العلماء: نعمل على تطوير عقار لعلاج فيروس كورونا

  • 1/30/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن الولايات المتحدة غير مستعدة لفيروس كورونا الذي ظهر مؤخراً في مدينة ووهان الصينية وبات ينتشر الآن في جميع أنحاء العالم.. هذا ما يقوله بعض العلماء مثل عالم الأوبئة تيموثي شيهان من جامعة نورث كارولينا، الأميركية.لقد ظل شيهان يدرس الفيروسات التاجية (كورونا) منذ عام 2003، أي بعد فترة وجيزة من ظهور فيروس مماثل تسبب في اندلاع المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة المعروفة باسم «سارس»، الذي بدأ أيضاً في الصين ثم انتشر في أميركا الشمالية، وصحيح أنه قد أدى إلى موت أقل من 800 شخص لكنه أثار مخاوف مشروعة من إمكانية كونه وباء عالمياً جديداً.والآن بات هناك عقار يسمى «ريمديسيير» قام شيهان وزملاؤه في جامعة نورث كارولينا، بالتعاون مع شركة «جيلياد ساينسز» (شركة أميركية تقوم بإجراء الأبحاث لاكتشاف وتطوير وتسويق العقاقير المضادة للفيروسات) بتطويره واختبار قدرته على مكافحة مجموعة كاملة من الفيروسات التاجية التي سميت بهذا الاسم الغريب، لأنها تشبه التاج.ويقول شيهان إن العقار الذي قاموا بتطويره يستهدف إنزيماً تحتاجه أنواع مختلفة من فيروسات كورونا للتكاثر، وقد قاموا باختبار الدواء على الفئران المصابة بفيروس «سارس»، بالإضافة إلى فئران مصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وهو الفيروس الذي يسمى بـ«ميرس»، وهو نوع آخر من فيروسات كورونا تسبب في وفاة 851 شخصاً منذ ظهوره في 2012، وقد نشروا النتائج الخاصة بالفئران المصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية هذا الشهر في دورية «نيتشر كوميونيكيشنز» (دورية أسبوعية عالمية رائدة في مجال العلوم).وعادة ما تختبر التجارب السريرية في هذه الحالات مدى فاعلية العقار بالمقارنة بالعلاجات الأخرى، ولا يزال يتم إجراء مثل هذه المقارنات لعلاج فيروس إيبولا، الذي ما زال يصيب الأشخاص في جمهورية الكونغو الديمقراطية حتى الآن، ورغم أن الإيبولا ليس ضمن الفيروسات التاجية، فإنه، مثل «سارس» والعدوى الجديدة المنتشرة الآن، يُطلق عليه فيروس حمض نووي ريبوزي، ولذا فقد اختبر الأطباء عقار «ريمديسيير» لمقارنته مع علاجات الإيبولا الأخرى، وصحيح أنه لم يكن أداؤه جيداً مقارنة بالعقاقير الأخرى، لكنه أثبت أنه آمن بدرجة معقولة.ويقول شيهان إن عمله يعد جزءاً من برنامج حول الأمراض المعدية الناشئة، يتم بتمويل من معاهد الصحة الوطنية الأميركية، ولكن كيف تمكنت معاهد الصحة الوطنية من توقع حاجتنا لتمويل الأبحاث حول علاجات الفيروسات التاجية، وذلك في حين أنه لم تكن هناك أي حالات إصابة بـ«سارس» منذ 2004، كما أنه لم تكن هناك مخاوف كبيرة من انتشار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الولايات المتحدة؟ويقول الخبراء إنهم كانوا يعلمون أنه من المحتمل ظهور فيروس كورونا خطير آخر في الصين، وذلك لأنه تم اكتشاف أن سبب انتشار فيروس «سارس» هو الخفافيش البرية، وأن هذه الخفافيش تحمل سلالات مختلفة من فيروسات كورونا الشبيهة بـ«سارس»، حيث تعتبر الخفافيش بمثابة «وعاء» للفيروسات التاجية، وذلك لأنها يمكن أن تحملها دون أن تمرض بها.وقد تم توضيح قصة «سارس» بشكل جيد في كتاب ديفيد كوامن الذي جاء بعنوان «الفيض: أمراض الحيوانات المعدية والوباء التالي بين البشر»، حيث وجدت مجموعة من الباحثين الذين قاموا بإجراء مسح للآلاف من الحيوانات أن الناس في الصين قد أصيبوا بالمرض من تناول ثدييات صغيرة تسمى قطط الزباد، وأنه من المحتمل أن تكون هذه القطط قد تمت إصابتها بالمرض من خلال الخفافيش فيما يسمى بـ«السوق الرطب»، الذي يتم تخزين مجموعة كبيرة من الخفافيش من الأنواع البرية والمنزلية فيه، حيث تكون مكدسة في أقفاص وتتعرض لنفايات وجراثيم بعضها البعض قبل ذبحها، وقد قتل الصينيون الآلاف من قطط الزباد في محاولة لاستئصال الفيروس، قبل أن يدركوا أنه سيبقى إلى أجل غير مسمى في أجسام الخفافيش البرية، التي لا يزال بعض الناس هناك يعتبرونها شهية للأكل، ويبدو أن المرض الجديد قد ظهر في سوق للمأكولات البحرية الذي يقوم أيضاً ببيع الثدييات والطيور الحية، وذلك رغم أنه لم يتم بعد تحديد الحيوانات الأصلية المضيفة لهذا الفيروس.وحسب رواية كوامن في كتابه، فإن العامل الإيجابي الذي عمل لصالح الإنسانية هو النمط الذي كانت تتم به العدوى، ففي حين أن الإنفلونزا العادية تميل إلى الانتشار بسهولة أكبر حينما يصاب الأشخاص بالمرض، وذلك قبل ذروة ظهور الأعراض، فإن «سارس» يصبح أكثر قابلية للانتقال أثناء أو بعد ظهور ذروة الأعراض، ولذا فإنه من الأسهل بكثير عزل الأشخاص الذين يعانون من المرض، أو الذين تعرضوا له سابقاً، عن أولئك الذين لم يلاحظوا ظهور الأعراض بعد.وإذا كان يمكن النظر للعلماء الذين يعملون الآن على تطوير علاجات لفيروسات كورونا باعتبارهم «رجال العمليات الخاصة» في الجهود المبذولة لحماية الجمهور، فإنه هناك أيضاً عمل مهم يجب أن يقوم به رجال المشاة، وهو التأكد من استخدام المستشفيات في جميع أنحاء العالم لأفضل معايير التعقيم، وحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية. ويقول عالم الفيروسات بجامعة بوردو، ديفيد ساندرز، إنه يجب أن تكون جميع المستشفيات مجهزة لتشخيص المرض، كما ينبغي إنشاء مراكز إقليمية حسب الحاجة لعلاج المرضى.وقد كان أحد الجوانب المرعبة في انتشار «سارس» هو مدى السرعة التي أصيب بها العاملون في مجال الرعاية الصحية بالمرض وماتوا بسببه، فقد حدث ذلك في آسيا، ثم في تورونتو بكندا، حيث ظهر المرض لأول مرة في أميركا الشمالية، وأظهرت التحقيقات التي أجريت في مستشفيات تورونتو عن وجود ثغرات في نظام التعقيم، ففي بعض الحالات لم يكن لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية فكرة عما كانوا يتعاملون معه من الأساس، وصحيح أن «سارس» لم يكن وباء عالمياً، لكنه كان ولا يزال قصة مأساوية، حيث تعرض العشرات من الأطباء والممرضات، وكثير منهم من الشباب، للإصابة به أثناء أداء واجبهم لرعاية المرضى.ويقول الخبراء إنه من غير المحتمل أن يتحول الفيروس المنتشر الآن في ووهان إلى وباء عالمي، ولكن ما إذا كان سيصبح قصة مأساوية أخرى مثل «سارس» أم لا سيعتمد على ما سيتوصل له العلم وعلى التعقيم، فحقيقة أن عالمنا مليء بالفيروسات المميتة المحتملة هو أمر مخيف، لكننا لسنا عاجزين عن مواجهة هذه الفيروسات.- بالاتفاق مع «بلومبرغ»

مشاركة :