أعاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) طرح مسألة تنظيم استفتاء شعبي حول استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة. يأتي ذلك، بعد نحو ست سنوات على بتّ مسألة الانفصال عن التاج البريطاني في صناديق الاقتراع حيث صوت الاسكتلنديون لصالح البقاء في المملكة المتحدة. ومع اقتراب موعد المحتوم بعد سنوات من التأجيل، لا يلقى خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي قبولاً في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية، المقاطعتين اللتين صوتتا ضد «بريكست» في استفتاء 2016. ويرى الاستقلاليون أن هذا الخيار التاريخي يستدعي معاودة استشارة الاسكتلنديين الذين صوتوا بنسبة 55% للبقاء ضمن المملكة المتحدة في استفتاء جرى عام 2014. ويقولون إن بعض سكان المقاطعة، الذين صوتوا بنسبة 62% ضد بريكست، بدلوا موقفهم وباتوا يؤيدون أن تشق اسكتلندا طريقها بنفسها بعد أكثر من 300 عام من الوحدة، ما يسمح لها نظرياً بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وشددت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون، التي تتزعم «الحزب الوطني الاسكتلندي» المؤيد للاستقلال عن بريطانيا، الضغط على الحكومة البريطانية لحملها على تنظيم استفتاء ثان حول بريكست. وبعثت رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون ضمنتها طلباً رسمياً بهذا الصدد، معتبرة أن فوز حزبها الساحق في الانتخابات التشريعية في ديسمبر الماضي هو بمثابة تفويض منح لها من أجل ذلك. لكن جونسون يرفض ذلك بشكل قاطع، معتبراً أنه «سيطيل الركود السياسي الذي عرفته اسكتلندا خلال العقد المنصرم». واتهمت نيكولا ستورجون المحافظين الحاكمين بتجاهل إرادة الشعب وكتبت في تغريدة «المشكلة بالنسبة للمحافظين أنهم كلما حاولوا منع الديمقراطية (...) غذوا دعم قضية الاستقلال». وأمام تصلب الحكومة، قد تحاول السلطات المحلية الاسكتلندية اللجوء إلى القضاء، لكن الخبراء يرون أن مثل هذا المسعى قلما لديه فرص في النجاح. ورأت الجمعية البريطانية للقانون الدستوري أن «مسألة إجراء استفتاء ثان أم لا، وبأيّ شروط، شأن سياسي يلقى حلاً على الساحة السياسية». ويعتقد الكثيرون أنه من الأجدى انتظار الانتخابات التشريعية الاسكتلندية المقبلة عام 2021 للحصول على المزيد من الوزن السياسي. وصرح زعيم الحزب الوطني الاسكتلندي في البرلمان البريطاني إيان بلاكفورد، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «هيرالد»، أن وزراء حكومة جونسون المحافظين قالوا له في أحاديث خاصة إنه سيكون من «الصعب على المدى البعيد» على الحكومة البريطانية أن تستمر في خطها. ورأت أستاذة السياسة المحلية في جامعة إدنبره نيكولا ماك إيوين أنه إذا ما ظهرت غالبية واضحة مؤيدة لاستفتاء جديد، فسيتحتم على الأرجح على الحكومة البريطانية القبول بذلك.
مشاركة :