جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، رفضه القاطع ل«صفقة القرن»، مؤكداً أنه لن يقبل أن يسجل في تاريخه أنه تنازل عن مدينة القدس المحتلة أو القبول بها عاصمة ل«إسرائيل»، حتى لو اضطر لحل السُلطة الفلسطينية، وأكد أن الفلسطينيين «جاهزون» للدخول في مفاوضات برعاية الرباعية الدولية، وشدد على أنه لن يقبل أن تكون الولايات المتحدة راعياً وحيداً للسلام. جاء ذلك في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب المنعقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة، بطلب من فلسطين، لبحث «صفقة القرن». وقال عباس: «قالوا لي إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد أن يرسل لي الصفقة لأقرأها، فقلت لن أستلمها، ثم طلب ترامب أن أتحدث معه عبر الهاتف، فقلت لن أتكلم، وبعد ذلك قال (ترامب) إنه يريد إرسال رسالة لي، فرفضت استقبالها». وأضاف: «رفضت استلام الصفقة والتحدث مع ترامب وتسلم أيّ رسالة منه لأنه كان سيبني على ذلك للادعاء بأنه تشاور معنا». أعلن الرئيس الفلسطيني أنه أبلغ الولايات المتحدة و«إسرائيل» بإلغاء الاتفاقيات كافة معهما، بما في ذلك الاتفاقيات الأمنية. وقال: «وجهنا رسالة لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، وإلى وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي أيه)، أخبرناهم فيها بقطع العلاقات والاتفاقيات كافة معهما، بما فيها الأمنية، وأن على «إسرائيل» تحمل مسؤولياتها بصفتها دولة احتلال». وذكر أنه أورد في رسالته التي وجهها إلى نتنياهو والمخابرات الأمريكية: «أن خطة القرن سيكون لها تداعيات علينا وعليكم، ومن حقنا مواصلة نضالنا السلمي المشروع والعمل الشعبي السلمي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة بناء على الشرعية الدولية». وتابع: «الصفقة مرفوضة جملة وتفصيلاً، ولكننا ما زلنا نؤمن بالسلام وبثقافة السلام، على أن يتم إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف لتنفيذ القرارات الدولية (المتعلقة بالقضية الفلسطينية)، لكن دون وجود للصفقة بكل بنودها على الطاولة». وتابع: «بمجرد أن قالوا إن القدس تُضم ل «إسرائيل» لم أقبل بهذا الحل إطلاقاً، ولن أسجل على تاريخي ووطني أني بعت القدس أو تنازلت عنها، فالقدس ليست لي وحدي إنما لنا جميعاً»، في إشارة للدول العربية والإسلامية. وأضاف: «سبق أن قبلنا بإقامة دولة فلسطينية على 22 في المئة من فلسطين التاريخية والآن يطالبون ب 30 بالمئة من هذه المساحة المتبقية». وذكر أن الأمريكيين يريدون أن تكون عاصمة فلسطين في أبو ديس، وهي قرية صغيرة قرب القدس. وأشار إلى أن الولايات المتحدة و«إسرائيل» اشترطتا على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية «إسرائيل»، ليثبتوا حسن النوايا. وقال: «الأمريكيون يريدون مني القبول بضمّ القدس وتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وإلغاء حق العودة ونزع سلاح غزة». وخاطب عباس وزراء الخارجية العرب بالقول: «سنتحرك إلى جانب العديد من المنظمات الدولية، لتوضيح وجهة النظر الفلسطينية، ولا نريد منكم الوقوف في وجه أمريكا، وإنما تبني الموقف الفلسطيني». وقال عباس إنه التقى ترامب 4 مرات، وإن الوفد الأمريكي زار الأراضي الفلسطينية 37 مرة، إلا أن جميع هذه اللقاءات «لم تثمر عن شيء»، وشدد على أن ترامب «قدم وعوداً خلال لقاءات سابقة بحل القضية الفلسطينية، بشكل يتناسب مع الموقف الفلسطيني، لكنه تراجع عنها». وقال إن الولايات المتحدة و«إسرائيل» اشترطتا أن تكون فلسطين «دولة بلا سيادة»، مضيفا: «طلبوا الاعتراف بيهودية الدولة وبالقدس عاصمة ل «إسرائيل»، ونزع سلاح غزة وإلغاء حق العودة». وتابع: «كل يوم يهدمون بيوتاً فلسطينية بحجة البناء دون ترخيص، ويبنون مستوطنات. إنهم يخططون لإنهائنا خلال ال4 سنوات المقترحة في (صفقة القرن)». وتابع: «11 في المئة فقط من مساحة فلسطين التاريخية للفلسطينيين في خطة ترامب، إضافة للسيطرة الكاملة على كل ما هو غرب نهر الأردن». وأكد عباس على أن «الولايات المتحدة لم تعد دولة صديقة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الاتصالات ما زالت قائمة مع الكونجرس. وتابع: «لدي اعتقاد تام بأن ترامب بارك صفقة القرن دون أن يعرف عنها شيئا»، مشيرًا إلى أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي هو الذي عمل على إعداد الصفقة، ووصفه «بزوج البنت»، إضافة للسفير الأمريكي في «إسرائيل» ديفيد فريدمان ومبعوث ترامب السابق، جيسون جرينبلات. وأفاد أنه خلال اجتماعه مع ترامب أبلغه بأنه يؤمن بعدم جدوى السلاح، وأنه يريد بناء دولة فلسطينية منزوعة السلاح. ولفت عباس الى أنه خلال وجود نتنياهو في رئاسة الحكومة «الإسرائيلية»، لم يحدث أي تقدم بعملية السلام، معتبر أن الأخير «لا يؤمن بالسلام». وأضاف أنه «اعترفنا ب «إسرائيل» منذ عام 1988 بالمقابل اعترف (رئيس الوزراء اسحق) رابين بأن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، لكن الأمريكان لم يعترفوا بوجود الشعب الفلسطيني خلال المفاوضات طيلة سنوات. وشدد عباس على أن السلطة كانت شريكة في محاربة ما سماه الإرهاب العالمي. ووجه عباس حديثه للإدارة الأمريكية و«إسرائيل» لتوضيح مدى التزامه بالتعاون الأمني طيلة سنوات، قائلا إنه وفر معلومات أمنية لم يكن لأحد القدرة على توفيرها. وأضاف: لسنا عدميين ونبحث عن حل عادل لقضيتنا على أساس الشرعية الدولية، لكن لن نقبل أبداً أن تكون أمريكا وحدها وسيطاً لعملية السلام. (وكالات)
مشاركة :