خبايا «القصر الأحمر» عمل فني فـي أبوظبي

  • 1/28/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأماكن ليست مجرد جدران وأثاث فقط، فللأماكن والأشياء حضور قد يخبو في أوقات معينة، لكنه لا يزول، أو كما يؤمن الفنان السعودي سلطان بن فهد، وفق ما ذكره لـ«الإمارات اليوم»، بأن القطع والمقتنيات، مهما بدت للبعض كمخلفات قديمة لا قيمة لها، تحمل رسالة ما تحاول أن تعبّر عنها، وهنا يأتي دور الفنان ليتلمس هذه الرسالة ويبرزها للآخرين في أعمال فنية مبدعة. ويأتي معرض «القصر الأحمر» للفنان سلطان بن فهد، الذي افتتح أول من أمس في المجمع الثقافي بأبوظبي، واستمد عنوانه من القصر الأحمر الكائن في مدينة الرياض، هذا المبنى الأيقوني الذي يعود تاريخه إلى عام 1944، وكان محط الأنظار باعتباره انطلاقة مهمة للتطور العصري في المملكة، كما كان شاهداً على العديد من الأحداث المهمة في تاريخ المملكة والمنطقة، حيث سكنه ولي العهد السعودي آنذاك الأمير سعود بن عبدالعزيز، وأصبح مقر إقامته ولياً للعهد وملكاً لسنوات، واستقبل فيه العديد من رؤساء الدول، مثل جواهر لال نهرو وجمال عبدالناصر وشكري القوتلي، وبعد انتقال الملك سعود إلى قصر الناصرية في عام 1953، أصبح القصر الأحمر مقراً لمجلس الوزراء السعودي، ومن ثم ديوان المظالم حتى عام 1987، ليغلق بعدها لسنوات في انتظار خطط التجديد. وقد مثل المعرض أول استخدام للمبنى، على هذا المستوى، منذ أن تم إغلاقه. واستطاع الفنان السعودي، في معرضه، أن ينقل الزائر إلى القصر الأحمر، ليبدو وكأنه يتجول في بعض غرفه وأروقته، من خلال أعمال فنية لم تكتفِ بعرض قطع مادية ملموسة، ولكن تجاوزت الملموس إلى المعنوي، لتستحضر روح المكان وطاقته، كما في عمل «عشاء القصر» الذي أعاد فيه تمثيل مشهد عشاء القصر بشكل يعكس أدق التفاصيل التي ظهرت في صور موائد العشاء التي أقيمت في القصر الأحمر في تلك الحقبة، من خلال مائدة الطعام التي توسطت القاعة، والكراسي المخملية الخضراء المصممة خصيصاً لهذه الغرفة، بالإضافة إلى أدوات المائدة الفعلية التي استخدمت لتقديم الأطباق الرئيسة ويزينها شعار المملكة، وهي أدوات كان الفنان قد بدأ في جمعها منذ سنوات عدة، كما تضمن العمل فيديو يلقي الضوء على العاملين والخدم الذين كانوا يتولون إعداد هذه الموائد، ليقدمهم في مشهد موازٍ وهم يقومون بعملهم لإعداد الطعام، ثم ارتداء الزي الرسمي الذي كان مخصصاً لهم في ذلك الوقت. سياجات الحرم من الأعمال اللافتة التي يضمها معرض «القصر الأحمر»، الذي افتتحه رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، محمد خليفة المبارك، ويستمر حتى 28 مارس المقبل، عمل بعنوان «سياجات» استخدم فيه الفنان ثلاثة قضبان من النحاس كانت في الحرم الشريف خلال حادثة الحرم عندما هاجم إرهابيون المسجد الحرام وحاصروه لأكثر من أسبوعين واحتجزوا ما يقرب من 100 ألف مصلٍّ وزائر كرهائن. وتظهر على القضبان الثقوب التي خلفها إطلاق الرصاص، وقد وظفها الفنان لتكون منصة أثرية تعكس صورة للمساحة المحيطة بالكعبة، ورافقها عرض فيديو للحادث. وكون السعودية وجهة لزوار وحجاج من مختلف دول والعالم، يأتون حاملين ثقافات مختلفة ويتواصلون رغم اختلاف لغاتهم، كان أيضاً ملهماً لعدد من الأعمال الفنية التي تجاوز الفنان مضمونها الظاهر ليغوص في ما تحمله من معانٍ إنسانية اجتماعية واقتصادية أيضاً، ومنها عمل «الاقتصاد المقدس» الذي وظف فيه زمزميات الماء التي خلّفها الحجيج وراءهم، بما عليها من زخارف وزينة تستمد خصوصيتها من الحدث والمكان، ولتعكس فكرة الاستخدام والإهمال، وتبرز التنوع والاختلاف رغم الوجود في جماعة. رسائل الأشياء الفنان سلطان بن فهد أكد لـ«الإمارات اليوم» أن إعجابه بالقصر الأحمر كتحفة معمارية كان هو الدافع لفكرة المعرض، إلى جانب حبه منذ سنوات لجمع التذكارات التاريخية والمقتنيات، موضحاً انه لم يجد صعوبة تذكر في جمع المقتنيات والقطع التي وظفها في أعماله الفنية المعروضة. وأضاف: «قد يرى البعض عشقي لجمع المقتنيات وربما القطع المهملة نوعاً من الجنون، ولكنني أشعر أن كل قطعة من هذه القطع والمقتنيات تحمل رسالة وتحاول أن تعبر عنها، وأنا أحاول أن أحقق هذا الأمر وأقدم الرسالة في عمل فني»، لافتاً إلى أن بعض الأعمال كانت فكرتها جاهزة لديه، ثم بدأ في تجميع القطع كما في العمل الذي يضم سجادات صلاة عديدة، وكان في البداية يعتمد على سجادة صلاة واحدة، ثم قرر أن يتوسع فيه مستخدماً عدداً كبيراً من السجادات الخاصة بأقاربه وأصدقائه، لتكون معاً مصلى يتوسط قاعة العرض، وكذلك عمل «طاقة» الذي يمثّل أجزاء من نوافذ بيوت في مكة ونوافذ من القصر الأحمر. وعن ارتباطه في أعماله بالقصر الأحمر، وإذا كانت هناك مبانٍ أخرى ينوي استلهامها في أعماله؛ قال: «القصر الأحمر كان البداية، والآن أحاول أن أخرج من هذا الإطار، وربما تكون أعمالي حافزاً لفنانين آخرين لتقديم أعمال جديدة ومختلفة عن القصر»، مشيراً إلى أن أعماله لا تقتصر على القصر فقط، ولكنها تتناول أبرز الاحداث والقضايا التي شهدتها الفترة التاريخية التي كان القصر عامراً فيها. «القصر الأحمر» أصبح مقراً لمجلس الوزراء السعودي ومن ثم «ديوان المظالم» حتى عام 1987. ■تصوير: إريك أرازاس أرضية مشتركة بالتزامن مع معرض «القصر الأحمر»، تم افتتاح معرض آخر مستوحى منه، وهو معرض «أرضية مشتركة» الجماعي الذي يعكس السمات المشتركة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ويضم أعمالاً فنية قدمها 13 فناناً، تم عرضها في إطار سردي معاصر يروي الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبلدين، وتتسم هذه الأعمال بتنوع الوسائط المستخدمة فيها بين الفيديو والتصوير والنحت والتشكيل. - استمد المعرض عنوانه من قصر كائن في مدينة الرياض يعود إلى عام 1944. - استطاع الفنان السعودي استحضار روح المكان وطاقته.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :