على الرغم من تسارع حراك صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا، إلا أن المنظمات البيئية وجماعات الضغط الداعمة لها تعتقد أن هذا الحراك لا يزال دون المستوى المطلوب. بالطبع هذه مبالغة من جانب هذه الجهات التي تسعى إلى إنهاء صناعة السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري في أسرع وقت ممكن، كما أنها تتمتع بمواقف متطرفة في المجال البيئي، بعضها يعد غير واقعي على الأقل في المرحلة الراهنة. وفي كل الأحوال تقوم شركات صناعة السيارات الأوروبية بجهود كبيرة لتمكين خطوط إنتاجها من السيارات الكهربائية أولا، وبصورة انسيابية. حتى الآن لا توجد محطات شحن كافية لهذه السيارات، فضلا عن صعوبة امتلاك سيارة كهربائية من جانب من يقيمون في الشقق السكنية التي تفتقر إلى مواقف للسيارات، وغير ذلك من المعوقات اللوجيستية. في أوروبا تمضي الأمور بصورة جيدة على هذا الصعيد؛ فعلى سبيل المثال أقدمت شركة فولفو السويدية لصناعة السيارات على وقف إنتاجها نهائيا من السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، وتقوم شركات أخرى بإدخال "موديلات" كهربائية عالية الجودة، على الرغم من أن أسعارها لا تزال مرتفعة مقارنة بالسيارات الأخرى، وشركات السيارات الأوروبية خفضت بالفعل من مستوى إنتاجها من المركبات التي تعمل بوقود الديزل (المازوت) الذي يعد أكثر أنواع الوقود المسببة للتلوث ويرفع مستوى الكربون في الأجواء. وارتفع عدد الحكومات التي تفرض رسوما على دخول السيارات التي تعمل بالديزل إلى وسط المدن، في حين منعت السيارات القديمة منها من الوصول إلى مراكز المدن نفسها. وبالطبع ترى شركات صناعة السيارات أنها لا بد من مواكبة التشريعات الجديدة التي لا تتوقف عن الصدور، ليس انطلاقا منها لحماية البيئة فقط وما شابه ذلك، بل لكيلا تفقد حصتها السوقية من السوق أيضا. وصارت في الأعوام القليلة الماضية مسألة احترام الشركات للبيئة، بصرف النظر عن الميادين التي تعمل فيها، أساسا من عمليات التسويق التي تقوم بها لمنتجاتها وخدماتها. ووفق ما يجري على الأرض، فمن المتوقع أن تصل أنواع السيارات الكهربائية التي ستطرح في السوق الأوروبية بنهاية العام الجاري إلى 175 طرازا، ارتفاعا من 60 طرازا في الوقت الراهن. وهناك تقديرات على أن العدد سيصل إلى 300 طراز بحلول 2025. وهي نسبة عالية بالفعل، ما يعزز سياسات الحكومات الأوروبية بهذا الخصوص. ولا شك أن القوانين الأوروبية الخاصة بالبيئة أسهمت خلال الأعوام القليلة الماضية في انخفاض وتيرة مبيعات السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، ومن الأسباب الأخرى لهذا الانخفاض أن أسعار الوقود ترتفع سنويا بسبب زيادة الضرائب عليها وخصوصا الديزل. وعلى هذا الأساس، فإن العقد الحالي سيشهد تطورات جذرية في هذا الميدان، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن السيارات التي تعمل بالوقود ستنتهي بحلول 2040، كما تشير إلى ذلك بعض الأبحاث الخاصة بالبيئة، وصناعة المركبات عموما. فعلى سبيل المثال، تشهد بريطانيا ارتفاعا كبيرا في مبيعات السيارات الكهربائية، وحولت لندن نسبة من مركبات النقل العام للعمل بالكهرباء، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة في نهاية العام الحالي إلى أكثر من 130 ألف سيارة ومركبة. إنها تحولات كبيرة تجري على الساحة الأوروبية في هذا النطاق الحيوي، علما بأن السيارات الكهربائية الأمريكية لم تستطع أن تحظى بحصة كبيرة في السوق الأوروبية، لأسباب تتعلق أولا وأخيرا بارتفاع أسعارها بصورة كبيرة للغاية.
مشاركة :