هل كان تمرد عناصر المخابرات السوداني، الذي قاده رئيس جهاز الأمن القومي السابق صلاح قوش صدفة؟ وهل كانت الأسباب المعلنة للتمرد هي بالفعل ما حرك المتورطين فيه؟ وأيضا هل انتهت تبعات هذا التمرد عقب السيطرة على العناصر المتمردة؟ الإجابة عن هذه الأسئلة، تقتضي إلقاء نظرة أكثر عمقا على تطورات الأحداث في السودان، باعتباره آخر قلاع جماعة الإخوان بالشرق الأوسط، لا سيما بعد الخسائر الفادحة التي تتكبدها الجماعة الإرهابية، في ليبيا رغم محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإنقاذ حليفه فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.الدكتور عبد الراضي عبد المحسن، أستاذ الفلسفة الإسلامية، وعميد كلية دار العلوم، يرى أن المحاولات القطرية لإعادة الإخوان إلى سدة الحكم في المنطقة العربية، لن تتوقف، مشيرا إلى أن المساعدات التي تقدمها قطر للسودان تمثل جزءا من سيناريو يستهدف تحقيق هذا الهدف.وقال عبد المحسن لـ"البوابة نيوز": "التمرد الذي وقع خلال الأيام الماضية من قبل عناصر تابعة للمخابرات السودانية، واتهم صلاح قوش بالوقوف ورائه، ليس سوى فصل من محاولات الدوحة استعادة النفوذ الإخواني بالسودان".وأضاف: "التمرد الذي وقع في السودان، لا يستهدف كما تصور البعض الانقلاب على الحكم، لأن الجميع يعلم مدى قوة الجيش السوداني وسيطرته على مقاليد الأمور في البلاد، ولكن الهدف من هذا التصرف، كان هز هيبة الدولة، وإظهار السلطة الحاكمة غير قادرة على السيطرة على أجهزتها الداخلية".وتابع: "هذه الفكرة يلجأ إليها الإخوان، كخطة طويلة المدى للتأثير في اقتناع المجتمع بما تم من إجراءات للإطاحة بحكم البشير، حتى يتم تأليب الشباب ضد الدولة، ودفعهم إلى التظاهر مجددا، أو إقناع الشعب بأن الإخوان بديل مهم لن تستقر الدولة دون وجوده، فيكون لهم بالتالي وجود قوي في الاستحقاقات الانتخابية التالية للفترة الانتقالية".وواصل عبد المحسن: "يخطئ من يتصور أن قطر تريد فقط استبدال نظام الحكم بغيره، إذ إنها تقبل مرحليا أن يكون للجماعة وجود قوي سواء في مؤسسة الرئاسة، أو في البرلمان".وأشار أستاذ الفلسفة الإسلامية، إلى أن افتعال قطر لحالة من التوتر مع المجلس العسكري الانتقالي، الذي قاد السودان في بداية الإطاحة بحكم البشير، كان عبارة عن بالونة اختبار، يمكن من خلالها قياس مدى قوة هذا المجلس وسيطرته على شئون الدولة، وحسمه فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية، ورغبة الدوحة في التدخل بشئون السودان.ولفت إلى أن سعي الدوحة لاستعادة نفوذ الإخوان في السودان، توحيد الأحزاب الإسلامية لتكوين كتلة فاعلة خلال المرحلة المقبلة من جهة، مع تقديم المزيد من الاستثمارات المالية بالسوق السودانية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن قطر تستثمر في السودان حاليا نحو ملياري دولار، بمشروعات زراعية، وعقارية وسياحية.وشدد على أن السودانيين يدركون حجم السيناريو القطري لاستعادة النفوذ الإخواني، وأن الشعب السوداني يمتلك من الوعي ما يمكنه من مواجهة هذا السيناريو وإسقاطه كما أسقط حكم البشير.
مشاركة :