قال مصرف لبنان المركزي إن البنوك لن تقتطع من الودائع بسبب الأزمة المالية بالبلاد، وذلك ردا على مخاوف عبّر عنها ملياردير عربي بارز بشأن المخاطر المحتملة أمام الاستثمارات الأجنبية. ويرى محللون أن قائمة الشروط التي ينبغي على لبنان الالتزام بها تتزايد يوما بعد يوم وأن المصارف المحلية قد تعجز عن تفكيك الأعباء المتراكمة في ظل توقف الودائع واتساع الفجوة بين السعر الرسمي لليرة وأسعار السوق السوداء. وكان رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور مؤسس مجموعة الحبتور التي تملك فندقين في بيروت، قد بث تسجيلا مصورا على حسابه الرسمي في موقع تويتر يعبر فيه عن مخاوف وقلق المستثمرين الأجانب في لبنان. ودعا الحبتور في التسجيل حاكم المصرف المركزي إلى توضيح ما إذا كانت توجد مخاطر على ودائع المستثمرين الأجانب بالدولار وما إذا كان سيفرض مثل تلك الاقتطاعات. ونشر حساب المصرف المركزي على ردا على لسان حاكمه رياض سلامة، الذي قال “إن السياسة المعلنة لمصرف لبنان تهدف إلى منع إفلاس أي مصرف وبالتالي حماية المودعين” مضيفا أن القانون في لبنان لا يسمح باللجوء إلى الاقتطاع من الودائع وأكد أن البنك المركزي “يقوم بتوفير السيولة التي تحتاجها المصارف بالليرة اللبنانية وبالدولار، ولكن شرط عدم تحويل الدولارات التي يقرضها مصرف لبنان إلى الخارج”. وأوضح سلامة أن “بإمكان المصارف اللبنانية أن تحول إلى خارج لبنان جميع الأموال التي تتلقاها من الخارج بعد 17 نوفمبر الماضي”. وهزت أزمة لبنان المثقل بالديون الثقة في متانة أوضاع المصارف المحلية وأثارت مخاوف إزاء قدرته على الوفاء بواحدة من أعلى مستويات الدين العام في العالم. وفي محاولة لمنع هروب رؤوس الأموال مع تباطؤ تدفق العملة الصعبة واندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة، فرضت البنوك قيودا غير رسمية على الحصول على الأموال وتحويلها إلى الخارج منذ شهر أكتوبر الماضي. وتشكلت حكومة جديدة قبل أيام وصارت مهمتها الرئيسية هي التعامل مع الأزمة المالية المحتدمة والتي هبطت خلالها العملة المحلية أمام الدولار وسط تشكيك المراقبين بقدرتها على ترقيع الأزمات العميقة. ودعا الحبتور حاكم مصرف لبنان المركزي إلى توضيح الأمر للمستثمرين العرب الذين لديهم “النية لتحويل أموالهم لدعم البنوك اللبنانية”. في هذه الأثناء قدم معهد التمويل الدولي صورة مقلقة عن حجم التمويل الذي يحتاجه لبنان للخروج من أزماته المالية الخانقة. وقال إن لبنان بحاجة إلى تمويل خارجي يقدر بنحو 24 مليار دولار،أي ما يعادل 42 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، خلال الفترة من عام 2020 إلى 2024 من أجل “تفادي المزيد من التراجع في الاحتياطي النقدي الرسمي” للبلاد. وعبر التقرير الذي أعده الخبيران في المعهد، جاربيس إيراديان وجون اهروزنتال عن الأمل في “أن تسعى الحكومة الجديدة إلى برنامج من صندوق النقد الدولي لتوفير تمويل إضافي ووقف التدهور الاقتصادي ودعم احتياطي النقد الأجنبي السائل في الدولة”. وأضاف أنه “في حين سيعتمد حجم التمويل الذي سيقدمه صندوق النقد للبنان على الاحتياجات المالية، فإننا نتوقع أنه سيتعين على الصندوق توفير تمويل استثنائي للبنان في حدود 8.5 مليار دولار”. وعلقت وكالة بلومبرغ للأخبار الاقتصادية على تلك التقديرات بالقول إن ذلك المبلغ يعادل عشرة أضعاف حصة لبنان لدى الصندوق. وتشير تقديرات صندوق النقد إلى أن البنوك التجارية في لبنان فقدت نحو 10 مليارات دولار من الودائع التي كانت لديها، أي ما يعادل 6 بالمئة من حجم الودائع الإجمالية في الفترة من سبتمبر الماضي وحتى نهاية عام 2019.
مشاركة :