أنهت عقود النفط الآجلة، اليوم، سلسلة تراجعات دامت لخمسة أيام بعد أن قالت مصادر في"أوبك" إن المنظمة وحلفاءها قد يقيدون الإمدادات في السوق في ظل مخاوف من تأثر الطلب بفعل الفيروس التاجي الذي راح ضحيته أكثر من 100 شخص في الصين. وتواصل دول "أوبك" وحلفاؤها تقليص المعروض النفطي للسيطرة على تخمة الإمدادات المتفاقمة والمتوقعة في الربع الأول مع احتمال تمديد تخفيضات الإنتاج خاصة إذا استمرت تداعيات أزمة الفيروس الصيني. وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن أسعار النفط الخام تواجه ضغوطا هبوطية حادة منذ تفجر أزمة الفيروس الصيني مما دفع أسعار خام برنت إلى مستويات أقل من 60 دولارا للبرميل بسبب حالة الفزع التي تسود الأسواق والتوقعات السلبية لمستويات الطلب على النفط الخام نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من ضغوط هائلة سابقة تلقاها بسبب الحرب التجارية. ويميل مختصون أخرون إلى التفاؤل بأن تأثير الأزمة سيكون مؤقتا وأن التأثير السلبي في الطلب الصيني على النفط لن يستمر طويلا، خاصة إذا تم الاستفادة من التجارب التاريخية السابقة، حيث إنه في 2002 - 2003 استمر التأثير السلبي في الأسعار بسبب تفشي فيروس سارس ثلاثة أشهر فقط. وعدّ المختصون أن التحديات التي تواجه "أوبك +" في المرحلة الراهنة تشمل أيضا انقطاع الإمدادات في ليبيا وفقدها نحو 800 ألف برميل هذا الشهر بسبب الصراع المسلح في البلاد وحصار الموانئ والبنية التحتية. وقال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إن حالة من الذعر تهيمن على أسواق العالم بسبب سرعة انتشار المرض واتساع نطاق الضحايا على الرغم من أن الحكومة الصينية فرضت الحجر الصحي على مدينة ووهان وغيرها من المدن، لافتا إلى أن خسائر أسعار النفط الخام كانت هيسترية على نحو كبير. وأوضح أن تأثر الطلب بالأزمة لا يزال كبيرا في إشارة إلى التوقعات المسبقة لنمو الطلب للعام الجاري 2020، مبينا أن استمرار المخاوف الراهنة لفترات أطول قد يجعل نمو الطلب العالمي يقترب من مستوى الصفر وهو أمر لم يحدث منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وعدّ أن البنوك الدولية تحيط السوق بعديد من التوقعات التي يغلب عليها التشاؤم في المرحلة الراهنة، لكنها قد تتبدل فور تحسن ظروف السوق. من جانبه، أوضح روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات الدولية، أن الشكوك عادت لتلقي بظلال قوية على الاقتصاد العالمي خاصة في ضوء تقارير دولية تؤكد أن انتشار فيروس كورونا سيؤدي إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين هذا العام 0.5 إلى 1 نقطة مئوية وهو ما سيؤثر بقوة في الاقتصاد العالمي حيث يعود الاقتصاد الصيني أحد محاوره الرئيسة. وأكد أن أحدث البيانات الدولية تتوقع أن يتباطأ الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى أدنى مستوى خلال ثلاثة عقود إلى أقل من 6 في المائة هذا العام وهو ما يعكس فداحة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن انتشار الوباء الصيني، مبينا أن وفرة إمدادات الوقود في الصين ستنتقل إلى بقية دول العالم من خلال الصادرات. من ناحيته، قال دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، إن السعودية كعادتها تلعب دورا قياديا في مواجهة الأزمات الطارئة وتنقل رسائل طمأنة للأسواق لتجاوز حالة الذعر الراهنة وهو ما سعى وزير الطاقة السعودي إلى التأكيد عليه في تصريحاته الأخيرة حول أزمة فيروس الصين. وأوضح أن توقع السعودية أن يكون هناك تأثير ضئيل للغاية في الطلب العالمي على النفط أسهم في تحجيم حالة المخاوف في السوق والسيطرة على حالة التشاؤم التي تواكب الأزمة الراهنة، مبينا أن السعودية تراقب عن كثب التطورات في سوق النفط العالمية المتعلقة بتفشي المرض هو ما يعني أن لديها بدائل خططية لمواجهة تطورات السوق خاصة أن صناعة النفط الخام سبق أن تجاوزت أزمة مشابهة في عام 2003 حينما انتشر فيروس سارس في الصين وبعض الدول الأخرى. بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن تحالف المنتجين في "أوبك +" أصدر عديدا من الإشارات الإيجابية للسوق في ظل مرحلة التوتر الحالية ومنها الإعلان عن الاستعداد لفعل أي شيء إذا كانت هناك حاجة لذلك وهو ما فسره بعضهم باحتمال تمديد التخفيضات المعمقة. ولفتت إلى أن العناصر الإيجابية في السوق تشمل إعلان المنتجين عن أنهم يراقبون السوق عن كثب مع دراسة كل البدائل والخيارات المطروحة للتفاوض بين المنتجين وبالتشاور مع بقية أطراف الصناعة ومنها إمكانية تمديد أحدث تخفيضات في الإنتاج - التي تنتهي في نهاية شهر آذار (مارس) - حتى نهاية العام إضافة إلى خيار آخر هو خفض أعمق من المستويات الحالية. وفيما يخص الأسعار، أنهت عقود النفط الآجلة، اليوم، سلسلة تراجعات دامت لخمسة أيام بعد أن قالت مصادر من "أوبك" إن المنظمة وحلفاءها قد يقيدون الإمدادات في السوق في ظل مخاوف من تأثر الطلب بفعل الفيروس التاجي الذي راح ضحيته أكثر من 100 شخص في الصين. وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 12:45 بتوقيت جرينتش، عوض خام برنت خسائر سابقة ليصعد 18 سنتا إلى 59.50 دولار للبرميل بعد أن وصل، اليوم الأول، لأدنى مستوياته في ثلاثة أشهر عند 58.50 دولار. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا إلى 53.44 دولار للبرميل، بعد أن كان منخفضا لأدنى مستوياته منذ أوائل تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في الجلسة السابقة. وما زالت عقود كلا الخامين في طريقها لتكبد أكبر خسائرها الشهرية منذ أيار (مايو) الماضي. وقال باركليز في مذكرة "إذا تقلصت حركة المسافرين في الصين للنصف في الربع الأول من 2020، فسيؤدي ذلك على الأرجح إلى تراجع بواقع 300 ألف برميل يوميا على أساس سنوي في الطلب على كيروسين الطائرات من الصين". وقال البنك اليوم إن أسعار النفط قد تفقد دولارين للبرميل، لتنزل إلى 62 و57 دولارا للبرميل لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط على الترتيب في توقعات البنك للعام بأكمله. وسعت السعودية، أكبر منتجي منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، للتقليل من توتر السوق اليوم الأول، داعية إلى الحذر من التوقعات السلبية بشأن تأثير الفيروس في الاقتصاد العالمي والطلب على النفط. وتخفض "أوبك" ومنتجون من بينهم روسيا، المجموعة المعروفة باسم "أوبك +"، إمدادات النفط لدعم أسعار الخام منذ نحو ثلاثة أعوام، واتفقت في الآونة الأخيرة على خفض الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا إضافة إلى 1.7 مليون برميل يوميا حتى آذار (مارس). من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 61.98 دولار للبرميل، اليوم الأول، مقابل 62.52 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" اليوم، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس تراجع على التوالي، كما أن السلة خسرت خمسة دولارات مقابل اليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 66.11 دولار للبرميل.
مشاركة :