بغداد أول فبراير 2020 (شينخوا) كلف الرئيس العراقي برهم صالح، اليوم (السبت) وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي، بتشكيل الحكومة الجديدة قبيل ساعات قليلة من انتهاء مهلة كان قد منحها للكتل السياسية لتقديم مرشح لرئاسة الوزراء. وحظي تكليف علاوي بتعهد أمريكي بالعمل مع حكومته وترحيب أممي. وقالت وكالة الأنباء العراقية (واع) المملوكة للحكومة، إن الرئيس برهم صالح، كلف اليوم السياسي محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة، دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل. ولم يصدر من الرئاسة العراقية حتي الآن أي بيان بشأن تكليف علاوي. لكن قناة ((العراقية)) المملوكة للدولة عرضت لقطات للرئيس العراقي، وهو يوقع كتاب التكليف ويسلمه إلى علاوي. وأعلن علاوي في كلمة تناقلتها وسائل الإعلام العراقية، تكليفه من قبل الرئيس برهم صالح، بتشكيل الحكومة. وخاطب علاوي في كلمته المتظاهرين، قائلا إنه "لولا شجاعتكم لما كان هناك تغيير في البلد، تحملتم الكثير وصبرتم كثيراً وأنا مؤمن بكم "، داعيا المتظاهرين إلى الاستمرار في التظاهرات. وأضاف "أنكم إن لم تكونوا معي سأكون وحدي ولن أستطيع فعل أي شيء"، وتابع "فخور بما عملتوه من أجل التغيير، وأنا الآن موظف لديكم وأحمل رسالة كبيرة، فلا ترجعوا إذا لم تأخذوا ما تريدوه، تظاهروا واهتفوا هذا بلدكم وهذا حقكم". ومضى علاوي قائلا "يجب أن نحميكم بدل أن نقمعكم، وسلاح الدولة يجب أن يرفع بوجه من رفع سلاحه عليكم، وابقوا لمحاسبة القتلة ونعوض أسر الشهداء ونعالج الجرحى ونرجع هيبة الدولة والقوات الأمنية ونصلح الاقتصاد ونحارب الفساد ونشكل الحكومة". ولوح علاوي بترك منصبه في حال فرضت الكتل السياسية أسماء للوزارات، قائلا "إذا فرضت الكتل السياسية مرشحيها فسأخرج وأتكلم معكم، وأترك هذا التكليف مثلما تركتم دراستكم من أجل الوطن فسأترك التكليف لأجلكم بما يمليه علي ضميري". وأضاف "أنتم خرجتم تطالبون بوطن وإذا لم أحقق مطالبكم فلا أستحق التكليف". ويشهد العراق منذ أول أكتوبر 2019 تظاهرات حاشدة تطالب بالإصلاح وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد والبطالة. ودفعت الاحتجاجات رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، إلى الاستقالة في نهاية نوفمبر الماضي ليخلفه علاوي. وفي وقت لاحق، تعهد علاوي في كلمة إلى الشعب العراقي بثتها قناة ((العراقية)) بتشكيل حكومة بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية والفئوية الضيقة تكون ممثلة لكافة الأطياف والثقافات المتنوعة للعراقيين. كما تعهد بالالتزام بإشراك الكفوئين من أبناء وبنات العراق في تشكيلة الحكومة. وقال "أعاهد الشعب على ألا أقبل بفرض أي مرشح من قبل القوى السياسية، وإذا ما تعرضت إلى الضغوط فسأصارحكم بذلك بكل وضوح". وتعهد علاوي بالعمل الحثيث للتهيئة لإجراء انتخابات مبكرة، بالتشاور مع الجهات ذات الصلة، بما فيها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والأمم المتحدة وحسب الآليات الدستورية والقوانين النافذة. وأكد حرصه على تشكيل فريق استشاري في مكتب رئيس الوزراء بمشاركة ممثلين من حراك المتظاهرين السلميين، داعيا إلى استمرار التظاهر السلمي الداعم للإصلاح حتى تتحقق المطالب المشروعة وتباشر الدولة بالعمل الإصلاحي الجاد. وقدم علاوي تعهدات بتحقيق الأمن، وحصر السلاح بيد الدولة، وحماية المتظاهرين السلميين وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وفقا للدستور والقانون والتنسيق مع السلطة القضائية، والامتناع عن استخدام الذخيرة الحية، وحظر إساءة استخدام الأسلحة غير الفتاكة مثل عبوات الغاز المسيل للدموع. وتضمنت تعهدات علاوي، حماية العراق من أي تدخل خارجي وعدم السماح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات والصراعات. ودعا المجتمع الدولي والإقليمي إلى أن يكون عونا للعراق في هذه المرحلة الحساسة. وأعلن الالتزام بتوفير أكبر قدر من فرص العمل للمواطنين من خلال البدء بمشاريع تنموية وصناعية وإنتاجية وسكنية، وإحداث نهضة استثمارية. وتعهد كذلك بالعمل الجاد على محاربة الفساد المتفشي وإحالة ملفات الفساد من دون تأخير إلى القضاء. وطالب علاوي بإطلاق حوار فوري مع المتظاهرين السلميين للعمل على تحقيق مطالبهم المشروعة وفقا للدستور والقانون، مؤكدا أنه سيشرف شخصيا على هذا الحوار. وأكد "أن دماء الشهداء من المتظاهرين والقوى الأمنية لن تذهب سدى"، مشيرا إلى أنه سيتابع ملفات التحقيق في أحداث التظاهرات ومحاسبة المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين السلميين وضد القوات الأمنية. ويأتي تكليف علاوي قبل ساعات من انتهاء مهلة حددها الرئيس العراقي للكتل السياسية لتقديم مرشح جديد أو استخدام صلاحياته لتكليف شخصية مستقلة ومقبولة برلمانيا وشعبيا لتشكيل الحكومة. ومحمد توفيق علاوي هو سياسي عراقي، ولد 1954 في العاصمة بغداد، وأنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في بغداد، والتحق بعدها في كلية الهندسة المعمارية بجامعة بغداد وفي السنة النهائية اضطر ان يترك الجامعة ويترك العراق إلى لبنان عام 1977. والتحق علاوي بالجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على شهادة البكالوريوس في هندسة العمارة عام 1980، وانتمى إلى حزب الدعوة الاسلامية ثم ترك الحزب فيما بعد. ودخل علاوي المعترك السياسي ضمن قائمة إياد علاوي الليبرالية منذ عام 2005. وانتخب عضواً لمجلس النواب العراقي منذ بداية عام 2006 حتى تعيينه وزيراً للاتصالات منذ أواسط عام 2006 حتى نهاية عام 2007. والتحق مرة أخرى بمجلس النواب عوضاً عن النائبة المتوفية عايدة عيسران عام 2008 حتى انتخابات عام 2010. وانتخب علاوي عام 2010 عضواً في مجلس النواب ثم تم تعيينه وزيراً للاتصالات نهاية عام 2010، وقدم استقالته من وزارة الاتصالات بسبب خلافه مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في نهاية عام 2012. وحظي تكليف علاوي بترحيب أممي. وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت، في بيان "لا يزال الطريق إلى الأمام محفوفا بالصعوبات، ويتطلب إحراز التقدمِ دعم جميع الجهات الفاعلة لعمل رئيس الوزراء المكلف خدمة للشعب العراقي". واعتبرت بلاسخارت أن تعهدات علاوي تلبي الكثير من مطالب المحتجين السلميين، قائلة "إن هذا يعد مؤشرا مشجعا وجديرا بالترحيب". وتعهدت بلاسخارت بمواصلة الأمم المتحدة دعم الشعب العراقي وحكومته لبناء عراق أكثر سلما وعدلا وازدهارا. وقالت السفارة الأمريكية في بغداد في بيان إن بلادها "ستعمل مع الحكومة الجديدة فور تشكيلها لتهيئة الظروف لعراق مستقر ومزدهر وذي سيادة". وأضافت "أن ترشيح محمد توفيق علاوي، كرئيس وزراء جديد للعراق يجب أن يتم متابعته بجهود حقيقية لضمان تحقيق هذا الهدف". على صعيد متصل، بحث رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، مع رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، تشكيل الحكومة الجديدة. وذكر بيان صادر عن مكتب الحلبوسي أنه التقى علاوي، وجرى خلال اللقاء التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة تتبنى الخطوات الإصلاحية وتضع برنامجا حكوميا واقعيا يلبي طموحات الشعب العراقي. بدوره، قال الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، في تغريدة على حسابه في (تويتر) "اليوم سيسجل في تاريخ العراق بأن الشعب هو من اختار رئيسا لوزرائه وليس الكتل.. وهذه خطوة جيدة ستتعزز بالمستقبل". وأضاف "نحن الثوار ملزمون بالاستمرار بالتظاهر السلمي من أجل إكمال الكابينة الوزراية المستقلة النابعة من الشعب وإلى الشعب". وأعرب الصدر عن أمله في ألا يستسلم علاوي للضغوطات الخارجية والداخلية، وأن يعلن برنامجه ويسرع في البدء بالانتخابات المبكرة، وأن يسعى إلى سيادة العراق واستقلاله، بما يحفظ للبلد مكانته وقراره وهيبة قواته الأمنية.
مشاركة :