ظل قلبه عالقًا بالفن رغم بُعد مجال دراسته عنه، فمؤهله المتوسط لم يمنع تميزه فيما يحاول الملتحقون بكليات الفنون الجميلة الوصول إليه، مبتعدًا بخياله إلى منطقة قلما يُبدع فيها الآخرون، وهو ما جذب إليه الأنظار داخل محافظة الجيزة، بالتحديد فى منطقة المريوطية. أمام كوبرى ترسا الصغير اتخذ صاحب الـ27 عامًا إبراهيم صلاح مكانه لإبداع أجمل التحف الفنية، راغبًا فى تصميم تمثال للقط الفرعونى القديم مستعملًا الخردة، راغبًا فى تقديم مزيج يجمع بين الحضارة المصرية، بموجب تواجده فى منطقة الهرم، وشق أسلوبا جديدا فى مجال النحت. «صلاح» حاصل على دبلوم صناعى متخصصًا فى قسم السيارات، وكحال أبناء جيله لم يعمل فى مجاله، ومن هنا وجه جهوده لهوايته فى النحت، والتى سعى إلى تطوير نفسه فيها حتى تكون مصدرًا للدخل، ليس فقط لإشباع رغبته فى ممارسة هذا النشاط. قبل تطرق «صلاح» فى الحديث عن آخر أعماله، والتى من المنتظر أن ينتهى منها خلال أيام، عاد بذاكرته إلى 8 أعوام ماضية، قائلًا لـ«المصرى لايت» إنه تعلم صنعته عن طريق الإنترنت، وحضر عدة ورش لصنع هذه الأعمال. بموجب ما تعلمه سعى «صلاح» إلى التطبيق عمليًا، فصمم جدارية لزميل له، صانعًا مجسمات بخامات من الجبس والأسمنت، وما إن لقى إعجاب الأخير وسع نشاطه وتعرف على مهندسين عدة، ليستمر فى عمله مع أحدهم لفترة حتى فضّل الانفراد. حاول «صلاح» صقل موهبته فى النحت بالتعلم، فتقدم للدراسات الحرة بكلية الفنون الجميلة فى الزمالك، إلا أنه لم يستمر فيها سوى شهر واحد، مرجعًا هذا إلى الأعباء المادية التى لم يستطع تحملها. الأنماط الفنية التى أجادها «صلاح» أصبحت بمرور الوقت غير مطلوبة فى السوق، فسعى إلى فعل ما يخدم فكرة التطوير والبحث عن لون جديد، حتى جذبته الخردة حسب قوله. يرى «صلاح» أن الاختلاف بين الجداريات والتصميم بالخردة يتعلق فقط بالخامة، فاستعمال الأخيرة يتطلب منه جمع الشكل والشاسيه، وفى النهاية يصبح المظهر قريبًا من النحت بالجبس. يبدأ «صلاح» فى سرد مسيرته مع الخردة، راويًا أنه جمع قطعًا صغيرةً منها وصمم مقلمة مكتب، كما عمل على تحصيل ما يتبقى من الحديد كماسورة المياه، وصمم منها أشكالًا نالت إعجاب من حوله، على الجانب الآخر لم يخش من استعمال مواد اللحام، فيقول: «لابد من خوض التجربة وتتبع تعليمات الأمان والصيانة، ثم أبدأ فى التجريب العملى». تدرج «صلاح» من لحام القطع الصغيرة إلى الخردوات كبيرة الحجم، وما إن تمكن من هذا حاول مزجه بالحضارة المصرية القديمة، التى سعى إلى خدمتها بأكبر تمثال من الخردة حسب روايته، مجسدًا القط الفرعونى. ويبلغ ارتفاع التمثال، الذى بدأ «صلاح» العمل عليه قبل 25 يومًا، 5 أمتار، وبوزن يصل إلى 350 كيلوجرامًا، ولتدشينه جمع وِرَد المسامير الكبيرة والصغيرة بجانب الخردة والجنازير، وهو ما يكفل له خفض التكلفة المالية، مع إضفاء جمالية على المنظور الفنى. يهدف «صلاح» خلال الفترة المقبلة إلى العثور على قطعة أرض لإنشاء مركز للتوعية البيئية، بغرض إعادة تدوير البلاستيك والخردة وإطارات السيارات، فسبق له أن صنع من الأخيرة منضدة وكرسيًا.
مشاركة :