثة والمخترعة حياة العمري تم انتخابها نائبة عن حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات التشريعية الماضية، وهي عضوة في لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي ونائبة رئيس لجنة التنمية الجهوية بمجلس نواب الشعب (البرلمان الحالي). وبشأن كيفية توفيقها بين بحثها العلمي ونضالها السياسي تقول للجزيرة نت إنها تكرس عملها اليومي في النهار للبرلمان، بينما تفني ليلها في الأبحاث. وقالت إن حزبها شجعها على الاستمرار في النضال السياسي ومزيد العمل على تحقيق نجاحات علمية ساطعة. ويقول القيادي في حركة النهضة الإسلامية حسين الجزيري للجزيرة نت إن تكريم حياة العمري بجوائز عالمية كبرى لا يشكل انتصارا حزبيا لحركة النهضة، إنما انتصار علمي للمرأة والشباب والبرلمان التونسي، مضيفا أن هذا التتويج سيعود بالنفع على البلاد ككل. وأكد من جهة أخرى أن نجاحها في إثبات قدراتها المعرفية والعلمية أمام أكبر الدوائر العلمية في العالم سيمنحها دفعا كبيرا لمواصلة مشوارها السياسي من أجل تمرير تشريعات تنهض بمجال البحث العلمي، وتوفر الأرضية اللازمة لتطوير الاقتصاد التونسي.
مشاركة :