لم يبد أن هناك أي شيء غير عادي، فقد جاءت شابة إلى متجر أديبي للمجوهرات في لاغوس، وتقدمت بطلب للعمل كمتدربة، لكن بعد أسبوع من بداية تدريبها، اختفت الشابة ومعها ابنة صاحبة المتجر ذات العامين. تتذكر أديبي قدوم الفتاة إلى المتجر أول مرة قائلة، “لم يكن لدي ما يدعو للاشتباه في أنها جزء من شبكة إجرامية”، مضيفة “فقط، بعد أن سرقت ابنتي اكتشفت أن التفاصيل الموجودة في طلب التدريب الذي قدمته قبل أن تبدأ العمل كانت جميعها زائفة”. وبعد شهر، اكتشفت الشرطة أن طفلتها موجودة في محافظة أبيا، على بعد 600 كيلومتر، فقد عثر عليها في ما يطلق عليه “مصنع الرضع”. تقول أديبي، “كان لدى مالك المكان الكثير من الرضع للبيع”. تقوم الجماعات الإجرامية النيجيرية ببيع الأطفال والرضع في شكل جديد للاتجار بالبشر، حيث يستجيب الخاطفون لطلب متزايد لشراء الرضع، كما في حال ابنة أديبي ورضع آخرين. وكانت منظمة قرى الأطفال “أس.أو.أس” العالمية المعنية برعاية الأطفال قد أصدرت بيانا في أواخر عام 2019 حذرت فيه من “انتعاش تجارة الرضع في نيجيريا”، وطالبت بمعاقبة جنائية أكثر صرامة لبائعي ومشتري الأطفال، ومن بينهم مواطنون من أوروبا وأفريقيا. يقول إرهوموانس أغوسا، مدير فرع المنظمة في نيجيريا، “التجار يقومون ببيع الرضع بعد ولادتهم لأسر ليس لديها أطفال من جميع أنحاء العالم”. ويتم الاتجار في معظم الأطفال لغرض التبني غير القانوني، ولكن أيضا هناك حالات يتم الاتجار بالأطفال فيها من أجل عبودية الأطفال والاعتداءات الجنسية وزرع الأعضاء، بل من الأطفال من يستخدم قرابين في الطقوس بحسب إحدى الشخصيات الرسمية. ورغم اكتشاف المصانع الأولى في الجنوب الغربي منذ سنوات، إلا أنها طالت الجنوب الشرقي، وخاصة معقل إيبو حيث يكتظ أثرياء الدولة، ويصرون على البقاء هناك وإن دعا ذلك إلى ارتكاب الجرائم في الطقوس التي تجلب الثراء والنفوذ. وكانت الشرطة النيجيرية قد أنقذت في أكتوبر الماضي 19 سيدة حاملا وأربعة رضع من أيدي المتاجرين بالبشر في لاغوس. وكان قد تم إغراء معظم الشابات من محافظات في الجزء الشرقي الفقير من البلاد للقدوم إلى المدينة مع وعود بتوفير فرص عمل لهن. وبدلا من ذلك، جرى اختطافهن وتخصيبهن لإنجاب الأطفال من أجل بيعهم. وقالت امرأة من اللائي تم تحريرهن، طلبت عدم نشر اسمها، إنها حملت من صديقها وأبلغتها خالتها أن لها فرصة عمل في لاغوس. وأضافت، أن امرأة سعت لتوليدها وهي حامل في الشهر السابع. وأردفت “بعد أن استمر مخاضي ثلاثة أيام داهمت الشرطة المكان، وألقت القبض عليهم جميعا، ووُلد الرضيع هزيلا وتوفي في نهاية المطاف”. وقال بالا ألكانا المتحدث باسم شرطة لاغوس، إنه يمكن بيع الرضيع الذكر مقابل 500 ألف نيرة نيجيرية (1400 دولار)، في حين يمكن بيع الرضيعة مقابل 300 ألف نيرة نيجيرية. بعض الشابات كن مراهقات حاملات هجرتهن أسرهن وأصبحن معرّضات للخطر، ونظرا لمنع قانون نيجيريا الإجهاض، تضطر البنات اللاتي حملن بغير قصد إلى تلك الأماكن ظنا منهن بأنها منظمات إنسانية، لكون الأطباء يكذبون عليهن بأنهم سيعتنون بأبنائهن.وكشفت الشرطة عن الظروف القاسية السائدة في تلك الأماكن حيث يتراكم بعضهن فوق بعض، ويفتقرن إلى الرعاية الصحية. وفي أحد المراكز استخدم المشرف شابا بالغا من العمر 23 سنة لحملهن، بدلا من كفالتهم. ووفقا للتقارير الخاصة بالضحايا، فإنه بعد بيع أطفالهن، يتم اغتصابهن في مباني قديمة آيلة للسقوط حتى يحملن مجدّدا. غير واضح عدد مصانع الأطفال الموجودة في نيجيريا، يقول أرينزي أوراكوي الذي يعمل بالوكالة الوطنية لحظر الاتجار بالبشر، “لأنها تعمل في الخفاء ومن الصعب تحديد عددها”. وجاء في تقارير منظمة قرى الأطفال “أس.أو.أس”، أن معظم عمليات الاتجار بالرضع وقعت في الجزء الجنوبي من نيجيريا، حيث جرى تحرير 300 سيدة منذ عام 2006. وأشارت التقارير إلى أن “بيع الأطفال ليس مقصورا على نيجيريا، فقد جرى تسجيل وقائع بيع أطفال في تشاد ومصر وإثيوبيا وغانا وكينيا وليبيريا وسيراليون وجنوب أفريقيا وأوغندا”. يشار إلى أن من يقومون بشراء الرضع عادة ما يكونون أزواجا لم يتمكنوا من إنجاب أطفال. وتتجه نساء النيجر لشراء أطفال من نيجيريا لعدة عوامل منها تجنب الشعور بالعار في مجتمع لا يزال يعتبر عدم الإنجاب وصمة عار، أو لتتمكن المرأة حال ترملها من أن ترث النصيب الأوفر من تركة زوجها حسب القانون المعمول به في النيجر والباقي لأسرة الفقيد، ولذا تحاول الزوجة إيجاد الولد بكل الوسائل. يتم الاتجار في معظم الأطفال لغرض التبني غير القانوني، ولكن أيضا هناك حالات يتم الاتجار بالأطفال فيها من أجل عبودية الأطفال والاعتداءات الجنسية وزرع الأعضاء وتوصل المحققون إلى القاسم المشترك في مثل هذه الصفقات، حيث تتصل المرأة التي تريد شراء طفل بأحد الوسطاء، ويتولى الأخير ترتيب الاتصال بينها وبين “مصنع الرضع” في جنوب نيجيريا، وبعد ذلك يتم إجراء سلسلة من المقابلات حيث تحقن المرأة بمادة مستخلصة حتى تظهر عليها عوارض الحمل كانتفاخ الثديين. وأثناء المقابلة الرابعة تستلم الأم الجديدة الرضيع ثم تتجه إلى بنين لإصدار شهادة الميلاد، وتعود إلى نيامي جوّا، لتفادي التفتيش الجمركي في الحدود، وتتولى الخادمة إحضار الرضيع برا. ويؤدي الضغط الاجتماعي على السيدات المتزوجات في نيجيريا لإنجاب الأطفال إلى ارتفاع معدل نشاط الاتجار في البشر. تقول بيتي أباه الناشطة في مجال حقوق الأطفال النيجيريين، “بناء على معتقداتنا الثقافية، الزواج لا يعد ناجحا ما لم يحظ الزوجان بأطفال، لذلك يحاول الأزواج بأقصى ما في وسعهم لضمان أن يحظوا بأطفال بأي ثمن”. ونظرا لأن إتمام عملية التبني بصورة قانونية يتسم بالبيروقراطية وإضاعة الوقت، يلجأ الكثير من الأزواج الذين لم يتمكنوا من إنجاب الأطفال للسوق السوداء. وتقود ماري أكوكو حملة ضد مصانع الرضع في موطنها، وتقول إنه لا يوجد دليل واضح على أن جميع الرضع ينتهي بهم الأمر بالبيع لأزواج ليس لديهم أطفال. وأشارت إلى احتمال وصول بعض الرضع إلى أيدي المتحرشين جنسيا بالأطفال من بين أفراد محليين أو في الخارج. وهذا تقريبا ما حدث لأبنة أديبي، التي جرى بيعها أربع مرات في شهر واحد، وفقا لما قالته والدتها، التي أشارت أيضا إلى أنه كانت هناك خطط لبيعها خارج البلاد.
مشاركة :