الزوج الاتكالي يتنازل عن دوره طوعا ويرهق المرأة

  • 1/27/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تتسم الكثير من العلاقات الزوجية بتهرّب الزوج المصاب باضطراب الشخصية الاتكالية من القيام بمسؤولياته، في مقابل إلقائها على عاتق الزوجة. وتكتشف الكثير من الزوجات بعد الزواج أن شركاء حياتهن ضعفاء الشخصية في التعامل مع متطلبات الحياة الزوجية، ويثقلون كاهلهن بتحمل الأعباء المنزلية بالاضافة إلى الأعباء المادية ويثبتون عدم استعدادهم للقيام بأي شيء في وجود الزوجة. وأكد خبراء العلاقات الزوجية أن الاتكالية أصبحت منتشرة في وقتنا الحالي وذلك بخروج الزوجة إلى العمل والبحث عن إثبات ذاتها والمساواة مع الزوج والتي يجدها بعض الأزواج فرصة لإلقاء كافة المسؤوليات على عاتقها بدءا بأعمال المنزل وتربية الأبناء وصولا إلى الاعتماد عليها في قضاء شؤون المنزل المادية. وأشاروا إلى أن الكثير من الأزواج ينسحبون من الإشراف على تنشئة أبنائهم ويحملون زوجاتهم مسؤولية فشلهم. ويعرف الزوج الاتكالي بأنه رجل ضعيف الشخصية غير قادر على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات حتى الصغيرة منها دون إشراك زوجته التي تصبح غير قادرة على الاعتماد عليه في أي شيء. وعن الأسباب النفسية التي تدفع الرجل إلى أن يصبح اتكاليا، يقول الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن الرجال الذين يعتمدون على المرأة في إدارة شؤون المنزل بكافة مستوياتها، عادة يكونون من أصحاب الشخصية الضعيفة، وهم الذين يركضون بعيدا عن تحمل المسؤولية، ليس لديهم طاقة احتمالية تؤهلهم لتحمل تبعات قرارات بعينها، حيث أن قرار الزواج والارتباط بامرأة يتخلفه تولي شؤون هذه الأسرة الصغيرة التي أقامها. الزوج الاتكالي يفقد مكانته في حياة أبنائه مفسحا المجال لزوجته وما عليه إلا تنفيذ القرارات التي تتخذها والامتثال لأي تصرف يصدر من أفراد الأسرة وأوضح قائلا “هذا الصنف من الأزواج يمكنه أداء الدور الاتكالي بكل جدارة، دون الوضع في الاعتبار هل قدرات المرأة التي تزوجها تؤهلها إلى القيام بدوره هو أيضا داخل المنزل أم لا؟ وإذا كانت كذلك هل تستطيع تحقيق النجاح أم أنها ستفشل؟ وفي النهاية ستلجأ له”. كما أنه يتجاهل تماما نتيجة تهربه من مسؤولياته هذه سواء داخل المنزل أو خارجه، وفي المقابل يبدي اعتراضه على كون زوجته لا تهتم به كزوج، ولا يقيم وزنا للكيفية التي يمكنها بها تحقيق التوازن بين حجم المسؤولية الأسرية الموكلة لها وبين متطلباته هو كزوج. وتابع المهدي “بما أن الاتكالية أنواع، فهناك من الرجال من يعمل ويملك من المال ما يسد احتياجات أسرته، ولكنه يظل معتمدا على زوجته داخل وخارج المنزل، بدعوى أنها هي أيضا تعمل ولديها ما يمكنها من الإنفاق على الأسرة”، مشيرا إلى أن هذا الصنف من الأزواج سيّء لأنه لا يعي المعنى الحقيقي للحياة الأسرية التي أقدم عليها، كما أنه لا يشارك في تربية الأبناء، وبذلك تضطر الزوجة إلى الإنفاق وتحمل مسؤولية التربية أيضا، وإذا لاقى خطأ ما من أحدهم يلقي باللوم على الزوجة، ولا يتردد في اتهامها بالتقصير في حق الأبناء في المتابعة والتربية، ويعتبر أن العناية بهم أولى أولوياتها. ولا ينظر الزوج الاتكالي مطلقا إلى كونه أثقل كاهلها أكثر بدفعها على تحمل مسؤولية العمل حتى يمكنها الإنفاق عليهم، وبالتالي فإن هذا الرجل لا يرى في الاتكالية عيبا ولا خطأ، بل يراها أحيانا حقا له وواجبا على الزوجة تحمله. ولفت المهدي إلى أن النوع الأسوأ من الرجال الذين يتبنّون الاتكالية في الحياة الأسرية، هو الرجل الذي يترك تسيير الحياة الزوجية بأكملها للزوجة دون المساهمة في تحمل حتى ولو جزء بسيط من المسؤولية الملقاة على عاتقها، حيث يقوم بترك العمل والجلوس طيلة الوقت داخل المنزل، يكتفي فقط بمشاهدة التلفاز أو محادثة الأصدقاء على مواقع التواصل، وتتولى المرأة مسؤولية العمل وإدارة الحياة الأسرية، ليس لأنه غير قادر أو يعاني من مرض ما يمنعه من العمل أو بذل مجهود، ولكن لكونه يرى أن من يصلح لأن يكون بديلا له هو الزوجة، طالما أنه يراها قادرة على تحمل كافة المسؤوليات مهما كانت صعبة، ومهما بلغ تذمر الزوجة لا يحد ذلك من اتكاله عليها. ومن جانبها أوضحت الدكتورة نهى معروف، أستاذة علم النفس الاجتماعي بالجامعة الأميركية في القاهرة أن المرأة تصاب بحالة توتر واضطراب سلوكي تكون ناتجة عن تأثيرات الضغط عليها، وكثرة المشاحنات الزوجية التي تحدث بينها وبين شريكها، خاصة إذا لاقت منه هذا بعد الزواج مباشرة، حيث يتضح لها أنه ذو شخصية ضعيفة عاجزة وغير قادرة على تلبية متطلبات الأسرة. وأشارت إلى أن المرأة تدخل في حالة من الاكتئاب إذا ما عجز الزوج أيضا عن اتخاذ قرارات متعلقة بشؤون الأسرة، ولا يمكن للمرأة البت فيها دون العودة إلى الرجل، هنا تشعر المرأة بحقيقة شخصية الرجل، وأنها لا تصلح لإقامة أسرة وتولي شؤونها، ومن ثم يأتي قرار الانفصال على أنه الحل المناسب لحياتها معه. ونبهت معروف إلى أنه يترتب على اتكال الزوج أمور عدة، أبرزها أنه يصبح لدى الأطفال إذا قدر لهم البقاء والحياة في كنف والديهم دون انفصال لا شيء، حيث يفقد كونه قدوة لهم، كما يفقد حقه في إلزامهم بتبني شيء ما أو تكليفهم بالقيام به، ويقتصر دوره على موافقة الزوجة في كل ما تقوم به فقط، ورغم أن الزوجة لها دور في أن يكون الزوج اتكاليا في بعض الحالات، بتنازلها عن حقها في قوامته نحوها ونحو أسرته، ولكن الرجل في كل الأحوال لا بدّ أن يدرك جيدا، ماذا يعني للمرأة أن تختار رجلا من بين العديد لأن يصبح زوجا لها، وما يلقيه عليه ذلك من مسؤوليات يجب أن يتحملها. وقال الكاتب والروائي الإماراتي عبدالله النعيمي إن “أكبر خطأ يقع فيه الأزواج الجدد رجالا كانوا أم نساء، هو تعويد الطرف الآخر على نمط حياة خاطئ، أو غير عادل، يمكن القبول به في بادئ الأمر، لكن مع تغير الظروف، يتحول القبول إلى رفض، أو إلى شعور عميق بالظلم والغبن”. وأضاف أن الناس إزاء تضحيات الآخرين ينقسمون إلى نوعين: نوع يقدر التضحية، وينظر إليها على أنها دين في رقبته، ينتظر الوقت المناسب لسداده. ونوع آخر أناني يستغلها لمصلحته، ومع مرور الأيام يعدّها حقا أصيلا له، ويرفض التنازل عنه تحت أي ظرف. ونصح الزوجة بأن تكتفي بالقيام بواجباتها كزوجة وكأم وكربة بيت في الظروف العادية، حتى يعتاد زوجها على تحمل مسؤولياته الكاملة كزوج وكأب وكرب أسرة، أما في الظروف غير العادية (العجز، الشيخوخة، المرض) فيختلف الوضع طبعاً، وكل حالة تقدر بقدرها. وغرّدت المستشارة الأسرية عبيرالفخري على تويتر قائلة “التربية الأسرية لها دور كبير في صنع الزوج الاتكالي وللزوجة وتعاملها دور آخر في ذلك” مشيرة إلى أن الكثير من الأزواج يتهربون من مسؤولياتهم الأسرية وفي مقابل ذلك تتحملها الزوجة التي تصبح حياتها مليئة بالضغوطات خاصة في وجود الأبناء. وقال الخبراء إن تحرر المرأة اقتصاديا وقلة اعتمادها على الرجل، أعطاها قوة في إدارة شؤون البيت والأولاد بمطلق الحرية دون الرجوع للزوج، مما جعل الكثير من الأزواج يفضلون ترك الأمور في المنزل للزوجة لكي تتولى إدارتها. وتحاول بعض الزوجات إشراك الزوج الاتكالي في المسؤوليات الأسرية ونادرا ما ينجح البعض منهن، وفي مقابل ذلك تتحمل أخريات جميع الأعباء تجنبا للخلافات ويشجعن بذلك الزوج على تنمية صفة الاتكالية بداخله. ويفضل الكثير من الأزواج البقاء دون عمل على أن توفر الزوجة جميع متطلبات الأسرة في تجاهل تام لدورهم في المشاركة في توفير متطلبات المنزل وفي تقاعس تام على أداء واجباتهم نحو زوجاتهم وأبنائهم. وتبلغ اتكالية الزوج ذروتها في عدم قدرته على اتخاذ القرارات التي تخص عائلته محملا المسؤولية في ذلك إلى الزوجة. وأشار المختصون إلى أن الزوج الاتكالي يفقد مكانته في حياة أبنائه مفسحا المجال لزوجته وما عليه إلا تنفيذ القرارات التي تتخذها والامتثال لأي تصرف يصدر من أفراد الأسرة، نظرا إلى أن اعتماده على زوجته سحب منه جميع صلاحياته في إدارة شؤون المنزل وجعل علاقته بأبنائه سطحية، لأنهم تّعودوا على مواقفه السلبية في مقابل إيجابية والدتهم وقدرتها على المسك بزمام الأمور. وغرد سلطان المحروقي على تويتر قائلا إن المرأة القوية والنشيطة تصنع زوجا اتكاليا وأولادا كسالى ثم تشتكي من إهمال الزوج وعدم مبالاة الأطفال، ناصحا الزوجة بأن لا تعفي الزوج من مسؤولياته، مشددا على ضرورة مطالبته بأن يقوم بواجبه تجاهها وتجاه المنزل وتربية الأطفال. وقال “أعطي للأطفال أدوارا في المنزل ولا تجعلي منهم مثل المرضى أو نزلاء فندق”. وقال المختصون إن الاتكالية والاعتماد على الزوجة، مشكلة تؤرق معظم العلاقات الزوجية وبدأت تظهر بكثرة في الفترة الأخيرة لاسيما مع وجود الزوجة العاملة التي يعتبرها الرجل المرأة الحديدية التي يعتمد عليها في كل شؤون المنزل وتربية الأبناء، في حين أن بعض الأزواج يمارسون هذه الاتكالية نتيجة أسباب مرتبطة بطبيعة التنشئة التي ترعرعوا عليها وغالبا ما يكون الدلال المفرط والاعتماد على الأم فى كل شيء ممّا يولّد ابنا اتكاليّا لا يتحمل المسؤولية. وشدد الخبراء على ضرورة أن يقوم الزوج بدوره المناط به، فإذا تنازل أحد الطرفين عن دوره، فإن هذا إيذان بانهيار هذه الأسرة وتزعزعها وتسرب الضعف إلى أفرادها.

مشاركة :