كعادتها محافظة البحر الأحمر تنفرد بكثير من الأحداث التى هى دائما الأقدم تاريخيا، فحدود تلك المحافظة السياحلية لم تكن كما هى عليه الآن، ولكن كانت تصل حتى منطقة عتاقة التابعة حاليا لمحافظة السويس. وداخل هذه الحدود، وتحديدا فى منطقة "الجرف" شمال مدينة رأس غارب، تم اكتشاف أكثر من "40 بردية" من أقدم البرديات التى تم الكشف عنها حتى الآن، مكتوبة باللغة "الهيروغليفية" المختصرة بالعلامات الخالية من التفاصيل، يرجع بعضها إلى العام السابع والعشرين من حكم الملك "خوفو" من الأسرة الرابعة، جاء ذلك ضمن الكشف الأثرى الكبير فى 13/4/2013 حين عثرت البعثة الفرنسية على أقدم ميناء على البحر الأحمر منذ العصور الفرعونية عمره يقدر بـ 4500 سنة. يقول صالح سليمان الرشندى، مؤرخ بالبحر الأحمر، إن عالم الآثار زاهى حواس وصف هذا الحدث بأنه "أم اكتشافات القرن الـ 21"، وتم نقل البرديات إلى متحف السويس، إلى أن تم عرضها بالمتحف المصرى لأول مرة يوم الخميس 14 يوليو 2016. وأضاف الرشندى: "توضح البرديات المكتشفة أن فريق العمل الذى كان يعمل فى هذا الموقع هو نفسه الذى عمل فى بناء الهرم الأكبر، مما يشير إلى القدرة العالية للجهاز الإدارى فى عهد الملك خوفو ومدى ارتباطها بالسلطة المركزية في الجيزة، ومن أهم هذه البرديات بردية تخص أحد كبار الموظفين ويدعى "مرر" تحكى يوميات فريق العمل الذى كان يقوم بنقل كتل الحجر الجيرى من محاجر طرة على الضفة الشرقية للنيل إلى هرم خوفو عبر نهر النيل وقنواته، وهو ما يؤكد أن الهرم بناه المصريون القدماء وينفى كل الادعاءات التى تشكك فى ذلك، فالوثيقة البردية تعتبر مصدرا تاريخيا موثوقا لأنها عاصرت الأحداث وكشفت تفاصيلها، ومن بين أهم هذه البرديات أيضا واحدة يظهر فيها بوضوح وبخط هيروغليفى مختصر تعداد الماشية رقم 13 فى عهد الملك خوفو، والذى كان يتم مرة كل عامين، بمعنى أن الماشية تم تعدادها 13 مرة فترة حكم هذا الملك، فإذا ضربت هذه المرات فى عامين تعطينا 26 عاما، بما يعنى أن حكم هذا الملك امتد لنحو 26 عاما، وهو أمر لم يكن معروفًا قبل هذا الاكتشاف". وقال سيد محفوظ، مسئول الفريق المصري في البعثة الفرنسية المصرية المشتركة التي عثرت على البرديات، إنها "أقدم نص مكتوب باللغة المصرية القديمة". وحسب تصريح محمد عثمان، مدير المتحف المصرى، فإن مجمل ما تم العثور عليه من برديات فى هذا المكان يصل إلى "ألف بردية".
مشاركة :