لقد سقطنا في الفخ ... هوس ريادة الأعمال!

  • 1/29/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أحسن طريقة تتوصّل بها إلى الاعتدال في قولك وعملك، هي أن تضع نفسك دائماً موضع مَن تلوم، هذا ما كتبه سعد زغلول -رحمه الله- في مذكراته، وقد زاد عليه الروائي إرنست هيمنغواي في كتابه «خطاب نصائح لكاتب صغير» قائلًا: حين يتكلم الناس اصغ إليهم جيّدا، من دون أن تفترض ما سيقولونه.إليك عزيزي القارئ هذه اللعبة التي سنلعبها معاً.تريد الحكومة من الشباب أن يهجروا القطاع الحكومي ويذهبوا إلى القطاع الخاص، وتريد من البعض الآخر أن يصبح رائد أعمال مشاريع صغيرة، وذلك لإنعاش الاقتصاد والتخفيف على ميزانية الدولة والقضاء على البطالة المقنعة.تعالوا نستمع إلى وجهة نظر كل من:مسؤول الحكومة - عضو البرلمان - الشباب - رائد أعمال متعثر - صحافي يغطي الموضوع -عابر سبيل.مسؤول الحكومة:- نحتاج من الشباب الكويتي أن يعي أنه شباب متميز لديه القدرات والإمكانات التي تؤهله لكي يعمل في قطاعات تساعده على تنمية وتطوير مهاراته، تتجه الكويت إلى رؤية 2035م وهي تعتقد أن الاستثمار في العنصر البشري أهم من الاستثمار في عوائد البترول، وفي الوقت الذي لم تعد الوظائف الحكومية قادرة على استيعاب الخريجين، ندعوهم إلى مجاراة اقتصاد المعرفة.عضو البرلمان:- إن الحكومة تسند مشاريعها لشركات كبرى من أجل تنفيذها بدلاً من تشغيل مشاريعها عبر كوادرها الوظيفية، فمثلاً مبنى الركاب T4 أسند إلى شركة أجنبية بعقد 38 مليوناً ملزم بتعيين 49 موظفاً كويتياً من أصل 491 موظفاً أجنبياً!وكذلك مستشفى جابر أسند إلى شركة ومشروع الوقود البيئي، وتشغيل مستشفى الجهراء جميعها إلى شركات أجنبية... إن هذا لا يعني أن الجهات والمؤسسات الحكومية لم تعد قادرة على استيعاب الخريجين، ولكنه يعني أنهم لا يجدون ما يعملون عليه!ولذلك تظهر البطالة المقنعة.رائد أعمال متعثر:- ظهرت الحملات الإعلامية ودورات التنمية البشرية وحاضنات ريادة الأعمال ليخبروني: أنت «فتى شركات ناشئة»، وستطلق شيئا ما جديدا، وستكون الشيء الكبير. لماذا يكون لديك مدير في العمل؟ كن ستيف جوبز الجديد، حسنا لقد سقطت في الفخ... وتم تدمير نفسيتي وسخروا مني، ولم يخبرني أحد من هؤلاء الناس أن إمكانية تحقيق هذه الأحلام هي بالفعل منخفضة للغاية، وأنني في سبيل الوصول إليها سأضحي بأشياء عديدة، وأن الأمر لا يبدو بهذه السهولة، ها أنا شاب متعثر بقرض من الصندوق بسبب تقديم صورة مزيفة فانتازية عن واقع عالم ريادة الأعمال، والتركيز على نماذج معينة تسوق لمعاني التألق والإبداع والثراء والراحة، وتتجاهل جوانب مظلمة أو تمر عليها سريعا؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى خلق آلاف من الشباب الكويتي المتعثر.الشباب:- لماذا أذهب إلى القطاع الخاص؟ ساعات عمل أكثر، وأمان وظيفي أقل، مع اعتقاد المسؤولين في القطاع الخاص أن الشاب الكويتي الكسل أحب إليه من العمل وأن الارتجال أقرب إلى نفسه من الإعداد، وأن الخمول أنسب لطبيعته من تحمل المسؤولية... ما الذي يجعلني أعمل في بيئة مثل هذه، في الوظيفة الحكومية توجد التصورات نفسها، ولكن هناك تساهل في الإنتاجية والدوام، والأهم من كل ذلك أنني تخرجت من تعليم لا يلبي احتياجات العمل في الشركات والمؤسسات الخاصة، ولكنه جيد جدا للعمل في الوظيفة الحكومية.صحافي يغطي الموضوع:- كشفت الإحصائيات الرسمية أن نحو 140 ألفاً من العمالة الوطنية دخلوا باب العمل في القطاع الخاص منذ عام 2010 وحتى نهاية عام 2018، ثم خرجوا من الباب الآخر لهذا القطاع، ما يعني استمرار النهج الحكومي في خلق بيئة غير متكافئة في التوظيف بين القطاعين العام والخاص، وكشف التقرير السنوي لكلية الهندسة أن 75 في المئة من الشباب المهندسين يفضلون العمل في القطاع الحكومي.عابر سبيل:- أصعب معركة في حياة الشاب أو الشابة هو عندما يدفعه الجميع ليكون شخصا آخر، موجودا في مكان لم يكن يوماً يرغب في الوجود فيه، ولا يملك الكفايات ومهارات الحياة التي تجعله يتقدم من خلاله.ليس هذا المقال من أجل لوم أحد، بل من أجل إشعال نار للتعرف على الأسباب الحقيقية لخروج 140 ألفاً من القطاع الخاص، والأسباب الحقيقية لتعثر الكثير من الشباب الكويتي في المشاريع الصغيرة، وهل فعلاً ريادة الأعمال فخ؟ @moh1alatwan

مشاركة :