«مواهب من الناس الجميلين».. مساحة إبداع لأصحاب الهمم

  • 2/2/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بمزيج من الفرح والشغف بالتعلم والموهبة، يعمل طلاب إستوديو «مواهب من الناس الجميلين»، المخصص لأصحاب الهمم، في مجال الفن على أنواعه، يرسمون طاقات الحب، ويلونون الفرح، وينحتون مجسمات تشبه وجوههم النقية. ولا يقتصر تعلم الطلاب في الإستديو، الذي يقع في منطقة الفهيدي التاريخية على الفن، بل يتدرّبون على مفهوم الاستقلالية، ويكتسبون مهارات تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم في أمورهم الحياتية وتنقلاتهم، حتى إن بينهم من استطاع الحصول على وظيفة بفضل هذه التدريبات. أسست هذا الإستوديو غير الربحي، الهولندية فيمي ديماركر، بعد أن لاحظت شبه انعدام لوجود أصحاب الهمم في مختلف الأماكن العامة، وقالت في حديثها لـ«الإمارات اليوم»: «لاحظت غياب أصحاب الهمم، كما لو أنهم غير موجودين في الحياة، خصوصاً الفئة العمرية التي تخطت 16 عاماً، ومن هنا تبلورت لدي الفكرة، وأركز في هذا الإستوديو على تلقين وتعليم الطلاب ما هو أكثر من الفن، فهم يحتاجون إلى اكتساب مهارات تجعلهم مستقلين وقادرين على التنقل وممارسة حياتهم من دون الاعتماد على مساعدة من الأهل». ولفتت إلى أن تعليم الاستقلالية، جعلها تتلقى رسالة منذ مدة وجيزة من طالب كان في الإستديو، وبفضل التدريبات تمكن من إيجاد عمل في مقهى في باريس، بعد أن عاد إلى بلده فرنسا. وأشارت ديماركر إلى أن الإستديو يركز على ما هو أكثر من مهارات الفن، فالمكان يعطيهم الفرصة ليكونوا أشخاصاً متساويين مع أفراد المجتمع، فالمفهوم في الإستديو يرتبط بالتساوي في المجتمع، ومفهوم التقبل، وما هو أكثر من مسألة التسامح. وأوضحت أن «لديها أكثر من طالب عملوا في مقهى وأرادوا ان يطوروا من عملهم، وقد عملوا في مطاعم في فندق، ومنحوا عملاً بدوام كامل، وأقاموا في السكن الخاص بالفندق، وبالتالي كانوا يهتمون بكل تفاصيلهم، فالتقبل يعني التساوي». في الإستديو هناك 26 تلميذاً، من بينهم 18 تلميذاً يحضرون كل يوم، وهناك معلمون للفنون، و60 متطوّعاً يتناوبون على مساعدة الطلاب في الإستديو. ونوّهت ديماركر بأنه إلى جانب الفن، يتم تدريب الطلاب على التنقل على الطرقات، فبعد انضمامهم بفترة وتطوّرهم يتم تعليمهم كيفية استخدام المترو، مع التركيز على إرشادات السلامة على الطرقات. وأكدت أنها تحرص على تعليمهم كيفية بناء علاقات اجتماعية وصداقات على الصعيد الإنساني، وكيفية الحفاظ عليها، وذلك بتعويدهم على أن يتواصلوا مع الأصدقاء خلال الإجازة الأسبوعية عبر الهاتف، مشيرة إلى أنه حين نتحدث عن أصحاب الهمم البعض ينظر إليهم على أنهم أطفال، لكنهم في الواقع يعيشون الدورة الحياتية التي نعيشها، فهم يمرون بالمراهقة ويصبحون ناضجين، ويغرمون، ويرغبون في الزواج والإنجاب، موضحة أنهم «يعبرون كثيراً عن أحلامهم». وأشارت ديماركر إلى أنها تشدد على الالتزام بالدوام، حيث التوقيت اليومي للطلاب في الإستديو يبدأ من الثامنة والنصف صباحاً إلى الثانية والنصف ظهراً، لأن هذا الالتزام يمكنهم من الالتزام في حياتهم المستقبلية، خصوصاً في حال تمكنوا من الانخراط في الحياة المهنية. أما عن الصراعات التي يعيشونها، فقالت: «البعض منهم يعاني معوقات في الحياة، فمنهم من لم يستطع الاعتماد على نفسه بشكل كامل وتام، ولهذا فهم يمرون بفترات عصيبة أحياناً، أما تطوّرهم من خلال الإستديو فيختلف من طالب إلى آخر، وهذا يعتمد على الحالة العقلية، وعلى مدى قابليتهم، فالبعض يحتاج إلى شهور كي يتحسن، وفي بعض الأحيان يستغرق الموضوع سنوات مع طلاب آخرين». وعن المعارض الفنية، لفتت إلى أنهم يعرضون أعمال الطلاب في الإستديو، إلى جانب التعاون مع مجموعة من المعارض، فقد تم عرض بعض الأعمال في كوادرو غاليري، وكذلك في «ذا ورك شوب»، منوّهة بأن كل هذه الفعاليات والمعارض تقدم التوعية للمجتمع حول فئة أصحاب الهمم وقدراتهم، لأنه مازال هناك حاجة لمزيد من الوعي حولهم وعلى مستوى عالمي. وأضافت أنها وضعت في الإستديو مقهى صغيراً، يتيح للناس التعرف إليهم وتبادل الحديث معهم، وهذا يغير وجهة النظر حول مواهبهم الحقيقية. واستطاعت ديماركر أن تكسب ثقة أولياء أمورهم، من خلال عملها على شخصيات الطلاب، موضحة أنهم «لا يطرحون أي نوع من الأسئلة على المؤسسة تجاه أي فعاليات أو قرارات، وأنهم أرسلوا طالبين إلى هولندا لتقديم معرض فني، وكان أولياء الأمور مرحبين بذلك، فهذه الفعاليات والسفر وغيرها تجعل الطلاب مستقلين تماماً، وقادرين على تحمّل مسؤولية أنفسهم وجوازات سفرهم». سعيدون عبر عدد من الطلاب عن حبهم للفن والمكان، فقالت الإماراتية أسماء باقر عن الرسم وحبها للاستديو: «سعيدة وأحب الحضور للاستديو لأنني أتعلم الرسم والنحت، وبات لي أصدقاء هنا، وقدمت اللوحات وأتعلم على النحت الآن». ولفتت أسماء الى أنها تحب أن ترسم القلوب، فهي تعبر من خلالها عن حبها لأفراد من عائلتها قد غيبهم عنها الموت، مشيرة الى ان الألوان التي تختارها تتبع حالتها النفسية. أما الشاب باقر باقر فلفت الى انه عندما حضر الى الاستديو كان خجولا جدا، ولكنه تبدل مع مرور الوقت وبدأ يتنقل باستخدام المترو، فهو يرسم وينحت، ويحضر الى معرضه الخاص الذي سيقام بعد عدة شهور، والذي سيقدم خلاله لوحات ترصد جمال الاحصنة. أما الشاب فينايا فقد عبر عن سعادته منذ انضمامه الى الاستديو، مشيرا الى انه تدريب على الفن يُدرّس الفنان ألين مونغي الطلاب الفنون، خصوصاً النحت، ولفت إلى أنه يعتمد تقديم الكثير من التقنيات المختلفة، سواء في اللون أو النحت، موضحاً أنه يمكن للطلاب تعلم المهارات كما يتعلمون أي مهارة في العالم.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :