أراد ملتقى «الثلاثاء» الثقافي أن يكون ختام أنشطته وفعالياته... استثنائيا ومتميزا، يعكس الدور الذي يقوم به في الساحة الثقافية الكويتية، والتاريخ الطويل الذي يحمل فيه مسؤولية النهوض بالثقافة العربية، مدافعا ومشجعا وداعما على كل المستويات والرؤى الثقافية والفكرية والإبداعية، وعبر أنشطة وفعاليات مستمرة... لم تثنها أو تقلل من انعقادها المعوقات أو العراقيل، أو التحديات. لذا فقد وقع الاختيار على الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد، كي يشعل البهجة في النفوس، ويحرك الدهشة في المشاعر بقصائد اتسمت في مضامينها بالحيوية والتوهج والالتقاء الصريح مع الجمال، بكل اشكاله وتطلعاته. هكذا... عمد ملتقى الثلاثاء أن يكون ختام موسمه الثقافي مثيرا ومعبرا عن روح الإبداع... ليس فقط من خلال استضافة حداد... ولكن أيضا من اختيار عميد الرواية الخليجية الروائي اسماعيل فهد اسماعيل ليدير هذه الأمسية الشعرية، بكل ما احتوته من تفاعلات إنسانية رحبة، وتنقلات شعرية عبر أنساق شعرية خلاقة. في ما عبر منسق الملتقي الشاعر دخيل الخليفة في كلمة اختتم بها الموسم الثقافي للملتقى، عن الإنجازات التي حظيت بها الدورة المنتهية، مشيرا إلى 19 أمسية أدبية وفكرية، ناقشت الكثير من القضايا، موجها الشكر للشاعر قاسم حداد على دعمه المستمر للملتقي خلال أربعة استضافات، ثم شاهد الحضورعرض فيلم تسجيلي قصير عنوانه «جنة الرؤيا» تحدث عن مسيرة حداد الطويلة مع الشعر والتي تقترب من أربعة عقود. وبعد تقديم أدبي موفق للروائي اسماعيل فهد اسماعيل لخص فيه رؤيته للشاعر قاسم حداد، وما تعبر عنه قصائده من تطلعات إنسانية كثيرة، بدأت فعاليات الأمسية، والتي خاض فيها حداد مع الجمهور رحلة شعرية لم تتوقف عند فكرة إلا وقد احتوتها، ولم تتحاور مع رؤية إلا وقد استخلصت منها المعنى الحقيقي للحياة، ولم تصعد على قمة إلا وقد بنت فوقها القصور الشاهقات. وفي هذا السياق الشعري أنشد الحداد الشعر بحنجرته الهادئة، وملامحه الطيبة، وتعابير وجهه التي توحي بتألق الشاعر، مجموعة من القصائد بعضها لم ينشر، وبعضها مدون في دواوينه السابقة ومنها «طرفة بن الوردة»، الذي أنشد منه قصائد «أيقظ غرائزك»، «كان يعرف»، «رسالة قل لهذا الملك»، «هل نحن موتى»، «رقصة الغجر»، «البحر الطويل» ومما قاله في الفصيدة الأخيرة: عربٌ حُداةٌ يمدحون الإبلَ يحتكمون في الحانات ينتخبون بحراً ثالثاً لولا الفتى لولا تعفّفه وحكمته الكريمة وانتحارات الرواة لولا نحاةٌ ينحتون البحر لم نسمع نحيب رحيله السكران يذهب في الترنح في ثمالاتٍ مذهبةٍ على البحر الطويل ووضع حداد تجربته الشعرية، في متناول نقاش الحضور، كي ينافشه الروائي إسماعيل فهد عن تجربته مع طرفة بن الورد، مؤكدا حداد على معرفته بطرفة بن الورد في المرحلة الثانوية، وكان المعروف أنه شاعر من البحرين، مع أن البحرين التاريخية كانت منطقة اوسع، وبالتالي أخذته الفكرة وانشغل بالتعرف على طرفة كشاعر، كما أوضح حداد انه استخدم «الوردة»- ام طرفة- رمزا للسجن. وسأله الكاتب كرم هزاع: عن «الفحم» الذي يفصده حداد؟ فأوضح حداد أن الفحم يرتبط معه بتجربة الفنان التشكيلي الراحل فان جوخ، وأن الفكرة تقاطعت مع وجوده في الزنزانة. وطرح الشاعر دخيل الخليفة سؤالا يتعلق بتجربة حداد مع ورشة برلين في العام 2008 في وجود شعراء عالميين، وأجاب حداد بان الورشة كانت مشروع لإقامة ندوات مشتركة بين الشعراء الألمان وشعراء من لغات شتى، وأنه أقترح على القائمين إقامة ورشة بين الشعراء الألمان وشعراء من الخليج، وأكد حداد ان التجربة يمكن تكرارها في أماكن مختلفة. وفي ظل هذه الحضرة الشعرية التي اقتحمت مشار الحضور... اختتم حداد أمسيته بقصيدة عنوانها «ما لا يسمى»، وهي من ديوانه «قبر قاسم»... يقول فيها: بذلنا لك جنون القلب وقلنا لك هذا القلب لك حصن يصونك فاشمخْ به يتمجّدُ بكَ وينهض ماذا تعرف عنا بذلنا لك جنون القلب لئلا ينتابك ما لا يسمى وقلنا لك هذا القلب لك حصن يصونك فاشمخْ به يتمجّدُ بكَ وينهض والذي يجب ذكره أن الفيلم التسجيلي «جنة الرؤيا»، الذي عرضه ملتقى الثلاثاء احتفاء بالشاعر قاسم حداد أخذ عنوانه من سياق سياق قصيدته الطويلة «الوردة الرصاصية»، تلك القصيدة تؤرخ لتاريخ النفس والمشاعر... ويقول فيها: في البدء كانت جنة الرؤيا أرى فيما أرى تبكي صنوبرة على صحن المدينة، والخيام تجل للرؤيا أرى طرقا ستأخذني إلى طرق ستأخذني إلى طرق وبحرا كالمدى فيما أرى كانت ستعشقني العذارى. سوف أصبح نجمة في شرفة لو نشرة المذياع قالت آخر الاخبار قبل الهجرة الأولى.
مشاركة :