حث رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة المواطنين على اغتنام “الفرصة التاريخية” للإعلان الرسمي عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد بقائها 47 عاما كعضو داخل التكتل. وقبل أن يتم الإعلان الرسمي عن خروج المملكة قالت الحكومة في بيان لها إن جونسون يدعو الأمة البريطانية إلى مساعدته على “إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لخدمة هذا البلد والارتقاء بالمملكة المتحدة بأكملها”. وبالتوازي مع بيان الحكومة الذي رأى فيه مراقبون دعوة لعموم البريطانيين إلى الإسهام في نجاح مرحلة ما بعد بريكست نظم الآلاف من المناهضين لمؤسسات وسياسات الاتحاد الأوروبي احتفالات في لندن ومدن أخرى بمناسبة التخلص من معضلة بريكست. وتنطلق الآن مرحلة انتقالية تبلغ مدتها 11 شهرًا، حيث ستسعى كل من لندن وبروكسل إلى التفاوض بشأن علاقة مستقبلية تشمل التعاون التجاري والأمني والسياسي. ويحذر مسؤولون في بروكسل من أن الجدول الزمني طموح للغاية. ولكن على عكس المسؤولين الأوروبيين، شدّد جونسون على عدم نيته إجراء تمديد للمرحلة الانتقالية. وقال جونسون في خطابه “مهمتنا كحكومة، وهي وظيفتي، هي جمع هذا البلد ودفعنا إلى الأمام”. وأضاف جونسون “أن الشيء الأكثر أهمية الذي أود أن أوضحه أن هذه الليلة ليست نهاية بل بداية”، في إشارة إلى خروج المملكة من التكتل الأوروبي. وتابع قائلا “إنها اللحظة التي يبزغ فيها الفجر ويرتفع فيها الستار، إنها لحظة تجديد وطني حقيقي وتغيير ومن المقرر أن يرأس جونسون في وقت لاحق اجتماعًا خاصًا لمجلس الوزراء في مدينة سندرلاند شمال شرق إنجلترا، وهو أول مكان شهد تصويت الأغلبية لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016. وأشارت الحكومة البريطانية إلى أن اجتماع مجلس الوزراء سيناقش “خطة جونسون للارتقاء بالبلاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكيف تخطط هذه الحكومة لنشر الرخاء والفرص عبر اتحادنا العظيم في إنجلترا وأسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية”. ولكن يبدو أن جونسون سيواجه عقبات كثيرة أمامه في سبيل تحقيق ذلك. ومن المنتظر أن تعود النزعات الانفصالية إلى الواجهة بعد مغادرة المملكة للاتحاد الأوروبي رسميا حيث تتشبث كل من أسكتلندا وأيرلندا الشمالية بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي وبتنظيم استفتاء لتحقيق استقلالهما عن المملكة وهو ما يرفضه جونسون بشدة. وكان 52 في المئة من الناخبين في جميع أنحاء المملكة قد صوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016، ولكن كانت هناك أغلبية في أسكتلندا وأيرلندا الشمالية تطالب بالبقاء داخل التكتل. وكانت المملكة المتحدة قد تمكنت الخميس من إنهاء عضويتها في الاتحاد الأوروبي بعد أن عاشت ثلاث سنوات على وقع انقسامات سياسية عميقة، ولن يتبقى أمام لندن الآن سوى التفاوض بشأن مستقبل العلاقة مع الاتحاد الذي خسر واحدا من أبرز أعضائه. ورغم مغادرة المملكة المتحدة التي ستكلف التكتل الكثير خاصة ماديا، يسود التفاؤلُ الأوساطَ الأوروبية. وأثنى رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي على ما وصفوه بـ “أوروبا على عتبة عصر جديد”، مذكرين المملكة المتحدة بأنّها ستخسر “مكتسبات” الدولة العضو، وذلك في رسالة نُشرت الجمعة، قبيل إتمام الطلاق بين الطرفين. وأعرب شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية وديفيد ساسولي رئيس البرلمان الأوروبي في بيان مشترك لهم عن “الاستعداد للانخراط في شراكة جديدة مع جيران الضفة الأخرى من بحر المانش”. وقالوا “بالنسبة إلينا، كما بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص، ستكون لحظات الطلاق حتما مدعاة تأمل وستتسم بمشاعر مختلطة”. ودخل بريكست حيز التنفيذ عند منتصف الليل، وبذلك أوفت لندن بتعهدها بإتمام تنفيذ بريكست في موعده بعد أن تم إرجاء الخروج في أكثر من مرة. وفي الوقت الذي ستبدأ فيه مرحلة المفاوضات مع لندن يحذّر المسؤولون الثلاثة من أنّه “في غياب شروط عادلة في مجالات البيئة والعمل والنظام الضريبي ومنح الدولة، لا يمكن أن تكون ثمة فرص واسعة للوصول إلى السوق الموحدة”. وذكّر هؤلاء، في رسالة أشبه بالتحذير للدول التي ستفكر في الانسحاب من التكتل، بأنّه “لا يمكن الحفاظ على المكتسبات المنشودة من مكانة العضوية حين نفتقد هذه الصفة”. وينبغي على المفوضية الأوروبية التفاوض مع لندن بشأن علاقة ما بعد بريكست بدءا من بداية مارس، أي خلال الفترة الانتقالية. وأضاف المسؤولون الأوروبيون أنه “بالرغم من انتفاء العضوية ضمن الاتحاد الأوروبي، فإنّ المملكة المتحدة ستبقى جزءا من أوروبا. واعتبروا أن في أعقاب بريكست “ستواصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي توحيد الجهود وبناء مستقبل مشترك، لا يمكن لأي بلد بمفرده احتواء تطوّر التغير المناخي، وإيجاد حلول على صعيد المستقبل الرقمي أو إسماع صوته في خضم انعدام التناغم المتنامي الذي يحكم العالم”. وأعلن كبير المفاوضين الأوروبيين بشأن بريكست ميشال بارنييه الذي بات مكلفا حاليا بالمباحثات حول العلاقة المستقبلية مع لندن “أتأسّف على اختيار بريطانيا الانعزال بدل التضامن الأوروبي. إنه بالطبع يوم حزين ودراماتيكي. يساهم ذلك في إضعاف الجانبين”.
مشاركة :