تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأن تصبح بلاده دولة عالمية رائدة بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي، وقال عشية تنفيذ الحكومة خطط الاحتفال بالخروج من الاتحاد في 31 يناير: «يمثل يوم الجمعة المقبل لحظة مهمة في تاريخ المملكة المتحدة. بصرف النظر عن التصويت عام 2016، فقد حان الوقت للتطلع إلى الأمام بثقة إلى البلد العالمي الرائد الذي سنكُونُه خلال العقد المقبل ونتعافى من الانقسامات السابقة». وأضاف أنه يتطلع بثقة إلى المستقبل عندما تغادر المملكة المتحدة، الكتلة رسمياً بعد ما يقرب من أربع سنوات منذ الاستفتاء. وينتظر أن يلقي رئيس الوزراء زعيم حزب المحافظين الحاكم خطاباً خاصاً إلى الأمة للاحتفال بيوم البريكست التاريخي. وسيتم إضاءة «داوننج ستريت» (مقر رئاسة الوزراء) لترمز إلى قوة ووحدة المملكة المتحدة. وستضاء المباني الحكومية في منطقة «وايت هول» باللون الأحمر والأبيض والأزرق طوال المساء، وسيتم عرض ساعة مضيئة للعد التنازلي أمام مقر رئاسة الوزراء حتى موعد الخروج من الاتحاد عند الساعة 23:00 بتوقيت جرينتش (الثالثة فجراً بتوقيت الإمارات). وأعلن وزير الخزانة، ساجد جاويد، عن إطلاق عملة تذكارية جديدة بقيمة 50 بنساً للاحتفال برحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل. وتحمل العملة الجديدة التي ستطرح قيد التداول بدايةً ثلاثة ملايين قطعة، ثم سبعة ملايين، نقش «السلام والازدهار والصداقة مع جميع الأمم» وتاريخ 31 يناير. فيما تنطلق اليوم الاثنين حملة باسم «المملكة المتحدة تترك يوم الجمعة الاتحاد الأوروبي»، تحث الشركات والمواطنين على التحقق من أي تغييرات يحتاجون إليها قبل انتهاء الفترة الانتقالية. ويشكل الانفصال فعلياً في 31 يناير انطلاقة لمفاوضات صعبة ستحدد أسس العلاقة بين بريطانيا والاتحاد. كما أن مهمة توحيد البلاد لن تكون سهلة أمام جونسون، إذ رفضت مجالس النواب المحلية في اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية قانونه حول بريكست. وبعدما أعاد التفاوض على النص مرتين مع بروكسل وحصل على حل جديد يمنع إعادة حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية، انتزع جونسون تأييد البرلمان لقانون يتيح تنفيذ الخروج من الاتحاد. ووقعت الملكة إليزابيث الثانية في 23 يناير النص المؤلف من 535 صفحة والذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي وحوّل اتفاق الخروج إلى قانون بريطاني. وتبقى هناك خطوة أخيرة قبل النهاية الرسمية لعلاقة دامت 47 عاماً بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وتتمثل باعتماد البرلمان الأوروبي بعد غد الأربعاء اتفاق بريكست الذي وقع الجمعة في كل من بروكسل ولندن. وعلى ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد أن يعلنوا موافقتهم كتابياً على النص غداة ذلك، وهي الخطوة الأخيرة الرسمية. لكن فعلياً، لا شيء سيتغير كثيراً بعد تاريخ 31 يناير مباشرة. فاتفاق الخروج ينص على مرحلة انتقالية تمتد حتى 31 ديسمبر 2020، على المملكة المتحدة خلالها أن تطبق قواعد الاتحاد الأوروبي، لكن بدون حقّ التصويت على قراراته. وفي هذه الأثناء، عين الاتحاد سفيره السابق في الولايات المتحدة البرتغالي جواو فاليه دي ألمييدا، سفيراً في لندن، يتولى مهامه في الأول من فبراير. وتهدف المرحلة الانتقالية خصوصاً إلى أن تعمل لندن وبروكسل على البحث في طبيعة علاقتهما المستقبلية، وخصوصاً في مجال التجارة. ويريد جونسون أن ينهي هذه المفاوضات الانتقالية خلال وقت قياسي، مستبعداً أي إرجاء لموعدها إلى ما بعد نهاية العام. ولكن الأوروبيين يعتبرون أن هذا الوقت لا يكفي وأنه يجب تحديد الأولويات. وأعلن جونسون بوضوح أنه يرغب في اتفاق مشابه لاتفاق بلاده التجاري مع كندا، مع عدم الالتزام بقواعد التكتل الأوروبي. وفي موازاة ذلك، تريد المملكة المتحدة التفاوض على اتفاقاتها الخاصة للتبادل التجاري الحر مع دول أخرى خصوصاً الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترامب الذي توقع اتفاقاً تجارياً مذهلاً مع لندن. ولن تكون المفاوضات البريطانية الأميركية سهلة لاسيما مع إعلان لندن أنها ستفرض ضريبة رقمية على الشركات التكنولوجية الكبرى في أبريل، رغم تهديد الأميركيين بتدابير مقابلة. ومن المقرر أن يصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لندن في 29 يناير للقاء جونسون، وإعادة التأكيد على العلاقة المميزة بين البلدين ومناقشة السبل إلى توسعة وتعميق العلاقات التجارية بينهما بعد بريكست.
مشاركة :