هكذا يغير الفيروس المميت حياة الناس في الصين

  • 2/2/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طرأت تحولات كبيرة على أسلوب الحياة في الصين بعد تفشي الوباء الجديد الذي بدأ يتطور بشكل مختلف، إذ تحولت التجارة عبر الإنترنت وتطبيقات توصيل الطلبات المحلية إلى ممارسة معتادة في المدن الصينية، وبات بإمكان المواطنين القلقين بشأن الفيروس اختيار التسوق الرقمي بدلا من التوجه إلى متاجر مكتظة. ووفقا لتقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، فإنه عندما انتشر "سارس"، كان المستهلكون الصينيون لا يتسوقون إلا في متاجر ومراكز تسوق مباشرة من المحلات، إذ بلغت في 2003 نسبة التسوق عبر الإنترنت 0.07% فقط، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية. وأسفر فيروس كورونا المستجد الذي بدأ من وسط الصين عن وفاة 259 شخصا وإصابة آلاف، ما أعاد إلى الذاكرة وباء "سارس". وحصد "سارس" (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) الذي بدأ كذلك في الصين نحو 800 شخص حول العالم عامي 2002 و2003، وسط تنديدات بالحكومة الصينية لمحاولتها التعتيم على انتشار الوباء. وتغيرت طرق الحياة في الصين منذ "سارس"، وحول ارتفاع مستويات الدخل في الصين الدولة إلى أكبر مصدر للسياح إلى الخارج خلال العقد المنصرم، بحسب منظمة السياحة العالمية، وبات السياح الصينيون مصدرا ضخما لعائدات كثير من الدول. وبحسب أرقام وزارة السياحة، قام هؤلاء بنحو 150 مليون زيارة إلى الخارج في 2018، أي عشرة أضعاف الرحلات البالغ عددها 16.6 مليون، التي قاموا بها في 2002 بحسب صحيفة الاقتصادية. وعقّد الانتعاش في السفر جهود السيطرة على انتشار فيروس كورونا المستجد، بينما حضت السلطات المواطنين على تأجيل سفرهم إلى الخارج. وارتفع عدد الصينيين الذين يستخدمون الإنترنت من 68 مليونا في 2003 إلى 829 مليونا في 2018، بحسب الهيئة المعنية بالفضاء الإلكتروني في البلاد. وتسببت زيادة شعبية مواقع تواصل اجتماعي على غرار "ويبو" و"وي تشات" في انتشار المعلومات المضللة والنكات على حد سواء، إذ توجه المستخدمون إلى الإنترنت لمشاركة علاجات مزيفة للفيروس وفضح المسؤولين المحليين الذين يفتقدون الكفاءة. وتحولت الإنترنت كذلك إلى ساحة معركة بين السلطات الساعية للمحافظة على الاستقرار والمواطنين الذين يتهمون السلطات بالتعتيم على الوباء. واستدعت شرطة ووهان ثمانية أشخاص لتوبيخهم على خلفية نشرهم المفترض لمزاعم غير صحيحة على "وي تشات" بأن "سارس" عاد إلى الظهور في المدينة، بينما تمت معاقبة مئات الأشخاص في أنحاء البلاد على خلفية "نشر شائعات"، بحسب مجموعة "المدافعين الصينيين عن حقوق الإنسان". وتحولت الصين إلى دولة حضرية بمعظمها في 2011، مع تضاعف عدد النازحين داخليا في البلاد من 2005 حتى 2018 ليتجاوز 240 مليونا، وفق المكتب الوطني للإحصائيات. وتشهد الصين كل عام أكبر حركة سفر في العالم مع عودة الموظفين من المدن التي يعملون فيها لقضاء عيد رأس السنة في مدنهم وبلداتهم. وعقّد توقيت تفشي فيروس كورونا المستجد بالتزامن مع الاحتفالات برأس السنة الصينية جهود السيطرة على انتشاره. وأقامت السلطات نقاطا مخصصة لفحص درجات حرارة المسافرين في المطارات وفي محطات القطارات في أنحاء البلاد، بينما مددت العطلة الطويلة أصلا بيومين. وحُرم ملايين العمال المهاجرين من الوصول إلى أنظمة الرعاية الصحية العامة بفعل قواعد التسجيل المشددة في المدن. مع تزايد استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، تجمع الحكومة والشركات بيانات متزايدة عن تحركات الصينيين اليومية. وتعرضت بكين لانتقادات ازدادت حدتها لاستخدامها التكنولوجيا المتقدمة في الرقابة، انطلاقا من كاميرات أمنية للتعرف على الوجوه ووصولا إلى تطبيقات تستخدمها الشرطة لاستخراج البيانات الشخصية من الهواتف الذكية عند نقاط التفتيش. وأعلنت هيئة السكك الحديدية الصينية الخميس الماضي أنها شكلت فريقا أوكل بمهمة البحث في البيانات ومتابعة أقرب الأشخاص الذين على اتصال بركاب القطارات المصابين بالفيروس. من جهة أخرى، أعلنت شركة "آبل" الأميركية أنها ستغلق بشكل مؤقت جميع متاجرها ومكاتبها في البر الرئيس للصين وسط تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا، حسبما ذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أمس. ورجح بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس" أن يؤدي تفشي الفيروس القاتل إلى اقتطاع 0.4 نقطة مئوية من النمو الاقتصادي في الصين في 2020، ومن المحتمل أن يكون له أيضا تأثير سلبي بدرجة أقل على نمو الاقتصاد الأميركي. ويقدر البنك أن نمو الاقتصاد الأميركي سيتراجع 0.4 نقطة مئوية في الربع الأول، لكنه ذكر أن النمو من المرجح أن يتعافى في الربع الثاني "وهو ما سيؤدي إلى تراجع صاف صغير للنمو في أميركا في 2020 بكامله". وعدل غولدمان ساكس بالخفض من توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين هذا العام إلى 5.5% من 5.9%. وتسارعت حركة إغلاق المصارف في الصين، حيث أعلن بنك الصين "هونغ كونغ" إغلاق 49 من فروعه بداية من الأول من شباط (فبراير) لحين إشعار آخر، في ظل التدابير الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا الجديد ومكافحته. وسيواصل أكثر من 140 فرعا تقديم الخدمات المالية بشكل طبيعي، وكانت مجموعة "إتش.إس.بي.سي" المصرفية قد أعلنت إغلاق 24 من فروعها في هونج كونج لحين إشعار آخر، مشيرة إلى أنه تم إغلاق نحو 20 إلى 30% من فروعها جراء انتشار السلالة الجديدة من الفيروس. وعلى الرغم من زيادة عدد الوفيات والإصابات الجديدة، فإن اللهجة الواثقة التي تبنتها منظمة الصحة العالمية كانت كافية لوقف الاندفاع صوب الملاذات الآمنة، الذي أضر بالأسهم والعملات والسلع الأولية المنكشفة على الصين. ويترقب المستثمرون تفاصيل بشأن الفيروس نفسه، ومؤشرات على تباطؤ معدل انتشاره بهدف تقييم تكاليفه البشرية والاقتصادية. وذكر مسؤول ياباني أن الخطوط الجوية اليابانية "جابان إيرلاينز"، ثاني أكبر شركة طيران في البلاد، ألغت 25% من حجوزات رحلات الطيران إلى الصين في الأيام العشرة الفائتة، في ظل تنامي المخاوف بشأن وباء "كورونا".

مشاركة :