مع حلول عام 2020 تلقت منظمة الصحة العالمية أول إخطار لمرض ناشئ خلال العقد. ذكرت السلطات أن عشرات الأشخاص في مدينة ووهان في الصين مصابون "بالتهاب رئوي مجهول السبب"، بعضهم مصاب بأعراض حادة في الجهاز التنفسي. يشير الخبراء الآن إلى أن أكثر من 1700 شخص قد يكونوا مصابين بالمرض. استبعد علماء الأحياء الدقيقة مسببات الأمراض المعروفة. وفي غضون أسبوع حدد خبراء في الصين السبب بأنه فيروس جديد من عائلة متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد "سارز" ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرز"، مع احتمال إصابة الأشخاص من خلال سوق للمأكولات البحرية. يشير تاريخ الأمراض الناشئة والتغيرات الديموغرافية المستقبلية المحتملة إلى أننا سنواجه كثيرا من حالات تفشي الأمراض المعدية بحلول عام 2050. لكن التكنولوجيا الطبية المتقدمة ستمنحنا أسلحة أفضل للرد وحماية الأشخاص من العدوى الناشئة. الفيروسات تسبب كوابيس لخبراء الصحة العامة، لأنه يغلب عليها الظهور بسرعة - على ما يبدو من العدم - والانتشار بسرعة أكبر من مسببات الأمراض الأخرى. بشكل عام، تشخيص الفيروسات ومنعها ومعالجتها أكثر صعوبة مقارنة بالبكتيريا. تشير تقديرات المنظمة العالمية لصحة الحيوان إلى أن 60 في المائة من جميع مسببات الأمراض التي تصيب الإنسان تنبُع من الحيوانات. الأمراض الفيروسية الأكثر إثارة للخوف في الأعوام الأخيرة انتقلت من الحيوانات إلى البشر. وهذه "الفيروسات حيوانية المنشأ" تشمل فيروس نقص المناعة البشرية، الإيدز (من القرود)، وسارز (من زباد القطط) وميرز (من الجِمال) وماربوج وإيبولا (من الخفافيش). سكان العالم المتنامي والمتنقل على نحو متزايد، الذين يزدحمون بشدة في المدن ويتعدون على أراضي الحيوانات البرية، سيكونون معرضين أكثر لالتقاط مثل هذه الفيروسات ونشرها في المستقبل. المعلومات العلمية الأفضل هي أحد الدفاعات ضد الإصابات الحيوانية المنشأ. تقدم العلوم الطبية يعني أن بإمكان العلماء الآن رسم خريطة ما يقدر بـ700 ألف فيروس حيواني، الغالبية العظمى منها غير معروفة. هذا من شأنه توفير تحذيرات مبكرة للفيروسات المستقبلية التي قد تصيب البشر وبيانات لإعداد الردود. مشروع فيروم العالمي هو اقتراح قدمه فريق دولي من علماء الفيروسات لقراءة جينات كل هذه الفيروسات. إذا كان هناك انتشار للعدوى بين البشر، عندها سيتمكن العلماء من معرفة ما إذا كانت مرتبطة بسلالة حيوانية أم لا. يستغرق البرنامج عشرة أعوام ويكلف ما يراوح بين 1.2 مليار دولار و3.4 مليار دولار. هذا مبلغ هائل يمكن مقارنته بمشروع الجينوم البشري في التسعينيات. لكن مؤيدو البرنامج يقولون إن تكلفته متواضعة مقارنة بالأثر الاقتصادي للأوبئة الفيروسية. بين عامي 2014 و2016، تسبب وباء إيبولا في غرب إفريقيا بأضرار اقتصادية وصحية واجتماعية تجاوزت 50 مليار دولار. قد يكون تفشي الأمراض في المستقبل أكثر تكلفة بكثير إذا أثرت على عدد أكبر من الناس، أو حدثت في الأجزاء الأكثر ثراء من العالم. إلى جانب تهديد الفيروسات الجديدة، يرجح الخبراء أن تتسبب الإنفلونزا، العدو القديم، في حدوث وباء يودي بحياة ملايين الناس في وقت ما قبل عام 2050. توفي ما يقدر بـ50 مليون شخص خلال 1918/ 1919 من الإنفلونزا الإسبانية، وهي أسوأ وباء في التاريخ الحديث. حتى في الأعوام التي من دون وباء، توفي نحو نصف مليون شخص من الإنفلونزا الموسمية. ما يجعل من الصعب للغاية الحماية من الإنفلونزا هو مدى السرعة التي يمكن أن تتغير فيها، خاصة عندما يختلط الفيروس بالسلالات المنتشرة في الطيور والثدييات، مثل الدواجن والخنازير، وفي البرية وفي المزارع. في الآونة الأخيرة انتقل فيروس إنفلونزا الطيور إلى الخنازير ثم إلى الكلاب، حيث يتطور الآن إلى سلالات مختلفة من إنفلونزا الكلاب. حذر الباحثون من أن الكلاب هي مستودع محتمل لوباء إنفلونزا في المستقبل. العالم مستعد بشكل أفضل لمواجهة فيروس شديد الخطورة اليوم مما كان قبل قرن من الزمن. ربما أكبر تطور كان في التشخيص، مع وجود اختبارات جزيئية قادرة على اكتشاف وجود وتتبع انتشار سلالة جديدة بدقة وسرعة أكبر من الطرق القديمة. الاستجابة السريعة تعتمد على التشخيص السريع. على الرغم من أن لدينا لقاحات لحمايتنا من الإنفلونزا، إلا أن هذه غير مرضية للغاية. يجب إعادة صياغتها كل عام بسبب تغير السلالات الموسمية – وحتى عندها تكون فعاليتها محدودة. التحدي العلمي الأكبر الذي يواجه الاستعداد الوبائي هو تطوير ما يسمى "لقاح إنفلونزا شامل" لتوفير الحماية الواسعة ضد مجموعة واسعة من السلالات. هناك عديد من المرشحين للقاح إنفلونزا شامل – المصمم للتعرف على البروتينات الخفية لكن الأقل تباينا داخل الفيروس – يوجد في التجارب السريرية. ليس هناك لقاح من بينها شامل حرفيا، لكن نجاح أي منها سيقلل بشكل كبير خطر وباء الإنفلونزا الحاد الذي تقول منظمة الصحة العالمية إن "كثيرا من الخبراء يعتقدون أنه من المحتمل أن يكون حدث الصحة العالمية الأكثر تدميرا مع عواقب بعيدة المدى".
مشاركة :