يعتمد حزب الله خطابا مزدوجا في التعاطي مع الفتور الدولي حيال الحكومة اللبنانية الجديدة وفي رفض الشارع لها، وهو ما بدا جليّا في تصريحات قيادات الحزب التي تسعى من جهة لطمأنة الغرب وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة بأن حكومة حسان دياب ليست حكومة مواجهة، ومن جهة ثانية تعلي تلك القيادات من نبرتها المستفزة حيال المعارضين في الداخل. وتوصل حزب الله وحلفاؤه بعد سجالات طويلة وصراعات على الحصص الوزارية إلى تشكيل حكومة الأسبوع الماضي، ولا تلقى هذه الحكومة أي غطاء شعبي حيث يعتبر اللبنانيون أن الحكومة الوليدة هي نتاج محاصصة سياسية وطائفية باتت مرفوضة، ولا تستجيب للحد الأدنى من مطالب الشارع الذي انتفض لأجل حكومة كفاءات تقطع مع إرث الحكومات السابقة، وتتولى عملية إنقاذية لاقتصاد البلاد الذي يشهد أزمة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الأهلية. وبدا واضحا أن هناك عملية توزيع أدوار بين قيادات الحزب في التعاطي مع أزمة الثقة التي تعاني منها الحكومة، ففيما هاجم، الأحد، نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الرافضين في الداخل للحكومة العتيدة، ركز القيادي وعضو المجلس المركزي نبيل قاووق على إرسال رسائل طمأنة للمجتمع الدولي بأن هذه الحكومة لن تكون سياسية ولا تهدف لتصدّر جبهة المواجهة، على ضوء وجود قناعة أميركية بأن الحكومة الجديدة كرّست واقع الهيمنة الإيرانية على لبنان. وقال نعيم قاسم في تصريحات له “الحكومة أبصرت النور وفق الآليات الدستورية من خلال المجلس النيابي ممثل الشعب، ومن يقول إنها حكومة اللون الواحد لن يغير بالمعادلة شيئاً”. وأكد نائب نصرالله أن “البعض في لبنان لا يعجبه العجب ويعمل من أجل الفوضى، هذا لأنهم ليسوا شركاء وهم يعملون من أجل تحقيق أهدافهم، الحكومة ستنطلق والصراخ لا يقدم ولا يؤخر وبعض المشاغبين والمعتدين على الأملاك الخاصة والعامة لا يستطيعون تغيير مصلحة البلد”. ويشهد لبنان تصاعدا في الحراك الاحتجاجي رفضا لحكومة دياب، وشملت الاحتجاجات، الأحد، العديد من المناطق وامتدت إلى الدول الغربية حيث شهدت العديد من العواصم تحركات من قبل لبنانيين رفضا لهذا الحكومة. ويشكك كثيرون في مدى قدرة رئيس الوزراء وداعميه السياسيين وفي مقدمتهم حزب الله على إقناع هذا المد الرافض وسط مخاوف جدية من الانهيار المتسارع لاقتصاد البلاد. ويدرك حزب الله أن المجتمع الدولي لن يقدم أي مساعدات اقتصادية طالما أن الحكومة الحالية محسوبة عليه. وشدّد القيادي في الحزب نبيل قاووق على أن الحكومة هي حكومة العمل والإنقاذ، وليست حكومة مواجهة ولن تكون كذلك. ولفت إلى أنّ حزب الله سيكون في طليعة الداعمين للحكومة، ولكنه في نفس الوقت سيكون في طليعة من يراقب أداءها. وأشار قاووق “في بيروت، كان تشكيل الحكومة صفعة للرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو وديفيد شينكر ولكل رجال الإدارة الأميركية الذين راهنوا على الفوضى وحصار المقاومة وإخضاع اللبنانيين”. وأضاف “هم راهنوا على أن اللبنانيين لن يستطيعوا تشكيل الحكومة إلاّ بالإملاءات والرغبات والشروط الأميركية، فكانت الحكومة بإرادة لبنانية مئة بالمئة، لتشكل فرصة حقيقية لإنقاذ البلد من الانهيار”، مكررا أن هذه الحكومة لن تكون حكومة مواجهة. وأبدت الولايات المتحدة عدم حماسة للحكومة الوليدة، وسط أنباء عن إمكانية تعليق المساعدات الاقتصادية والعسكرية للبنان. وتقول أوساط سياسية إن واشنطن لن تذهب في المدى المنظور لهذا الخيار حيث من المرجح أن تنتظر إلى حين اتضاح الصورة وتبيان تموقع رئيس الوزراء الجديد. واعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق جيفري فيلتمان، السبت، أن الحكومة اللبنانية الحالية أكثر قربا من سوريا وايران وحزب الله. وقال فيلتمان “لا أوصي بقطع للعلاقات مع الحكومة اللبنانية ومن المهم أن نرى ما ستفعله هذه الحكومة واستخدام النفوذ في داخل لبنان لتشجيعها على تعزيز سيادة لبنان والتعامل مع القضايا الاقتصادية والاستجابة لمطالب المحتجين على الأرض”.
مشاركة :