تصبح بريطانيا اليوم أول دولة تغادر الاتحاد الأوروبي لتنهي بذلك علاقة استمرت 47 عاما، في انفصال تاريخي سيحتفل به مناصرو بريكست فيما يثير مشاعر حزن لدى مؤيدي أوروبا، يأتي هذا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الانقسامات والتقلبات. في البرلمان الأوروبي من كتلة الاشتراكيين والديمقراطين خلال مراسم توديع بريطانيا للآتحاد الاوروبي يوم الاربعاء 29 يناير 2020 بعد إرجاء بريكست ثلاث مرات، يرتقب أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اليوم (الجمعة 31 كانون الثاني/ يناير 2020) عند الساعة 23,00 بتوقيت لندن وتوقيت غرينيتش بعد ثلاث سنوات ونصف السنة على تصويت 52% من البريطانيين لصالح الخروج في استفتاء عام 2016. لكن هذه النهاية ليست سوى بداية فصل ثان من مسلسل بريكست الطويل، وهو المفاوضات المعقدة حول العلاقات التي ستربط لندن وبروكسل بعد المرحلة الانتقالية التي تنتهي في 31 كانون الاول/ديسمبر. بداية مسيرة المفاوضات كما ستدخل بريطانيا في مفاوضات موازية مع الحليف الأميركي التاريخي، بعدما أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب حماسة لهذا الانفصال معتبرا انه يشكل آفاقا اقتصادية جديدة. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقتطفات من الخطاب الذي سيلقيه للامة قبل ساعة من خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وزعها مكتبه "إنّها ليست نهاية، بل بداية. حان الوقت لتجديدٍ حقيقيّ ولتغيير وطنيّ". وجونسون أبرز الشخصيات التي كانت وراء بريكست، والذي انتخب بغالبية كبرى في كانون الاول/ديسمبر على أساس وعد بإنجاز هذه الخطوة، يرغب في "توحيد" البلاد من أجل التمكن من المضي قدما. لكن المهمة تبدو صعبة، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "يوغوف" أن 30% فقط من مناصري البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي قبلوا الانفصال. يوم تاريخي تسمه العودة إلى جواز السفر الأزرق الجمعة يوم تاريخي لكنه لن يؤدي مباشرة الى تغييرات كبرى ملموسة باستثناء العودة إلى جواز السفر الازرق وليس جواز السفر الاوروبي الخمري اللون وإغلاق وزارة بريكست التي لم يعد لها داع. ولكي يمر الانفصال بهدوء ستواصل بريطانيا تطبيق القواعد الأوروبية خلال الفترة الانتقالية. وقال جيل راتر من مركز الأبحاث "معهد الحوكمة" لوكالة فرانس برس إن "بريطانيا تغادر كل المؤسسات السياسية الأوروبية" مضيفا "لكن بالنسبة للناس العاديين والشركات، لا شيء سيتغير". لكن هذا لا يمنع أشد أنصار الخروج من الاتحاد وفي مقدمهم نايغل فاراج الشخصية الأساسية في بريكست، من الاحتفال بتحقق حلمهم أخيرا. ويعتزمون تنظيم حفل أمام البرلمان. في المقابل، يعتزم النائب الأوروبي السابق الليبرالي الديموقراطي انطوني هوك رفع لافتة في دوفر بطول 150 مترا تعبر عن محبته لأوروبا وكتب عليها "نحن نحب دائما الاتحاد الاوروبي". وفي اسكتلندا المؤيدة لأوروبا وحيث أثار موضوع بريكست النزعات القديمة للاستقلال عن المملكة المتحدة، سيبقى العلم الأوروبي يرفرف فوق البرلمان. ويشكل تحويل بريكست إلى خطوة ملموسة انتصارا لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي نجح حيث فشلت سلفه تيريزا ماي التي خاضت مفاوضات طويلة وصعبة مع الاتحاد الأوروبي ولم تتمكن في اقناع البرلمان بتمرير الاتفاق. وبعدما أعاد التفاوض على النص في الخريف مع بروكسل، تمكن رئيس بلدية لندن السابق من تمريره في البرلمان في نهاية كانون الثاني/ يناير بسبب حصوله على غالبية قوية في البرلمان قبل أن يصادق عليه البرلمان الأوروبي في جلسة كانت مؤثرة جدا للنواب البريطانيين الاوروبيين عند رحيلهم. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الأربعاء "سنحبكم دائما وسنكون دائما قريبين منكم وسنفتقدكم". من جهته، أعلن كبير المفاوضين الأوروبيين حول بريكست ميشال بارنييه الذي بات مكلفا المباحثات حول العلاقة المستقبلية مع لندن "أشعر بالأسف لأن بريطانيا اختارت الانعزال بدل التضامن. أنه بالطبع يوم حزين ودراماتيكي. يساهم ذلك في إضعاف الجانبين". م.م/ح.ز (أ ف ب)
مشاركة :