ننشر نص كلمة أبو الغيط في اجتماع وزراء الخارجية العرب

  • 2/1/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

طالب أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية ببلورة موقف عربيّ جماعي من الطرح الأمريكي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما أعلن عنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.جاء ذلك خلال كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب المنعقد الآن بمقر الجامعة العربية بحضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس.وقال أبو الغيط إن قضية على هذه الدرجة من الخطورة والأهمية للعالم العربي تقتضي أن يكون موقفنا الجماعي على ذات المستوى من الجدية والشعور بالمسئولية، ففلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، ولم تكن كذلك في أي وقت، ولن تكون، فهي قضية عربية تهم العرب جميعًا وتجمع شملهم من المحيط إلى الخليج، واجتماعنا اليوم هو، في معناه ورسالته، وقفة تضامن معالفلسطينيين، شعبًا وقيادة.وأضاف: "نحن اليوم نبعث برسالةٍ للعالم أجمع بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم ، وأن القرار الفلسطيني الحُر، له ظهير عربي مساندٌ في كل حال، وداعم في كل حين. كما قال أبو الغيط: "ولتسمحوا لي أن أسجل هنا أربع ملاحظات مختصرة على الخطة الأمريكية: الأولى أن العرب يأخذون كل مقترح للسلام، من أي طرفٍ كان، بالجدية الكاملة وبروح المسئولية، لأن إنهاء الصراع مع إسرائيل هو مصلحة فلسطينية وعربية مؤكدة، ولكم طالبنا الإدارة الأمريكية وغيرها من الأطراف بانخراطٍ أكبر لدفع الطرفين للتفاوض، وبعمل أكثر من أجل توضيح نهايةالطريق ومحددات التفاوض حتى لا تدور المحادثات في دائرة عبثية من تفاوض لا ينتهي، ولكننا-وبكل صراحة- لم نكن نتوقع أن تكون "النهاية المُقترحة للطريق" مخيبة للآمال ومجافية للإنصاف على النحو الذي صدر، وكانت الإشارات واضحة  منذ الاعتراف الأمريكي بالقدسعاصمة لإسرائيل منذ نحو عامين، إلى غير ذلك من الإجراءات والسياسات والمواقف الأمريكيةالتي شكّلت –في مجموعها- ضغطًا غير مسبوق على الفلسطينيين، وسبق لهذا المجلس أن رفضهذه المواقف في حينه، أقول إن الإشارات كانت واضحة، ولكن الحقيقة أن الطرح الأمريكي الأخير،والمدعوم إسرائيليًا، قد كشف عن تحولٍ حاد في السياسة الأمريكية المستقرة تجاه الصراعالفلسطيني -الإسرائيلي وكيفية تسويته، وهو أمرٌ يُشكل مصدر انزعاج وقلق شديد بالنسبة لنا،ونرى أن هذا التحول في محددات الموقف الأمريكي-التي تشكلت منذ بدء مسيرة التسويةالسلمية في  مؤتمر مدريد (1991)- لا يصب في صالح السلام أو الحل الدائم والعادل".وأضاف أبو الغيط أن الملاحظة الثانية: أن السياق الذي طُرحت فيه الخطة الأمريكية، وتوقيتطرحها يُثير علامات استفهام في أقل تقدير، لكي لا نقول الريبة والتشكك، وكنا نتوقع ونتمنى ألاتخرج تسوية تاريخية على هذا القدر من الخطورة والأهمية، على حد قول الرئيس الأمريكي، بالصورة التي خرجت بها، وكأنها محصلة تفاوض بين الوسيط وأحد طرفي النزاع، بل وكأنهامنحة من الوسيط إلى هذا الطرف بالتحديد، لقد كان في طرح الخطة على هذا النحو رسالةسلبية للرأي العام أثرت على استقباله للخطة ومضمونها.وقال: "الملاحظة الثالثة: إنني وإن كنتُ لا أرغب في  أن أناقش تفاصيل الخطة الأمريكية، إلا أننيأكتفي فقط بالقول إننا كعرب لسنا متشنجين أو من أنصار المواقف العنترية، نحن لا نزايد أونتاجر بقضايانا مثل آخرين، بل ندرس بعمقٍ وتأنٍ كامل ما يُطرح علينا، واضعين نصب أعيننامستقبل أبنائنا وحكم التاريخ علينا، ومن حقنا أيضًا أن نقبل أو نرفض، من حقنا يقينًا أن نُقدمطرحنا ورؤيتنا (كما فعلنا منذ 18 عامًا في مبادرة السلام العربية)، وإلا كان المقترح الأمريكي – في حقيقته وجوهره- يمثل إملاءاتٍ أو عرضًا لا يُمكن رفضه أو حتى مناقشته، وسيكون الأمر فيهذه الحالة منافيًا لأبسط مبادئ العدالة والإنصاف، بل ومجافيًا للمنطق وطبيعة الأشياء".وأضاف: "وهو ما يقودني إلى الملاحظة الأخيرة، فهناك ما يُشير للأسف إلى أن الطرفالإسرائيلي يفهم الخطة الأمريكية بمعنى الهبة أو العطية التي يتعين اغتنامها والاستحواذعليها، وهناك ما يؤكد أن اليمين الإسرائيلي يعتبر الطرح الأمريكي ضوءً أخضر للمُضي فيخطة طالما تبناها وحلم بتنفيذها، وهي ضم المستوطنات كلها وغور الأردن بأكمله، والانفصالأحاديًا عن بقية الأراضي المحتلة في الضفة، ومعنى ذلك أن تكون نتيجة هذا الطرح الأمريكي هياستدامة الاحتلال مع إضفاء الشرعية عليه، وهي نتيجة لا أظن أبدًا أن هذه الإدارة الأمريكيةتسعى إليها، أو أن المجتمع الدولي يُقر بها".كما قال أبو الغيط: "ولهذا فإننا نجتمع اليوم ليس فقط لتقييم الطرح الأمريكي، وإنما أيضًالمناقشة وبحث ما يُمكن أن يترتب على هذا الطرح من آثار وتبعات سلبية على الأرض،والانعكاسات المحتملة لهذا الطرح على واقع معيشة الفلسطينيين ومستقبلهم".وأكد أبو الغيط أن الفلسطينيين يرفضون الوضع الحالي لأنه لا يُلبي تطلعاتهم ويضعهم فعليًاتحت احتلال، وسيكون من قبيل العبث أن تُفضي خطة للسلام إلى تكريس هذا الاحتلالوشرعنته، وأن يؤدي طرحٌ يُفترض أنه يقوم على فكرة الدولتين إلى وضع يقترب من وضع الدولةالواحدة التي تضم فئتين من المواطنين، أي وضع "أبارتايد" يكون فيه الفلسطينيون مواطنين منالدرجة الثانية، محرومين من أبسط حقوق المواطنة، وهو وضع نبذه العالم منذ زمن، ولم يعد لهمكان في المستقبل، قائلًا: "وأقول بصراحة إن تطبيقه لا يخدم حتى الجانب الإسرائيلي، إذ تقفاعتبارات الديموغرافيا بوضوح في صف الفلسطينيين على المدى الطويل".وأشار إلى أن هذه السيناريوهات لا تجلب استقرارًا أو تقيم سلامًا، بل تضع بذور مائة عام أخرىمن الصراع والمعاناة، وأرى أن البديل المنطقي والآمن ما زال في أيدينا لو صحت النوايا، لابد أنيتفاوض الطرفان بنفسيهما من أجل الوصول إلى حل يستطيع كلٌ منهما التعايش معه والقبولبه، لا يُمكن أن تكون نقطة البداية لهذا التفاوض هي الحد الأقصى لمطالب طرف، والتجاهل الكامللرؤية الطرف الآخر، لا يُمكن أن تكون خطوط الحل، بل وتفاصيله، مفروضة فرضًا ومقررة سلفًا،فعلام يكون التفاوض إذن، إن كان الأمرُ كله قد أُقر والحدود رُسمت، والتفاصيل حُسمت؟!، المطلوبوالمأمول هو أن يبدأ التفاوض على أساس صحيح ومتكافئ، يأخذ في الاعتبار مطالب الطرفين،وتطلعات الطرفين، أو على الأقل الحد الأدنى من هذه المطالب والتطلعات، في ضوء تجاربالتفاوض السابقة، وجولات المحادثات المتعددة التي تحمل بين طياتها خطوط الحل وصورةالتسوية النهائية بنسبة تقترب من 90%، وبما يأخذ في الاعتبار مبادئ القانون الدولي والقراراتالأممية، وأسس العدالة والإنصاف، قائلًا إن تفاوضًا  على هذا الأساس هو السبيل الوحيد إلىتسوية عادلة، وقابلة للبقاء.واختتم أبو الغيط كلمته بقوله: "وأقول في الختام، إن التحديات التي تطرحها علينا الخُطةالأمريكية لابد وأن تدفع الإخوة الفلسطينيين إلى العمل بأقصى سرعة على سد الثغرة الخطيرةالتي ما برحت تنخر في بنيان العمل الوطني، والسعي بكل سبيل إلى رأب هذا الصدع الذيخصم من النضال الفلسطيني لما يربو على ثلاثة عشر عامًا كاملة من الانقسام الداخلي، لقد آنلهذا الانقسام البغيض أن يُفارقنا إلى غير رجعة، فالتحديات المتسارعة تواجه الفلسطينيينجميعًا، ولا ينبغي أن يواجهوها منقسمين متفرقين".وأضاف: "أن هناك إشارات أولية إيجابية لمساعٍ من أجل لملمة الشمل، ونرجو أن تُثمر هذهالمساعي في أقرب وقت، فالرأي العام العربي، يرغب في طي هذه الصفحة اليوم قبل الغد".

مشاركة :